اخترنا لكم لأهميته : الممانعة إذ تخسر تشومسكي

اخترنا لكم لأهميته : الممانعة إذ تخسر تشومسكي

( .. فمحامية صدام حسين اللبنانية بشرى الخليل سلاح لا تتورع الممانعة عن استعماله في حرب الدفاع عن مقدسها. الخليل صارت ضيفة دائمة على تلفزيوني “المنار” و”الميادين”، ولم يشكل تطوعها للدفاع عن صدام حسين أي حساسية طالما أنها تظهر على هاتين المحطتين لتصد الهجمات عن أمين عام “حزب الله”! ) ..

إبذب ممانعة إذ تخسر تشومسكي

بقلم مهدي قاسم

(( كتب حازم الأمين – صحافي وكاتب لبناني

أبريل 12, 2021

يبدو أن جهداً بدأ يثمر على صعيد بناء رأي عام غربي، يساري تحديداً، منحاز للسوريين في مواجهة النظام، وهذا المتغير ليس طفيفاً، وخسارة للممانعة في ملعبها.

تتولى “الممانعة” التي يرعاها “حزب الله” والنظام في سوريا توسيع دائرة المحرّم الاقتراب منهم بالنقد. انضم في الفترة الأخيرة إلى هذه الدائرة الحاج أمين الحسيني، ذاك أن الرجل قاد المواجهات الأولى مع المجموعات الصهيونية التي أتت إلى فلسطين، وهو وإن كان اختار أدولف هتلر سنداً، فبدد بتحالفه مع النازيين فرصة تضامن دولي مع القضية الفلسطينية، إلا أن نقده محرم هذه المرة لأن من أقدم عليه، عاد وانتقد بشار الأسد، واعتبر أن حربه على السوريين هي جزء من طبيعة النظام الاستبدادي الذي ابتلع سوريا منذ عقود طويلة.

إنه جلبير الأشقر من فعلها، وكان يمكن أن تُغفر له “سقطة” تناول الحسيني بالسوء لولا تطاوله على النظام السوري، وتتويجه هذا التطاول بتوقيعه بياناً نشره موقع “الجمهورية” السوري. البيان حمل على يساريين غربيين ضعف حساسيتهم حيال مأساة السوريين مع نظام البعث، وانحيازهم لهذا النظام. أما ذروة السخط على جلبير فكانت انضمام المفكر اليساري نعوم تشومسكي إلى الموقعين، وتشومسكي تربطه بالأشقر علاقات كتابة مشتركة، فاعتبرت “الممانعة” أنه هو من دهى عقل الكاتب الأميركي واستدرجه لتوقيع البيان، فانهالت المقالات المستفظعة والمخوِنة على رأسه وعلى رؤوسنا نحن قراء هذا الصنف الرديء من المقالات!

كان يمكن أن تغفر لجلبير هذه السقطة، لا بل كان سبق أن غفرت له، ونشرت مقالاته في صحيفة الممانعة بوصفه كاتباً لا تشوب يساريته شائبة، إلى أن اقترب من مقدس الممانعة، وهذا المقدس ليس فلسطين ولا قضيتها، المقدس هو بشار الأسد، وقبله الولي الفقيه الإيراني، وكل ما تحتاجه معركة الدفاع عن هذا المقدس يمكن بذله. فمحامية صدام حسين اللبنانية بشرى الخليل سلاح لا تتورع الممانعة عن استعماله في حرب الدفاع عن مقدسها. الخليل صارت ضيفة دائمة على تلفزيوني “المنار” و”الميادين”، ولم يشكل تطوعها للدفاع عن صدام حسين أي حساسية طالما أنها تظهر على هاتين المحطتين لتصد الهجمات عن أمين عام “حزب الله”! المهمة الفعلية هي عدم الانزلاق لانتقاد بشار الأسد، وكل ما عدا ذلك يمكن أن يُغفر. فلسطين نفسها ليست أكثر من تفصيل في هذه المعركة. الدور الروسي في تنسيق الغارات الإسرائيلية على دمشق، لا تحفّظ عليه، ولم يسبق أن طاوله خطاب التخوين، فمهمة موسكو في تل أبيب هي تأمين مستقبل بشار الأسد، وهذه مهمة تتقدم على أي اعتبار آخر، حتى إن كان هذا الاعتبار فلسطين وقضيتها.

قريباً جداً سيصبح تناول صدام حسين ونظامه ومجازره جزءاً من المحرمات، وسينضم ديكتاتور بغداد إلى باقة “المحرم التعرض لهم”. الطريق معبدة أمام هذه المهمة، وهي تبدأ بأن الامبريالية هي التي أطاحت به، وقد بدأ الخطاب الممانع بتحضير الأجواء، طالما أن لصدام إرثاً ومريدين، ولا بأس بضم هؤلاء إلى أهل المحور. في هذا السياق، لا بأس من استضافة محامية الرئيس الذي خلعته الإمبريالية ونفذت طهران حكم الإعدام به، وقريباً جداً ينضم “حزب الطليعة” (وريث حزب البعث العراقي في لبنان) إلى اجتماعات الأحزاب الوطنية والتقدمية، ويكون المحور قد أنجز جزءاً من المهمة.

الأرجح أن حال الذهول الذي أصاب المحور بعد صدور بيان المثقفين اليساريين السوريين الذي وقعه معهم الأشقر وتشومسكي، ناجم عن شعور ببداية تحول في مواقف قوى يسارية دولية من القضية السورية. لا تفسير آخر لما أصابهم بعد صدور البيان، لا سيما أن عدداً من المذهولين كان دأب على الركون إلى مزاج يساري عالمي متحفظ على الانتفاضة السورية في تحصين موقفه مما يحصل في سوريا. تشومسكي نفسه لم يكن بعيداً من مواقف المتحفظين، وانضمامه إلى الموقعين على البيان مؤشر مقلق بالنسبة إلى كتّاب الممانعة ولأكاديمييها. ويبدو أن جهداً بدأ يثمر على صعيد بناء رأي عام غربي، يساري تحديداً، منحاز للسوريين في مواجهة النظام، وهذا المتغير ليس طفيفاً، وخسارة للممانعة في ملعبها ــ منقول ))

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here