ألكباب الكريعاوي

**ألكباب الكريعاوي **

بعد أن كانت الكريعات جنة خضراء وواحه غناء وغابات كثيفه في سبعينيات القرن الماضي حتى كنا نخاف أن نتجول في بساتينها نهارا لكثافتها وخوفا من الحيوانات المفترسه التي كانت تعيش فيها أصبحت اليوم عباره عن منطقه جرداء خاليه من كل مظاهر الخضره والنخيل والاشجار المثمره بعد أن كانت تصدر منتوجاتها الزراعيه الى كل بقعه من أرض الخليج العربي أضافة الى تزويدها بالاشجار المثمره لكل مناطق العراق ، اليوم أصبحت الكريعات تعرف من خلال ( كبابها ) المميز ، لذلك سأتطرق الى بداية نشوء أول مطعم في الكريعات وأول ( كببجي ) وأول بائع ( فشافيش ) كما يسمونها هناك ، لم تكن الكريعات تعرف المطاعم من قبل فهي منطقه عشائريه بأمتياز وكان الناس الغرباء عندما يأتون أليها لشراء الحمضيات في أيام زراعتها الفصليه ينزلون ضيوفا عند البائع لتلك الحمضيات لكونهم يتعاملون معه منذ زمن طويل والشخص الذي لايجد مكانا لمبيته في الكريعات لعدم وجود فندق أنذاك يسأل عن مقهى ( وفوق ) في الكريعات فيحل ضيفا عليه ، كما كان في كل بيت مكان كبير مخصص لمبيت الضيوف الغرباء كما توجد حضيره للحيوانات مخصصه أيضا للدواب الخاصه بالضيف وقد أدركنا تلك البيوت المعروفه في ستينات وسبعينيات القرن الماضي ، في بداية الستينات وفي عهد الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم ( رض ) تم تعيين العديد من أبناء الكريعات في دوائر الدوله وتم تخرج الكثير من ابنائها ( كمعلمين ) وموظفين، وكذلك تم أنخراط العديد من ابناء الكريعات في الجامعات والجيش والشرطه فأصبحت الحاجه ملحه أن يكون في الكريعات مطعم لبيع ( الفشافيش ) والمأكولات الشعبية على أولئك الموظفين الذين يخرجون في الصباح الباكر فقام المرحوم ( عبد الامير الجبوري ) من بيت يلقبونه ( أبن جعويل ) بفتح أول مطعم في الكريعات وأخذ يفتح محله للزبائن عند أذان الفجر بعد أن يؤدي صلاة الفجر جماعة خلف ( المرحوم السيد أحمد رضا الهندي ) حيث كانت حسينية الجوادين في الكريعات تزدحم بهم وبعدها يتم فتح المحل للزبائن ويتم فيه عادة بيع ( التكه ، والكباب ، والمعلاك ، والجلاوي ، وكبة مع شوربه مع الصمون الحار الذي كان يأتيه من منطقة الدهاليك ومن الفرن الوحيد الذي كان قد أفتتحه المرحوم محسن الجراح ) وكان المرحوم عبوس جبره يبيع الشوربه مع الكبه فقط والتي كانت مميزه لأنهم يعملونها في البيت ، بعد ذلك بسنين طويله تم فتح مطعم أخر من قبل ( المرحوم حسن بكر أبو مهدي ) في محلات سلمان الحاج جواد الجبوري ولكن أبو مهدي أخذ يبيع ( الهريسه ) على الزبائن أضافه الى الفشافيش وكان هذا الرجل كثير المزاح طيب القلب كما أن محله أصبح محطه لتجمع الرسائل البريديه ويقوم هو بايصالها الى اصحابها وكان من رواد مطعمه ( شفيق الكمالي ) وزير الثقافة أنذاك ، سكن منطقة الكريعات في السبعينات وعندما كنا نساله عنه يقول كان في مطعمي هذا اليوم ( كمال الشفيقي ) وزير الثقافه الصحيه ، ثم بعد ذلك تم فتح مطعم ( رسول عبود الجبوري ) في محلات ( بيت دلي ) مقابل لمطعم ( ابو مهدي ) الذي أنتقل الى محلات ( بيت عبد المطلب ) وكانت دائما ماتحدث بينهم بعض القصص الجميلة وهم يتحدثون عن نوعية الطعام الذي يقدمونه للزبائن، فكان المرحوم رسول عبود ايضا رجل على فطرته وطيب القلب وعندما توفى والد زوجته وفي المقبره وأثناء دفنه يلقنون الميت وكان الملقن يقرأ التلقين بصوت منخفظ فقال له المرحوم رسول عبود ، شيخنا رجاءا ممكن تعلي صوتك لان عمي قليل السمع فضحك الناس كلهم وهم يدفنون المرحوم عمه ، ثم توالت المطاعم تفتح تباعا واحدا بعد الاخر ، فتم فتح مطعم الحاج جهاد أبو كريم ، ومطعم أبو جواد ، ومطعم عواد ، ومطعم قاسم سعوده ، ومطعم كريم ابن أبو جواد ، وكانت مطاعم الستينات في الكريعات مميزه في تقديم أكلاتها نظرا لكون اللحم الذي كان يستخدمونه في تقديم الكباب حيث يقومون هم بتربية المواشي وذبحها وتقديمها وكان مثلا المرحوم ابو جواد يذبح الخراف أمام الزبائن ويقدم لهم الطعام كل يوم وكذلك جميع أصحاب المطاعم الاخرين والى الآن ، أما الان فحدث ولاحرج فقد أصبح بين مطعم ومطعم مطعم فعند دخولك منطقة الكريعات ستجد المطاعم منتشره على طول حافة نهر دجله والجانب الاخر من الشارع وفي الازقة بعد أن كانت المشاتل الزراعيه تنتشر على حافة ذلك النهر الذي يحتضن الكريعات فاصبحت الكريعات تعرف بكبابها بعد أن كانت تعرف بأشجارها ونخيلها ، واليوم توجد هناك العديد من المطاعم الراقيه مثل مطعم البلام ، والدهاليك والخضراء ، واضرب وأكلب ، ومطعم زهير في محلات بيت شفيق ، وابو علي، وغيرها كثر ، ويبدو أن عدوى المطاعم الكريعاويه اخذ يلاحق أهلها في كل مكان حتى وصل الامر الى واشنطن فتم فتح مطعم شلال الكريعاوي هناك وهو يقدم اشهى المأكولات والكباب ولكن لايمكن أن يكون كالكباب الكريعاوي ……

جبر شلال الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here