الانتخابات المبكرة والتحديات

الانتخابات المبكرة والتحديات

طارق الكناني

في تصريح له اليوم الجمعة السابع من ايار 2021 ((قال السيد مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات المبكرة الدكتور عبد الحسين الهنداوي ان الطعون المقدمة من قبل الاحزاب بشأن موعد الانتخابات وقانون الانتخابات تبقى اراء شخصية ولا تغيير في موعد الانتخابات .))
لابد لنا ان نتوقف عند نقطة مهمة الا وهي قانون الانتخابات ،عودة تاريخية بسيطة على تاريخ الانتخابات العراقية منذ بدئها ولغاية هذه الانتخابات نجد ان المواطن العراقي لم يطلع بشكل وافي على هذا القانون الذي بموجبه تتم عملية اختيار مرشحي الاحزاب لقبة البرلمان ومن ثم عملية اختيار الحكومة .ففي كل انتخابات كانت تجري، كانت تتم عملية تغيير هذا القانون بما يلائم اهواء الاحزاب ويساهم في فوز مرشحيهم بسهولة بالغة لدرجة اننا نرى نفس الوجوه تجلس في قبة البرلمان مهما حاولنا التغيير .انا اتحدث هنا عن نفسي كوني متابع للعملية السياسية واحاول بشتى الطرق الوصول الى اسلوب معين اتحاشى به ان يستفيد من صوتي احد مرشحي الاحزاب ولكن دون جدوى ففي كل مرة نجد ان قانون الانتخابات يتم تغييره وفق ما تتطلبه مصلحة الاحزاب ،وهنا بدأنا نشعر بالإحباط وعدم جدوى التصويت وكأن هذا الشعور اصبح سائدا لدى الشارع العراقي فكان العزوف عن التصويت في الانتخابات الاخيرة واضحا ،وما نتج عنها من مشاكل كبير وخطيرة جعلت العراق في مفترق طرق وكأن العراقي بين اختيار الدولة او اللادولة .فمعالم اللادولة صارت واضحة بعد تلك الانتخابات ،فكانت عملية اسقاط تلك الحكومة والذهاب الى حكومة انقاذ وطني هي الحل الامثل، ولكن هيهات ،فالأحزاب مازالت ماسكة بكل قواها على زمام السلطة مهما كلف الامر من تضحيات فالشهداء في التظاهرات الاخيرة زاد عن الالف شهيد وثلاثون الف جريح منهم ستة الاف حالة من العوق الدائمي عدا عمليات الخطف الاغتيالات ،ورأس الدولة يقول بغير خجل ولا حياء ان هناك طرفا ثالثا هو من يقوم بهذه الاعمال ليبعد عن نفسه المسؤولية .ولكن لا اعتقد انه سينجو من ذلك رغم استقالته فكل تصريحاته كانت تحرض على قتل الشباب المتظاهر .
ان الانتخابات المبكرة التي اريد لها ان تعيد العراق الى مساره الصحيح مازالت محط تجاذب الاطراف السياسية والدولية التي نصبت نفسها كمسؤولة عما يجري بالعراق وان هذه الاحزاب الحاكمة هي من اتاح لهذه الاطراف الدولية التدخل بشؤون العراق الداخلية ،ومع استمرار هذه التدخلات سيفقد العراقيون هذه الفرصة الاخيرة في اصلاح النظام السياسي واعادة العملية السياسية من حالة التبعية الى حالة الوطنية التي تخلى عنها هؤلاء الساسة من خلال اختيار اعضاء للبرلمان يؤمنون بمبدأ ( الوطن اولا وآخرا).
ان المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق الحكومة في هذه المرحلة المتبقية قبيل الانتخابات البرلمانية هي تركيز الجهود والاعلام المرئي والمسموع والمقروء على طريقة الانتخابات ،وكيفية الاختيار للمرشح ،وعملية احتساب الاصوات ،وحث البرلمان على اصدار قانون الاحزاب ،وكذلك السيطرة على الموقف الامني المنهار في البلد في ظل انتشار السلاح والميليشيات والارهاب ، وبخلافه سوف لن تكون هناك انتخابات في ظل هذه ظل هذه الاجواء وانتشار السلاح المنفلت وعملية التصفيات الجسدية التي يشهدها الشارع العراقي اليوم .
ان عملية عقد الصفقات الحزبية وتقديم التنازلات من قبل الحكومة طمعا بولاية ثانية، او ترشيحات لشخصيات معينة قد تم استهلاكها من قَبْل ،او عملية الاستحواذ على مرافق الدولة من قبل الاحزاب الحاكمة سوف يفجر الوضع الامني من جديد في ظل فقدان الامل من رؤية الضوء في نهاية النفق فالبطالة منتشرة بسبب سياسة الحكومات المتعاقبة وانهيار النظام التعليمي والصحي والقضائي سيجعل من عودة الانتفاضة بشكل اقوى واكثر دموية ،حتمية تاريخية للتغيير وخصوصا بعد ان لاحت بشائرها في ظل التذمر الشعبي وعدم الثقة بالحكومة وممثليها في البرلمان .
ان عملية اختيار خبراء دوليين كمستشارين لرئيس الوزراء وتكليفهم بعملية الاشراف على الانتخابات المبكرة خطوة بالاتجاه الصحيح ،فنحن نرى المستشار الاول في حركة دائمة ودؤوبة في هذا الاتجاه ،ولكن مازال الاعلام وعملية تسليط الضوء على قانون الانتخابات ضعيفا جدا ،فالمطلوب من هيأة المستشارين لشؤون الانتخابات ان تكون اكثر فاعلية، ولا تكتف بتصريح هنا او هناك ،فهذه الهيأة يقع على عاتقها ايصال كافة التفاصيل للمواطن من اجل ضمان عملية انتخابية سليمة لا يذهب فيها صوت المواطن البسيط للاحزاب، من خلال عمليات الخداع والمماطلة التي تستخدمها الاحزاب في تزييف الواقع من اجل الحصول على اصوات ،ناهيك عن عملية التزوير .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here