محطة رقم 8 الفرزة الرابعة

محطة رقم 8 الفرزة الرابعة
وهنا سؤال يَطرح نفسه عن كيفية تعامل الحكومات المتعاقبة العراقية مع الحزب الشيوعي وما هو الدور
الذي اتخذته القيادات الشيوعيه للتصدي لها ؟؟؟
لقد سبق ان ذكرتُ في المحطة السابعة وفي الفرزة السابعة بداية نشوء الحزب الشيوعي والافكار الاشتراكية
في العراق وانه بدأ من الناصرية والبصرة على يد سكرتيره العام يوسف سلمان يوسف والمُسمّى جزبيًا بفهد وأنّهُ
وعائلته المسيحية نزحوا من برطلّه التابعة الى الموصل ليُقيموا في البصرة لغرض الارتزاق ولديهم معمل ثلج
في الناصرية يُديره أخوه وانه قد تم القبض عليه ومعه زكي خيري / حازم / وعزيز عبد الهادي/ في جانب الكرخ
في بيت ابراهيم ناجي شُميل/ على موعد ولقاء بزعيم حزب الاحرار سعد صالح وهذا اللقاء قريب من المقر
الخاص لوزير الداخلية .
وهنا لي وقفة تحليلية للموقف اختلف بها عما هو مكتوب في الويكيبيديا على انّ فهد كان لا يتحفظ في
خروجه وانه كثير الحركة والتنقل من أجل توحيد جبهة شعبية قوية وانّي لا أتقاطع مع هذا القول في تحليلي
لكنّي أتوقع أمرًا لم يؤخذ بالحسبان وهو ان في داخل القيادة مَنْ اخبر بالاجتماع وهذا الاحتمال هو ما ابني
عليه في حصول الواقعة الا أنّه لم يُذكر لسببين الاول ان الذين يعرفون الحقيقة من الشيوعيين يستحون من
التصريح بالحقيقة خوفًا على سمعة الحزب من ان تتشوه امام الناس وآخرون منهم مدسوسون لكي تبقى
الامور غامضة ويبقى اللعب باوراق الذين يختارونهم ليكونوا الضحايا ومدار اللعبة عليهم ومنهم مَنْ يعتبر
أنَّ كل منتسب للشيوعية هو من صفوة الناس وأنّ القيادة الشيوعية هي الصفوة المقدسة وهذه القُدسية
نراها الى يومنا هذا في كل احزابنا بالعراق .
واني اوجه اصبع الاتهام الى واحد من الاثنين إمّا ابراهيم ناجي شُمّيل هو المخبر أو عزيز عبد الهادي وقد
تكون عمليةً مشتركةً بين جهاز المخابرات وبين الاثنين وهذه قناعتي الا اذا ظهرت دلائل اخرى تبين ما حصل
الى ابراهيم ناجي وعزيز عبد الهادي بعد القاء القبض على فهد وحازم وقد تقصيتُ عمّا حصل لابراهيم وعزيز
فلم أجد لهما من خبر ولم أجد رابعًا مع الثلاثة الذين حُوكِمُوا وأُعْدِموا وهم فهد وحازم وصارم الذي لم يكن
حاضرًا الاجتماع وكان المفروض ان يكون ابراهيم وعزيز من ضمن الحاضرين للمحاكمة على اقل تقدير .
وسأذكر بعض اسماء المخبرين السريين الذي كانوا في قيادة الحزب في مدينتي الكوت .
أمّا عن موقف الشيوعيين فقد وصَموا الزعيم بالارعن والدكتاتور ووقفوا مع البرزاني في حركته وشجبوا
الاعمال الوحشية للزعيم في تعامله معها وقد سالت دماء العراقيين من المخدوعين بهذه الحركة وزعيمها
الملا مصطفى وأيدوا حركة الانفصال وهنا نسي الزعيم مفهوم الرحمة فوق العدل الذي قاله وطبقه مع
المتآمرين عليه فتعامل بكل قسوة مما تسبب في تشريد الابرياء من القُرى الكردية وازهاق ارواح بعضهم ولو
صدقت النوايا لكان الحلّ ميسورًا ولكن كيف تصدق النوايا ورأسُ الحركة عميل يُريدُ أن يُعيدَ دولة مها باد
بزعامته في العراق والزعيم تخلّى عن مفهومه المبتكر الرحمة فوق العدل .
وقد تبنّى الحزب المشاركة الوجدانية وذلك بخطّ الشعارات لاحلال السلم في كردستان في كل العراق وكنتُ
واحدًا من المكلفين بهذه المهمة في تشرين اول عام 1962 وكان هذا اخر عملٍ لي مع الحزب الشيوعي لعدم
ايماني بأنّ الشعارات هي الحل لإحلال السلام مع موقف الحزب المَهين امام تصاعد وتيرة الاعتداءات على
اعضائه من قِبَل القوميين والبعثيين وتبريراتهم المتخاذلة وهم يملكون اقوى تنظيم داخل الجيش وعندهم
