القتلة يُكَّرِمون قتلاهم!

القتلة يُكَّرِمون قتلاهم!

محمد سيف الدولة

[email protected]

ماذا يمكن أن تكون عليه مشاعرنا حين نرى العدو الصهيونى يحتفل باحياء ذكرى قتلاه الذين سقطوا اثناء مشاركتهم فى جرائم احتلال اوطاننا وابادة شعوبنا؟

فاليوم 14 ابريل ميلاديا الذى يوافق الرابع من (ايار) وفقا للتقويم العبرى، هو اليوم الذى اختاره كبيرهم “ديفيد بن جوريون” عام 1951 ليكون يوما لتكريم قتلاهم، والذى يحتفلون به كل عام ويطلقون عليه “يوم الذكرى”.

ووفقا لارقامهم الرسمية المعلنة هذ العام، فإن 23 ألفا و928 جنديا ومن أفراد الأمن قد قتلوا خلال خدمتهم الفعلية منذ 1860م عندما أنشأ السكان اليهود الأوائل في البلدة القديمة في القدس أحياء جديدة للمرة الأولى خارج أسوار المدينة، بالاضافة الى 3158 مدنيا قتلوا في هجمات، بينهم 120 أجنبيا منذ 1950 بعد الحرب الإسرائيلية العربية الأولى، حسب بيانات مؤسسة التأمين الوطني المسؤولة عن التعويضات. هذا هو نص الخبر المتداول على المواقع العبرية اليوم.

***

ان سماع مثل هذا النوع من الاخبار يثير العديد من الافكار والشجون:

· على رأسها بالطبع هو ان احتفالاتهم تجرى وتنطلق من فلسطين المحتلة؛ فهم لا يزالون هناك يحتلون ويستوطنون ويقتلون ويعيشون ويسيطرون ويحتفلون.

· كما ان عدد قتلاهم الذى لا يتعدى 25 الف صهيونى (وفقا لاحصائيتهم) على امتداد ما يزيد عن “قرن ونصف” هو عدد شديد الضآلة اذا تم قياسه او مقارنته بالخسائر الفادحة والمآسى الكبرى التى أصابتنا منذ بدايات العدوان ونتيجة له؛ بدءا بعدد شهدائنا الذى بلغ حتى اليوم حوالى 150 الى 200 الف شهيد فلسطينى وعربى على اقل تقدير منذ 1948 وحدها، بالاضافة الى طرد وتشريد 800 ألف فلسطيني في عام 1948، ونزوح أكثر من 200 ألف آخرين، غالبيتهم الى الأردن، بعد حرب 1967 وما يزيد عن مليون حالة اسر واعتقال حتى اليوم…الخ

· ولكن الخسارة الاكبر بطبيعة الحال هى خسارة الارض فى فلسطين والجولان (الى حين باذن الله)، وانكسار الارادة وضياع الاستقلال واعادة تشكيل الواقع الرسمى العربى على مقاس أمن (اسرائيل) ومصالح الولايات المتحدة.

***

ما الذى مكن 7 مليون مغتصب صهيونى وافد، من تحقيق كل هذه الهيمنة والانتصارات على امة عريقة يزيد تعدادها على 400 مليون؟

لا يصح ولا يليق التذرع بالانحياز والدعم والحماية الامريكية والدولية لدولة الكيان، لتفسير اسباب الهزيمة والاستسلام العربى الرسمى، فهناك امم وشعوب لم تنكسر ولم تسقط امام تحديات وتهديدات وموازين قوى لا تقل خطورة عن ظروفنا.

وانما علينا ان نتصدى للاجابة على السؤال الأهم على وجه الاطلاق وهو: “لماذا لم ننجح فى تحرير فلسطين وتطهير المنطقة من المشروع الصهيونى على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمان، رغم تغير الظروف وموازين القوى الدولية وصعود وسقوط انظمة حكم عربية من كل صنف ولون؟

وما الذى يمكن ان تقدمه وتضيفه الاجيال الجديدة من قوى وحركات المقاومة الفلسطينية والعربية، من رؤى واستراتيجيات وحلول ومعارك مختلفة ومتميزة لكى تتجنب تكرار ذات الفشل الذى طال الاباء والأجداد على امتداد أربعة اجيال كاملة؟

*****

القاهرة فى 14 ابريل 2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here