لفحة قلم عن دستور إقليم كوردستان وأمور أخرى؟

محمد مندلاوي

الـ”دستور- دستوور” كلمة امتزاجية، التصاقية كوردية، مكونة من “دست- دەست” أي: الـ”يد” وحرف الواو حرف ربط بين كلمتين لالتصاقهما معاً، وحر الـ”راء- ر” مختصر لكلمة ” ڕێ- طريقة”. هذه هي إبداعات اللغة الكوردية،اللغة الامتزاجية العريقة. إن الكورد يبتكرون من كلمة يد ومزجها مع كلمات أخرى كلمة جديدة ذات معنى، كما الـ”دستور”. كما قلت قبل قليل، أن كلمة دَسْت (يد) تمتزجه الكورد مع كلمات أخرى يصوغوا منها كلمة واحدة ذات معنى، على سبيل المثال وليس الحصر، تقول المعاجم الكوردية “دست باز” تعني: مداعب،ممازح. و”دست بڕ” تعني: غشاش، مخادع. و”دەست پاکی” تعني: أمانة، استقامة. و”دەست لێ بەردان” تعني: انفصال، ترك، مقاطعة الخ الخ الخ.

عزيزي القارئ الكريم، قبل أن نتوسع في مقالنا عن دستور إقليم كوردستان، نود أن نعرج قليلاً على المؤتمر الذي عقد يوم الأربعاء 18 05 2021 من قبل مركز جامعة كوردستان في أربيل للبحوث والدراسات تحت عنوان ” الوحدة والدستور”. مما لا يخفى على أحد، أن الجامعة (University) هي أهم مركز علمي للمعرفة الإنسانية، ولا يضاهيها مركز آخر في هذا المضمار، فلذا لا عذر لها إذا أخطأت أو أساءت في واجبها. لقد عقد المركز المشار إليه مؤتمره المذكور بعنوان:” إقليم كوردستان العراق- الوحدة والدستور. ودون على جدار قاعة المؤتمر باللغة الكوردية أيضاً:هەرێمی کوردستان عێراق – یەکڕیزی ودەستوور. بما إن ممثلة أمين العام للأمم المتحدة السيدة (جينيس بلاسخارت) حضرت المؤتمر، وكمرآة تعكس الوجه الحضاري للإقليم إلى العالم كتب بجانب اللغتين العربية والكوردية باللغة الإنجليزية أيضا:The Kurdistan Region of Iraq Unity and Constitution الشيء الذي يغيظ الشارع الكوردستاني باستمرار، أن أكاديمييه وسياسييه أجهل الجاهلين في السياسة، وتحديداً فيما يتعلق بحق الشعب الكوردي ووطنه كوردستان. لقد تكلم بعض المتكلمين في المؤتمر عن المادة 120 التي في الدستور الاتحادي العراقي، التي تقول: يقوم الإقليم بوضع دستور له، يحدد هيكل سلطات الإقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على أن لا يتعارض مع هذا الدستور. انتهى الاقتباس. لكن الصيغة التي دونها مركز الجامعة على جدار قاعة المؤتمر بهذه الصيغة: إقليم كوردستان العراق. هي بخلاف المادة الدستورية المذكورة أعلاه، لأنها لم تقل كوردستان العراق. يا حبذا تقول لنا الجامعة المذكورة، من أين أتت باسم العراق وألصقته كلاحقة باسم كوردستان؟ حتى بدون وضع الشَّرطة (-) بين اسم كوردستان والعراق كما هي في واجهة برلمان كوردستان ورئاسة الإقليم والحكومة الخ. للعلم، حتى أن الصيغة المكتوبة في واجهة البرلمان الكوردستاني والدوائر الأخرى في

الإقليم بلاحقة العراق، أعني: كتابة اسم العراق مع اسم كوردستان كلاحقة له يكون بخلاف الدستور الاتحادي؟؟ لأن الدستور الاتحادي لا يلحق اسم العراق بإقليم كوردستان؟؟. كنت قد كتبت مقالاً عام 2013 بعنوان: أطالب برلمان إقليم كوردستان برفع اسم العراق من واجهته. كالعادة، لم يهتم أحد بالمقال لا من قبل القبليين؟ ولا من قبل المناطقيين؟. والآن جامعة كوردستان… رفعت حتى الشَّرطة (-) التي لها معنى ومغزى حين توضع بين اسمين؟؟ لكن جامعة كوردستان بهذه الصيغة الساذجة التي دونتها على جدار قاعة المؤتمر كأنها تقول للعالم: كوردستان لصاحبها العراق.

