قرية العلومية

( قرية العلومية )

العلوميه: إحدى القرى الريفية الجميلة التي تقع بمحاذاة نهر دجلة شمال الاعظميه وأحدى قرى منطقة الكريعات، وهي منطقة زراعية بحتة وخصبة في آن، حيث يمتهن أهلها الطيبون مهنة الزراعة أباً عن جد
تبعد قرية العلومية عن مركز العاصمة بغداد بمسافة 20 كم، تتخللها أشجار النخيل والحمضيات المكتظة والمزارع الموسمية الفسيحة، وتضمّ واجهتها في السابق بيوتات قديمة مبنية من الطين حتى سبعينيات القرن الماضي، وقد تغيرت العلومية اليوم لتصبح قرية حديثة بامتياز ، بعد عام ١٩٧٠ سكنَ المنطقةَ في ذلك الوقت، الشاعر شفيق الكمالي وكان وزيراً للثقافة فاشترى قطعة أرض مطلّة على النهر، وبنى داراً هناك، وتم تبليط الشارع الذي يربط الكريعات بالعلومية وكذلك تم إيصال الكهرباء إليها ومد إسالة الماء ، أمّا تاريخ إنشائها فيعود إلى أواسط القرن السابع عشر 1736 حسب الروايات المتداولة والمذكورة في بعض الكتب التى تتحدث عن بغداد وضواحيها وذلك من قبل الأتراك العثمانيّين، وكما ذكر ذلك العلامة مصطفى جواد ، وكذلك حسبما رواه لنا أهلنا عن هذه المنطقة، ويذكرون أنّ من قام بإنشائها هو الحاكم العسكري العثماني (محمد آغا) وكانت تسمى (أمّ العلوم) لوجود مكتبة ودار للتدريس وقد شاهدتُ شخصيّاً آثارَ (الطابوق الفرشي ) عندما جفّ جزءٌ كبيرٌ من وادي نهر دجلة أواسط السبعينيات، وكلنا يتذكر عندما ظهرت آثار طابوق على شكل مباني قديمة تشبه المباني العثمانية، أمّا الرواية الثانية التي ذكرها آباؤنا وأكابر تلك القرية فتقول بأن اسمَها جاء بعد بناء سدة ترابية بسبب فيضان نهر دجلة وكان ارتفاع السدة 100 قدم .. كما كانوا يقولون بأن (العلو مية) يعني الارتفاع، وهكذا بمرور الزمن تطورت التسمية ليصبح الاسم (العلومية)
وأشهر العوائل التي سكنت بجوار الوالي العثماني هي عائلة بيت (الشيخ رجب) وهم ثلاثة إخوة يشكّلون بيت سلمان المرجان وبيت رشيد السالم وبيت محمد السالم، ويلتقون بجد واحد اسمه (هجول) وقد سكن هجول منطقة الزوية ولذلك سُمّيت المنطقة على اسمه (سن هجول) وهم أولاد عمة بيت رجب، حيث يسكنها الآن آل بيت زينب علي الرجب الذين يلقبون ببيت (جعيرة) وفي بيت رجب المشيخة حيث توارثوها أباً عن جد، حيث تبدأ بالشيخ علي الرجب ثم الشيخ كاظم الرجب ثم الشيخ مجبل كاظم الرجب ثم الشيخ علي مجبل كاظم الرجب بالتعاقب ويتميزون بخدمتهم للناس وتعاونهم في حل المشاكل ألتيقد تحصل بالمنطقة ، ومن العوائل التي سكنت المنطقة (عائلة محمد آغا والذي تزوج ابنه محمد من المرحومة زينب علي الرجب وكانت يطلق عليها (جعبته)، وعائلة (الأغا) برز منهم، المرحوم عباس جاسم أغا وابنه الأستاذ خضير عباس جاسم أغا، مدير عام في جامعة بغداد، والاستاذ حسن عبود مدرّس اللغة الانجليزية وكنتُ أحد طلابه في ثانوية الشماسية، وكان المرحوم الأستاذ حسن عبود من المدرّسين المميزين في مجال اختصاصه، وذا أخلاق عالية جداً كأعمامه وأبناء أعمامه، وتجدر الإشارة إلى أنّ الشيخ رجب وأخاه حسين هما ولدا الشيخ خميس الهجول الجاسم ومن أحفاده آل بيت الشيخ كاظم الرجب وآل بيت رشيد السالم.
ومن البيوتات الشهيرة في قرية العلومية (عائلة الشيخ رشيد الرجب) ويلتقون بجد واحد مع آل بيت الشيخ كاظم الرجب، وكذلك عائلة المرحوم سلمان علوان وآل بيت عباس زبار والد الحاج راضي زبار والحاج عبد سمير الركابي وعائلة عبود الحمادي وأولاده حسين وحسن وشعلان ووالدتهم المرحومة الحاجة (حسينة علي الرجب شقيقة (جعيرة).
