فاينانشال تايمز: العراق أشرف على مفاوضات ثنائية بين طهران والرياض

ترجمة/ المدى

في تموز الماضي، توقع مراقبون أن يصبح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وسيطا بين الخصمين الإقليميين السعودية وإيران، وذلك بعد زيارته الرياض وطهران على التوالي، خلال أول رحلة خارجية له منذ استلام منصبه.

وبالإضافة إلى صداقته مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يتمتع الكاظمي بعلاقات جيدة أيضا مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية. وقال مسؤولون مطلعون، أمس الأحد، إن بغداد شهدت في وقت سابق من نيسان الجاري محادثات بين “مسؤولين سعوديين وإيرانيين كبار”، الأمر الذي ربما تنعكس نتائجه على الوضع في الشرق الأوسط.

وقبل نحو عقد توترت العلاقات بين طهران والرياض بسبب حروب بالوكالة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، يدعم فيها كل من البلدين طرفا مختلفا من أطراف الصراع فيها. ووصف أحد المسؤولين في حديث لصحيفة (فاينانشال تايمز) “الجولة الأولى من المحادثات السعودية الإيرانية التي جرت في بغداد في التاسع من نيسان الحالي”، بـ”الإيجابية”.

وكانت صحيفة (المدى) قد نشرت في 1 نيسان الحالي تقريرا افاد بان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يحمل ضمن زيارته الى الرياض ملف وساطة بين السعودية وايران تعقد في العراق.

وقال رحيم العبودي، عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة لـ(المدى) حينها، ان “أبعاد زيارة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى السعودية تهدف في طبيعتها إلى تهدئة الاوضاع الساخنة في المنطقة عبر تبني العراق للوساطة بين طهران والرياض وتقريب وجهات النظر بينهما لحل الكثير من المشاكل”. واضاف أن “هذا التوجه يأتي بدعم مباشر من قبل الولايات المتحدة الاميركية التي قدمت موعد الحوار الستراتيجي مع بغداد إلى السابع من شهر نيسان الجاري”، لافتا إلى أن “التقديم في موعد هذا الحوار يعطينا مؤشرا على ان الولايات المتحدة الاميركية تريد جعل العراق وسيطا ناجحا في حواراتها القادمة”.

ونقلت (فاينانشال تايمز) عن مسؤول سعودي كبير نفيه إجراء أي محادثات مع إيران. لكن المستشار السابق بوزارة الخارجية السعودية والكاتب والباحث في العلاقات الدولية سالم اليامي، قال: “لا يعتقد أن المملكة تمانع في إجراء مثل هذه المحادثات”. والعلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران منقطعة منذ أربع سنوات لكن وزارة الخارجية الإيرانية أكدت، مؤخراً، أن طهران منفتحة على الحوار مع السعودية، في حال ابتعدت الأخيرة عن العنف وإهمال الأمن الإقليمي والتعاون مع القوى خارج المنطقة، على حد قولها. وتفجرت الأزمة عندما أعدمت السعودية رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر في الثاني من كانون الاول 2016، ورد محتجون إيرانيون على ذلك باقتحام السفارة السعودية في طهران وإضرام النيران فيها، حتى قطعت الرياض علاقاتها مع طهران. وأرجع اليامي سبب عدم عودة العلاقات إلى أن “الجانب الإيراني لا يفكر في حلول حقيقية للتوصل إلى علاقات متوازنة وطبيعية ومعقولة كما يحدث بين كل الدول”. وقال: “إيران تريد أن تكون لها تبعية أيدولوجية وسياسية ونووية أيضا”. وكانت الرياض قد عارضت الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران، داعية إلى إبرام اتفاق نووي بمعايير أقوى. وأيدت السعودية وحلفاؤها قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018 الانسحاب من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات على طهران التي ردت بخرق العديد من القيود على أنشطتها النووية. وفي وقت تحاول فيه واشنطن وطهران إحياء الاتفاق القديم، تقول الرياض إنه لابد من انضمام دول الخليج إلى أي مفاوضات بشأن الاتفاق لضمان تناوله هذه المرة لبرنامج الصواريخ الإيراني، ودعم طهران لوكلائها الإقليميين. والأسبوع الماضي، قال مسؤول بوزارة الخارجية السعودية لـ(رويترز) إن “إجراءات بناء الثقة قد تمهد الطريق لإجراء محادثات موسعة بمشاركة خليجية عربية”. وبحسب ما نشرته صحيفة (فاينانشال تايمز)، فإن المباحثات التي قادها من الجانب السعودي خالد الحميدان رئيس المخابرات العامة، تضمنت هجمات جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران، على السعودية.