عزيزي المتابع، من أبرز المتحدثين في المؤتمر كان رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني الذي قال في سياق حديثه: نحن في كوردستان لا نقول عن غير الكورد أقلية. انتهى كلامه. وهذا عين الخطأ يا سيادة الرئيس، الأقلية أن كانت عرقية أو عقدية هي أقلية نازحة إلى كوردستان وتعيش في كنف الشعب الكوردي فعليه يجب أن تسمى باسمها، ما الضير إذا تسمى المسمى باسمها؟!. ثم، لا يجوز أن تمنح الأقلية أكثر مما تستحق من مناصب ومواقع سياسية وغيرها في الإقليم. لا يجوز أن تمنح منصب نائب رئيس برلمان كوردستان لسيدة من الأقلية التركمانية حصلت على بعض مئات من الأصوات؟؟!! لا يجوز أن تمنح مناصب وزراء ورئيس ديوان الإقليم ومدراء عامين الخ لأقلية عقدية لا تشكر الكورد على كل الذي قدمه لها في أيام المحن. الشيء الآخر، يجب على أصحاب المناصب العليا والنخبة الكوردية أن تنتبه لألفاظها حين تتكلم باللغة الكوردية، يجب أن تكون لغتها دون شوائب، أعني دون كلمات عربية دخيلة تشوه جمالية اللغة الكوردية الأصيلة. إن اللغة السليمة بلا أدنى شك توطد وترسخ الهوية الكوردية والكوردستانية في مواجهة الأعداء والمحتلين، وتعكس الوجه الحضاري والجمالي لجلالة اللغة الكوردية العريقة. عجبي،هل أن السياسي الكوردي لا يجيد أن يقول بدل الكلمة العربية جلسة: دانشتن؟، بدل كلمة حل: چارەکردن، بدل كلمة استقرار: سەقامگیربوون، بدل كلمة مستشار: ڕاوێژکار، بدل كلمة جدي: تێکۆشەر- کۆڵنەدەر، بدل نظامي سياسي: رژێمی ڕامیاری الخ. فليفكر المسئول الكوردي قليلاً بالأمر؟ إذا لا يكون أميناً على الكلمة التي تخرج من جوف فمه كيف يكون أميناً على الشعب والوطن وثرواته؟؟. عزيزي القارئ الكريم، يجيش في داخلي كلمة يجب أن أقولها وأنا مسؤول عنها، كيف يكتب دستور لشعب ووطن بأيدي بعض السياسيون مشوهون فكرياً، لا يوجد في منظومتهم الفكرية وطن اسمه كوردستان أو شعب اسمه الشعب الكوردي، والدليل تجده في أحاديثهم وكتاباتهم، لا أقول هذا تهكماً بهم، بل هذه هي حقيقتهم، أنهم أناس لم يبلغوا بعد النضج القومي والوعي الوطني.

على أية حال. هنا نطرح سؤالاً ثقيلاً على من يهمه الأمر، هل أن دستور إقليم كوردستان سيكتب بإيعاز من الرئيس الأمريكي (جو بايدن)؟ لأنه هو الذي طالب الكورد قبل عقد من الآن بوضعه على الرف إلى إشعار آخر؟،هل حان الحين الآن؟ نتمنى هذا،نرجو أن لا يغضب أحد علينا لصراحتنا، ليس عيباً إذا طالب حينها نائب الرئيس الأمريكي بايدن الكورد بالتريث، هناك دولاً كثيرة على كوكبنا الدوار لا تخطوا خطوة واحدة بدون استشارة وموافقة أمريكا القوة الأعظم في العالم. عزيزي القارئ، قبل عقد ونيف من الآن كتبت مقالاً بعنوان: (من كفري مفري إلى جصان مصان) تهكمت فيه بكلام صدر من سكرتير الاتحاد الوطني الكوردستاني جلال طالباني الذي شاهدته في تسجيل شريط صوري (فيديو) وهو يتحدث عن أيام المفاوضات مع نظام حزب البعث المجرم عام 1983- 1984، وتحديداً مع المدعو علي كيماوي، قال طالباني: تفاوضنا على المناطق والمدن الكوردية كذا وكذا وكفري مفري!!!. تصور عزيزي المتابع رئيس حزب وقائد سياسي قضى جل حياته في أروقة السياسة وفي سوح النضال المسلح (پێشمەرگایەتی) وشاهد بأم عينه كيف رويت أرض كوردستان بدماء بناتها وأبنائها البررة، لكن رغم هذه التضحيات الجسام السياسي الكوردي المشار إليه يسميها بمفري؟؟!!. لقد قلت في مقالي المذكور: إن رئيس إقليم كوردستان الأستاذ مسعود البارزاني يصرح دائماً في وسائل الإعلام الكوردستانية: إننا لم