وقد امتاز أهالي منطقة العلومية بتفوّقهم في الدراسة فمنهم من أصبحوا ضبّاطاً في الجيش وتدرّجوا إلى مراتب عالية منهم اللواء عبد الوهاب كاظم الرجب، واللواء الركن علي جاسم الرجب واللواء سلمان داود والعميد حسين ذاري والعميد حسن تركي ومن أولاد المرحوم عباس الجاسم جعيرة، برز الأستاذ خضير واللواء الطبيب علي والدكتور فاضل والعميد عادل والدكتور ابراهيم والدكتور اسماعيل ومن أبناء المرحوم محسن الجاسم برز الإقتصادي عجيل وشقيقه الأستاذ سعدون، أمّا آل بيت مرجان فبرز منهم العقيد عدنان والرائد سبهان والمقدم مكي، أمّا آل بيت محمد السالم فقد برز منهم العميد موفق وادي ومن المهندسين الشهيد حسن سلمان الذي أشرف على بناء جسر المثنى والمهندس فراس كاظم وكذلك برز منهم الأستاذ محمد سلمان عنيبه وهم يلقبون ببيت (عنيبة) حيث أصبح وكيل وزير الاتصالات ونتيجة لنزاهته وحرصه على أداء الواجب تمت إحالته على التقاعد وهو في قمة عطائه ، وكان من ابرز الطلاب المتفوقين في كافة المراحل الدراسيه منذ المرحله الابتدائية والى الجامعية ، أمّا باقي البيوت التي سكنت العلومية فهم بيت فياض وهم من الدليم ومنهم الوجيه كاظم فياض وشقيقاه العميد جواد فياض وعلي فياض، وبيت حميد العبود العنبكي، ومحسن عبود، وبيت عباس الغربي، وبيت المرحوم عباس المحمد الملقب (فلاح) وكانت شقيقته المرحومة (ثريا العباس) التي كانت مشهورة بكرمها وشجاعتها حيث كانت تفرش (الحصران) وتضع عليها الزاد وتقف في الشارع المحاذي لدارهم وتنادي: (الزاد ياجوعان .. الزاد ياجوعان)، وهناك بيت مهدي السبع وبيت زبار وبيت شعلان وبيت الحاج فالح وغيرهم لم تحضرني الذاكرة بإيراد أسمائهم.
العلومية منطقه صغيرة في حجمها كبيرة بأمجاد أهلها، تبدأ من حدود بستان نوريز وتنتهي بحدود مدرسة الأمن الحالية، وقد تمّ بناء جامع فيها من قبل الشيخ المرحوم مجبل كاظم الرجب ومن أمواله الخاصة حيث أوقف الجامع كوقف ذرّي ، وهو جامع كبير وحديث أطلق عليه أسم (جامع أبي تراب ) ،
وهناك قصص مرويّة عديدة حدثت في هذه المنطقة، وكلنا يعرف في السابق كان الناس يقولون بأن (المو حرامي مو رجال) وقد اشتهر عدد منهم بشجاعتهم وجرأتهم في ذلك الزمان منهم داغور وكاظم العلي وحسن العليوي، حيث قاموا بالسطو على معسكر الانكليز لغرض سرقته، وقد تسللوا ليلاً الى ذلك المعسكر واستطاعوا أن يغنموا الكثير من الحاجات من المعسكر ويخرجوا من الباب الرئيسي له وهم يرتدون البدلات العسكرية التي استولوا عليها من غرفة آمر ذلك المعسكر، بعدها ذهبوا إلى معسكر الهنود وسرقوا تمثال (الإله) الخاص بالهنود ممّا حدا بالقائد الهندي أن يأتي إلى منطقة العلومية ويعرض على الناس مكافأة مجزية لمن يسترد تمثال (إله الهنود).
تمتاز العلومية بطيبة وكرم أهلها الطيبين وترحابهم بالضيوف وقِراتهم لهم وكذلك احترام الغرباء، ويرتبطون بمنطقة الكريعات بالعديد من الروابط العشائرية والاجتماعية حيث المصاهرة فيما بينهم منذ القدم، وإلا ماالذي يجعل من عائلتنا عائلة الشيخ شلال محمد الجبوري تشترك في أملاك عشيرة الغرير في الزوية والعلومية إذ لدينا حصة من الأراضي المملوكة لبيت الشيخ المرحوم مجبل كاظم الرجب والشيخ المرحوم مجيد رشيد السالم، فلو لم تكن هناك رابطة مصاهرة لم تحصل الشراكة في الحصص. وكان والدي رحمه الله يحدثني عن ذلك حيث أعلمني بأنّ والدة والد والدي يعني جدي محمد، أي زوجة الشيخ حسين علي الخلف هي من عشيرة الغرير وأنها توفيت قبل جدي وهو الذي استورثها، لذلك عندما كنا أطفالاً كان أهالي العلومية يستقبلوننا بحرارة بمجرد أنهم يعرفون اننا أولاد المرحوم الشيخ شلال الجبوري.
رحم الله الراحلين من أبناء الكريعات والعلومية الذين زرعوا فينا حبَّ واحترام وتقدير الآخرين، وستبقى العلومية إحدى مناطق الكريعات الجميلة بأهلها وناسها الأطياب الذين تربطنا بهم علاقات متينة ومميزة لأننا نعرفهم ونعرف تاريخهم ونزاهتهم وشجاعتهم وكرمهم مثلما هم يعرفوننا، فيحقّ لنا أن نفخر بهم كما يفخرون بنا لأنهم أهلنا ومعدن الطهر والشرف كطهر طين دجلة الحُرّي …..

جبر شلال الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here