وتكثف جماعة الحوثي اليمنية الهجمات على السعودية التي تقول إنها تعترض أغلب الطائرات المسيرة والصواريخ التي يعلن الحوثيون إطلاقها صوب مطارات وقواعد جوية وبنية تحتية للطاقة، لكن بعضها يتسبب في أضرار.

ويعتقد اليامي أن السعودية ستطلب من إيران “الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية العربية، ورفع يدها عن نقاط التأثير في المنطقة العربية خاصة في لبنان وسوريا واليمن، والتعامل مع دول المنطقة بمفاهيم الصداقة المقررة في أدبيات التعاون الدولية، والتوقف عن أساليب الاستعلاء واستخدام المصطلحات التقليدية التي ورثها النظام السياسي الإيراني مثل مفاهيم تصدير الثورة ونصرة المستضعفين والقوة الطائفية في المنطقة”.

وأضاف اليامي “أظن أنها طلبات منطقية، وتتناغم مع مسؤولية ومكانة الدولة الحديثة المعاصرة التي لا تعمل بها إيران منذ أربعين عاما”. وأطاحت الثورة الإيرانية عام 1979 بالشاه محمد رضا بهلوي، العلماني الحليف للغرب، وأدت إلى قيام جمهورية إسلامية بقيادة رجل الدين الشيعي روح الله الخميني. وفي المقابل يرى مسعود الفك، الخبير في الشأن الإيراني، أن تحسين علاقات إيران مع الدول العربية الكبرى مثل السعودية، سيؤدي بالضرورة إلى تحسين علاقاتها مع العالم العربي. ويشير الفك إلى استفادة إيران من “التبادل التجاري والثقافي وتسهيل عمليات الحج والعمرة وغير ذلك” في حال عادت العلاقات مع السعودية.

وفي 2015، توفي مئات الحجاج، من بينهم إيرانيون، في تصادم مجموعتين كبيرتين من الحجاج عند مفترق طرق في منى، على مسافة بضعة كيلومترات شرقي مكة، وهم في طريقهم لأداء شعيرة رمي الجمرات. وكثيرا ما انتقد المرشد الإيراني علي خامنئي السعودية بسبب إدارتها للحج، داعيا إلى فتح تحقيق جديد في أحداث عام 2015. ويعتقد الفك أن “السعودية تريد من إيران التوقف عن التمدد في المنطقة، والتوقف عن دعم الميليشيات وخاصة الحوثيين”.

وتقود السعودية تحالفا عسكريا تدخل بحرب اليمن في 2015 ضد الحوثيين الذين أطاحوا بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من صنعاء أواخر 2014.

ويعتقد الفك أن الأزمة تكمن في أن السعوديين لا يرغبون في التعامل مع إيران إلا بعد استئناف علاقات جيدة معها، الأمر الذي ربما يحدث “شريطة أن تتوقف إيران عن دعم الميليشيات وبالأخص الحوثيين”.

الى ذلك، يقول رائد العزاوي الأكاديمي والباحث العراقي في العلاقات الدولية إن العراق يستفيد من موقعه الستراتيجي وعلاقاته الطيبة مع كل من السعودية وإيران لحلحلة الأزمات في منطقة الخليج. وأضاف “يرغب العراق في أن لا يتأثر بإشكالات الدول المجاورة، وأخطرها ما يجري بين إيران والسعودية”.

وبحسب العزاوي، فإن العراق يريد من استضافته للمباحثات تقليل الضغط عليه بسبب الصراع بين السعودية وإيران، الأمر الذي سيؤثر على الاستقرار والتنمية في العراق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here