أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الثَّامِنَةُ (٢٥)

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ

السَّنةُ الثَّامِنَةُ

(٢٥)

نـــــــــــــــــــــــــزار حيدر

{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ}.

إِذا جمعنا هذهِ الآية المُباركة مع قولهِِ تعالى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ} وقولهِ تعالى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ} فقد ترسمُ لنا الآيات ملامح أَحدأَخطر أَسباب الخلافات والنِّزاعات داخل الجماعة الواحِدة.

إِنَّهم نوعيَّة من النَّاس مُستعدُّون لحرقِ كلِّ شيءٍ وتدميرِ كُلِّ شيءٍ [النَّجاحات والإِنجازات والبناء] من أَجلِ حمايةِ [آلهتهِم] والمقصودُ بها [مصالحهم القائِمة على أَساسأَهواءهِم].

فإِذا لم يكُن هوَ فلا يكُونُ أَحدٌ! وإِذا لم يكُن [العجلُ] حاكُماً فليذهب كُلَّ شيءٍ إِلى لجحيمِ على قاعدةِ [أُقتلني ومالك] أَو [عليَّ وعلى أَعدائي] حتَّى إِذا اضطرَّ إِلى تدميرِ[٤ دُول] مثلاً لحمايةِ سُلطانهِ، فهو لا يرى أَيَّ إِشكالٍ شرعيٍّ أَو أَخلاقيٍّ أَو إِنسانيٍّ إِذا تخندقَ في سواترِ الآخرين فدمَّرها ليحمي طُغيانهُ!.

أَمَّا أَميرُ المُؤمنينَ (ع) فيقُولُ {وَإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُكُمْ وَيُقِيمُ أَوَدَكُمْ وَلَكِنِّي لَا أَرَى إِصْلَاحَكُمْ بِإِفْسَادِ نَفْسِي}.

وإِنَّ عِلَّة هذا النَّوع من النَّاس تتَّقد في نفُوسهِم عندما تتضخَّم المصالح الخاصَّة على حسابِ المصالحِ العامَّة للجماعة فتبدأ الخِلافات القاتِلة تدبُّ في الوسط.

ومن علاماتِ ذلك ما تصفهُ الآية المُباركة {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}.

إِنَّهم الذين يُوظِّفون الجماعة لتحقيقِ مصالحهِم وليس العكسَ.

والسَّببُ في ذلكَ هو انعدامِ روحِ الجماعة والفَريق وتغوُّل ظاهرةِ الأَنانيَّة التي تُميتُ الإِنصافَ وبالتَّالي يفقد المرء دينهُ وأَخلاقهُ وإِنسانيَّةُ من أَجل مصالحهِ الضيِّقةِ.

وتلكَ التي حذَّر منها أَميرُ المُؤمنينَ (ع) في عهدِهِ للأَشترِ عندما ولَّاهُ مِصر {أَنْصِفِ اللهَ وَأَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ، وَمِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ، وَمَنْ لَكَ فِيهِ هَوىً مِنْ رَعِيَّتِكَ،فَإِنَّكَ إِلاَّتَفْعَلْ تَظْلِمْ، وَمَنْ ظَلَمَ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ، وَمَنْ خَاصَمَهُ اللهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ،وَكَانَ لله حَرْباً حَتَّى يَنْزعَ أو يَتُوبَ}.

فإِذا كانت روح الجماعة وعقليَّة الفريق تُشجِّعُ على تسجيلِ النَّجاحات باسمِ المجموعة من دونِ أَن يعني ذلكَ بخسَ دَور الفرد في تحقيقهِا {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} فإِنَّالأَنانيَّة تُصادر أَيَّ دَورٍ للآخرين مهما كبُر.

وفي أَحيانٍ كثيرةٍ يُصادِرُ [الزَّعيم] مُساهمات الآخرين ويسجِّلها باسمهِ ليُضخِّم دورهُ {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}.

وبالمُناسبةِ فإِنَّ هذا نفسهُ الذي يتحايل بكُلِّ الأَساليب لسرقةِ جهودِ وأَدوارِ الآخرين، هو نفسهُ يُغيِّب نفسهُ إِذا أُصيبت الجماعة بنكسةٍ أَو هزيمةٍ أَو فشل، إِذ يبدأ فوراًوبمُساعدةِ ذيولهِ وأَبواقهِ وذُبابهِ الأَليكتروني بالبحثِ عن كبشِ فداءٍ لتحميلهِ المسؤُوليَّة {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}.

إِنَّ تغوُّل حب الزَّعامة عند الأَشخاص يُنتجُ ذلكَ فإِذا صفَّقَ لهُ إِثنان ومدحهُ ثلاثة بما ليسَ فيهِ و [هوَّسَ] لهُ [مِهوال] [علي وياك علي] صدَّقَ بنفسهِ أَنَّهُ الزَّعيم الأَوحدوالقائد الضَّرورة الذي لا تعيشُ الأُمَّة من دونهِ وأَنَّ [الدِّين] أَو [المذهب] في خطر إِذا غابَ هوَ عن المسرحِ قائلاً {أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا}.

لذلكَ يقترحُ استنساخهُ إِذا هلكَ حتى لا تخلو الأَرض من [عبقريَّتهِ] و [حكمتهِ]!.

واعتقدُ أَنَّنا لَو فكَّرنا بطريقةٍ أُخرى فسنتجاوز هذا المرض القاتل، فلو انشغلنا في البحثِ عن الأَساليبِ التي تُفجِّر وتصقل قُدُراتنا على تحقيقِ التَّأثيرِ والتَّغييرِ بنَّوعيَّةالجُهد المبذول والعمل المُنجز وليسَ بالكميَّة، وبطبيعةِ العمل وجوهرهِ الذي هو أَهم من عنوانهِ بِلا شكٍّ {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} لكانَذلكَ أَسلم.

يلزم أَن يُعطي المرء قيمةً لحياتهِ ليس بالمساحةِ التي يشغلها فقد تكونُ بالظُّلم والتعدِّي والتَّجاوز والمُصادرة، أَو قد تكُونُ وهميَّةً بالدِّعايةِ والإِعلام! وإِنَّما بالنَّجاحاتوالإِنجازات التي يلمسها المُجتمع أَثراً في تحسينِ حياتهِم ومعيشتهِم اليوميَّة.

ويلمسها [الوطن] إِستقراراً وتنميةً وتطوُّراً.

٦ مايس [أَيَّار] ٢٠٢١

لِلتَّواصُل؛

‏Telegram CH; https://t.me/NHIRAQ

‏Face Book: Nazar Haidar

‏Skype: live:nahaidar

‏Twitter: @NazarHaidar2

‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here