ولن نتنازل عن أية مدينة أو منطقة في كوردستان مهما كلف الأمر. انتهى كلام رئيس الإقليم مسعود البارزاني. قلت في سياق المقال: بينما دستور الإقليم الذي كان من المؤمل أن يعرض على شعب كوردستان للاستفتاء عليه لكنه أُجل إلى (إشعاراً آخر) وذلك بطلب تليفوني من نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، يقول غير هذا، حيث لم يشمل الدستور مناطق كوردية أصيلة مثل بدرة وجصان ومناطق أخرى في گرمیان (جرميان). المواطن الكوردستاني يتساءل من قادته، يا ترى ما الفرق بين بدره و كركوك؟؟ أليست الاثنتان مدينتان كورديتان؟؟. إن القادة الكورد، يؤكدون في كل تصريحاتهم ويصرون على كوردستانية كركوك، وهذا عين الصواب، لكن لا يظهرون نفس الحماس والإصرار عندما يتعلق الأمر بمناطق الكورد (الفيلية) كبدره و جصان الخ كجزء من أرض جنوب كوردستان!!، أن إتباع هذا النهج غير السليم – لا أريد أن أقول غير الوطني- يضع مصداقية القادة الكورد أمام شعبهم موضع تساءل، لأن أرض جنوب كوردستان من زاخو إلى جصان لها قدسية واحدة غير قابلة للتجزئة والتفريط. لذا، إن رئيس إقليم كوردستان واجبه الوطني والقومي يحتم عليه أن يحافظ على وحدة أرض جنوب كوردستان، ويقع على عاتقه أيضاً مسؤولية تثبيت وصيانة حدود الإقليم في دستوره القادم ليشمل عموم أرض گرميان بما فيها جصان وتوابعها، وأي تفريط بهذه الأرض السليبة، تعني لنا نحن الكورد شيء واحداً فقط، وهو؛أن رئيس الإقليم لا يصون الأرض الكوردية ويحول دستورياً جصان إلى مصان مثلما حول قبله سكرتير الإتحاد الوطني الكوردستاني جلال طالباني كفري إلى مفري. عزيزي المتابع، هذا الذي قلته في مقالي السابق المشار إلى تاريخ نشره أعلاه. أعتقدت في حينه أن الرسالة وصلت إلى صاحب الأمر، وظهر هذا جلياً بعد نشر المقال، لقد شاهدته في إحدى التجمعات الجماهيرية في كوردستان، وقال بشيء من العصبية أنه لا يساوم على الحق الكوردي؟، وهذا الكلام فرحني كثيراً، رغم إنه قاله بصوت عالي وبإشارة من أصبعه السبابة وذلك بسبب انزعاجه عن الذي قلته في مقالي عن جصان وغيرها من أرض جنوب كوردستان التي لازالت تخضع للاحتلال العراقي البغيض. عزيزي القارئ الكريم، بما أن الشيء بالشيء يذكر، هناك شيء جميل عن اسم جصان، لقد قلته في مقالاتي سابقاً، لكن لا ضير إذا أكرره هنا مرة أخرى، إلا وهو، أن الجيم والصاد لا يجتمعان في الاسم العربي، وهذا دليل على أن اسم جصان اسم كوردي معرب.

“يفكر الوطني بالأجيال القادمة، أما السياسي فيفكر بالانتخابات القادمة” (شكيب أرسلان”

22 05 2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here