الاسلام جعل العدل والتسامح والتآلف الاجتماعي افضل العبادات

الاسلام جعل العدل والتسامح والتآلف الاجتماعي افضل العبادات

ان الاسلام لا يقر مبدا ما لقيصر لقيصر وما لله لله. انما يقول القران الكريم “ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين”. اي ان الاسلام لا يفرق بين العبادات والمعاملات وسائر مناحي الحياة للمسلم. فالصلاة والصوم والزكاة والحج لا فائدة منها ان لم تحث على تهذيب السلوك الشخصي لتجنب الكذب والغش والخداع والغيبة وشهادة الزور وتحثه على الامانة والصدق والبحث عن العلم وعمل الخير للغير ومساعدة الفقراء والمساكين. فالدين جاء لخدمة الناس ويدعوهم الى اعمار الارض سوية بالتعاون والتضامن.
لقد كان المجاهدين المسلمين ينشرون العدل والمساواة والحرية بين الناس. لقد توسعت دولتهم كثيرا في معظم بقاع الارض. اذ كانت الشعوب تسمع بعدالة هذا الدين فتعتنقه فرادى وجماعات. كان هدف المسلمين ليس فتح البلدان والانتصار على شعوبها غير المسلمة. انما نشر العدالة وفتح الحوار مع غير المسلمين للعيش الكريم دون اضطهاد وظلم وعبودية للشعوب.
ففي خلافة امير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز وقت الدولة الاموية كان القائد قتيبة بن مسلم قد فتح سمرقند عنوة خلافا لمبادئ قتال المسلمين لغيرهم حيث يعرضون عليهم الاسلام او يدفعوا الجزية (انها ضريبة يدفعها غير المسلم مثلها كمثل الزكاة التي يدفعها المسلم). فما كان من الكهنة الا ان يبعثوا رسالة الى الخليفة في دمشق. فما كان من عمر الا ان بعث بورقة الى القاضي المسلم هناك. كي يحكم بالعدل بين الجيش الاسلامي والكهنة في المدينة. بعد ان تحقق القاضي من ان القائد المسلم لم يلتزم بقوانين القتال الاسلامية امر الجيش الخروج فورا من سمرقند. كانت استغراب اهل المدينة عظيما لما شاهدوا عدالة هذا الدين. فبالرغم من تحقيق انتصار المسلمين واستسلام المدينة. امر القاضي المسلم الجيش بالانسحاب الفوري الى خارج المدينة والاعجب من ذلك ان الجيش نفذ الحكم فورا واضحى خارجها في نهاية نهار ذلك اليوم.
ان القيم الانسانية العادلة واحترام الانسان ايا كان دينه وعرقه كان حاضرا لدى المسلمين منذ فجر الاسلام. فقد قال تعالى “ان الله يامر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون” وقال ايضا “لا يجرمنكم شنئان قوم على ان لا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى” وقال كذلك “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”. وقال تعالى “انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم”. وقال تعالى “ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار”. وقال “يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات”.
اما رسول الله فقد قال انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق. وقال ايضا مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وقال لتامرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر او ليسلطن الله عليكم شراركم فتدعون فلا ناصر لكم في الارض ولا في السماء. وقال من غشنا فليس منا. وقال ايضا ائتمن من ائتمنك ولا تخن من خانك. وقال الدين المعاملة. وقال ايضا الدين النصيحة قيل لمن يارسول الله قال لله ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. وقال خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. وقال من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له او لن يزدد عن الله الا بعدا او ليس لله حاجة في صلاته.
هذه النماذج القليلة من الايات القرانية والاحاديث النبوية ما هي الا غيض من فيض الكثير من الاحكام الاسلامية التي تخص الاخلاق والعلم والعمل والمعاملات والصدق والعدالة والتسامح والحرية والمساواة. فلقد تبين ما لا يدع مجال للشك بان تلك الاحكام والقيم هي اسس الاسلام. لذا ينبغي السير على هداها ولا فائدة في العبادات المجردة كالصلاة وغيرها ان لم تهدي صاحبها الى السير لاصلاح الحياة العامة الاسرية والعلمية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والسياسية.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here