ما يُسمّى بالخط المائل وهو خط مدني مُسلّح .
ومن خلال ما اكتشفتُهُ في مسيرتي عن تحركات الدولة هي ان تزرع عيونها في اوساط الحزب الشيوعي وبكل
الاحزاب حتى بالنوادي والجوامع وما تراه مهمًا لمراقبته وهذا عمل مشروع ومطلوب لأن الدولة بلا عيونها
وهم مخبروها لا ترى ولاتسمع وهذا اجراء سليم وضروري للدولة لا لوم فيه عليها .
ومن طريف ما سمعتُ عن التجسس ان التجسس جاري حتى بين الدول المتحالفة مع بعضها فامريكا
تتجسس على حلفائها المانيا وفرنسا واسرائيل تتجسس على حاضنتها امريكا وهذا ان دل على شيء فانما يدل
على انعدام الثقة بين الحلفاء والى هنا اترك تقدير الموقف للقارئ عن حال أمتنا العربية ذات الرسالة الخالدة
كم بها من اللاعبين ومن المأجورين والمخبرين والعملاء .
ولقد توصلتُ الى أنّ الحكومات العراقية من عهدها الملكي الى يوم سقوط الطاغية لا تكتفي بزرع عيونها /
مخبريها وحسب بل أخذت باتباع أسلوب توريط المواطن الذي يجدون فيه ما يُغريهم بتوريطه فيَجِرّون
برجله بواسطة المندسين بالحزب الشيوعي لإيقاعه بفخهم .
وقد قرأتُ في مذكرات رئيس المخابرات المصرية في عهد جمال عبد الناصر المدعو صفوت الشريف أنه انتقل
في فترة عمله الى رئاسة جهاز الاعمال القذرة وهذا هو الاسم الحقيقي للجهاز فيقول : كُنتُ لا أعرف ما هي
أعمال هذا الجهاز ولَمّا استفسرتُ عن عمله أخبروني بأن هذا الجهاز مختص بايقاع بعض الشخصيات ممن
نحتاجهم للتجسس لصالحنا كالممثلين والممثلات ومن نرى فيهم ما يخدم الدولة ومن هذا الاعتراف لرجل
المخابرات صفوت الشريف أستطيع القول أن هذا الاسلوب كان قديمًا ومتّبعًا في العراق وهو الاسلوب القذر
في توريط المواطنين بالتنظيم الشيوعي ومن الشواهد التي وقفتُ عليها هو توريط أخي نافع ونوري عبد سنجر
وكاتب هذه المحطات وسأتطرق الى شاهدي الاول اخي نافع فيقول / جاءني اعجيرش وهو أعرج بساقه اليمنى
ويعمل بائعًا للنفط ويسكن محلة الشرقية / عكد سيد نور جاءني وتكلم معي عن الوطنية وعن نضال الحزب
الشيوعي وعن وعن وعن فوافقتُهُ بالدخول والانضمام الى الحزب الشيوعي وكان ذلك أواخر عام 1953 ثم
سلمني الى المسؤول وهو عباس محمود الساكن في محلتنا سيد حسين / شارع الاكراد ووالد عباس شرطي
ومن باب الطيبة والحرص أخبر والدي عن اجتماعات نافع في بيته مع ولده عباس فأخبر والدي نافع فثارت
ثائرتُهُ وما كان منه الا ان أخبر مسؤولَه عباس عما قاله والده لوالدنا وبَدَلَ من أن يحلل نافع كيفية وصول
العلم لوالد عباس والاجتماع سري وكيف عَلِمَ والد عباس أنه اجتماع للشيوعيين كل هذا مرَّ على نافع وهي
شواهد لا تفوت على انسانٍ واعٍ لو حلل ابعادها ومن يومها تم اغلاق النافذة وانقطع حبل الوصل بين ابي
وبين محمود الشرطي والد عباس الموظف في مديرية معارف الكوت/ مديرية التربية والتعليم الان .
وفي السبعينات ذكر لي جابر محسن غويلي ابو البايسكلات انه شاهد عباس محمود وهو يلبس كشيدةً ويقرأ
الزيارة الى بعض الزائرين وكانت زيارةَ الاربعين في كربلاء ويواصل قوله : تقربتُ منه بعد ان انتهى من الزيارة
وبقي لوحده وهو قاعد على الارض فجثوتُ امامه وقلتُ له [ مو انتَ عباس محمود ] فما كان منه الا أن
قال لي وهو مرتبك [ اسكت اذا عرفوني انعدم ] ثم خرج مهزومًا .
****************************************************************
الدنمارك / كوبنهاجن الاربعاء في 14 / نيسان / 2021

الحاج عطا الحاج يوسف منصور

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here