سباق رئاسة الحكومة ينطلق مبكراً.. المالكي «جاهز» والكاظمي «يتحيّن الفرص»

انطلق السباق لرئاسة الحكومة المقبلة في العراق مبكراً، على رغم البعد النسبي لانتخابات تشرين، وغياب ملامح نتائجها في ظل التشظي الحاصل للأحزاب الكبيرة، ودخولها الاقتراع بمفردها، دون تحالفات كبيرة.

ومن المقرر أن يُجري العراق انتخابات نيابية مبكرة في 10 أكتوبر / تشرين الأول المقبل، وذلك استجابة لمطالب الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عام 2019.

وأعلنت أحزاب سياسية أسماء مرشحيها إلى رئاسة الحكومة، فيما تحتفظ أخرى بأسماء مرشحيها على أمل طرحهم في الوقت المناسب وخلال المفاوضات الرسمية، حيث أكد ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ترشيح الأخير لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة.

وقال النائب عن الائتلاف كاطع الركابي في تصريح صحفي إن «رئيس الائتلاف نوري المالكي هو مرشحنا لرئاسة الحكومة في حال الحصول عليها، فنحن نريد تقديم الخدمة للمواطن بغض النظر عن حصولنا على منصب رئاسة الوزراء من عدمه».

خيارات الكاظمي

على الجانب الآخر، يقلّب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، خياراته للظفر بولاية ثانية، في ظل بروز تحالفات سياسية متصالحة معه، وهو ما يجعل الطريق سالكاً أمامه لتسلم رئاسة الحكومة، إذ يمثل التقارب الحاصل بين الكاظمي وعدد من التحالفات السياسية، رافعة له لطرح اسمه مرة أخرى لتولي رئاسة الوزراء، خاصة في ظل عدم وجود معارضة لتكليفه بالمنصب، سوى من القوى المقربة من طهران.

وأثار التقارب الأخير بين الكاظمي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تساؤلات عن ضوء أخضر لتكليف الكاظمي مرة أخرى بتشكيل الحكومة، والعدول عن فكرة تقديم مرشح من التيار الصدري، كما أعلن الصدر.

لكن عضواً في التيار الصدري، نفى «تخطيط الصدر لترشيح الكاظمي لولاية ثانية، إذ أن الصدر يعتزم طرح مرشح من أتباعه لرئاسة الحكومة المقبلة، وفي حال فشل في ذلك، ربما سيطرح اسم الكاظمي، باعتباره خياراً وسطاً ومقبولاً من مجمل الأحزاب، خاصة وأن الأخير أعلن انسحابه من السباق الانتخابي، ما يجعله مستقلاً وبعيد عن سطوة أي حزب».

وأضاف عضو التيار، الذي رفض الإفصاح عن اسمه لـ (باسنيوز) أن «التيار يخطط منذ عدة أشهر لطرح أسماء مرشحيه لرئاسة الحكومة، بالاعتماد على المقاعد التي سيحصل عليها، إذ بدأت الماكينة الانتخابية للتيار بالعمل في المدن الرئيسية والمحافظات التي يتمتع فيها بثقل كبير».

ولفت إلى أن «لدى الصدر خطتين؛ الأولى تقديم مرشح التيار وفرضه على الجميع، والثانية ربما اللجوء إلى مرشح تسوية في حال وصلت الأمور إلى الانغلاق السياسي».

وتخوض أغلب الكتل الشيعية الاقتراع المبكر بشكل منفرد، حيث صادقت مفوضية الانتخابات على تحالف الفتح برئاسة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي والكتلة الصدرية التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

فيما يمثل تحالفا «تقدم» برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، و«عزم» برئاسة رجل الأعمال خميس الخنجر، أبرز التحالفات في المناطق السنية.

تفاهات بين الصدر والكاظمي

ونهاية الشهر الماضي، كشفت مصادر سياسية عراقية عن تفاهمات انتخابية بين الكاظمي والصدر، تقضي بدعم التيار الصدري لرئيس الوزراء الحالي بهدف بقائه على رأس الحكومة مقابل عدم تشكيل حزب أو كتلة والدخول في الانتخابات البرلمانية المؤمل إجراؤها في أكتوبر المقبل.

وبحسب تلك المصادر، فإن هذه التفاهمات تحظى بدعم قوى شيعية ممثلة برئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، وعن القوى السنية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وربما بعض الأحزاب الكوردية.

لكن آخرين، يرون أن الطريق لا تزال طويلة أمام الكاظمي ليبدد مخاوف وشكوك إيران فيه، وهي أولى وأهم الخبرات التي يجب أن تحتويها السيرة الذاتية للمتقدم لشغل وظيفة رئيس وزراء العراق، حيث ما تزال علاقة الكاظمي متوترة بالمجموعات المسلحة والمليليشيات التي تستعرض في شوارع العاصمة وتستهدف المنشآت الأجنبية، وهو ما يجعل الطريق نحو الولاية الثانية، يمر بجملة ظروف وتحديات كبيرة.

وفي ظل التشظي الحاصل بين الأحزاب والقوى السياسية، وخوضها الانتخابات بشكل منفرد، يقول مراقبون عراقيون، إن ذلك سيصعب مهمة تشكيل الحكومة، وتقديم مرشح من تلك الأحزاب، خاصة في حال مجيء نتائج الانتخابات متقاربة، وهو ما يدفع باتجاه اختيار مرشح تسوية.

طريقة الأرقام غير حاسمة

من جهته، يرى الخبير في الشأن العراقي سرمد الطائي، إن «منصب رئيس الوزراء كان يتم سابقاً عن طريق لعبة الأرقام، لكن الاحتجاجات الشعبية أطاحت بتلك المعادلة عندما سقطت حكومة عادل عبد المهدي، حيث رفض رئيس الجمهورية آنذاك ثلاثة مرشحين رسميين وأربعة آخرين غير رسميين، جاؤوا وفق طريقة الأرقام عبر الكتل التي تمتلك مقاعد أكبر في البرلمان، لكن التظاهرات، وقواعد تشرين أسقطت تلك الطريقة، واعتبرتها غير صالحة».

وأضاف الطائي في تصريح صحفي، أن «الانتخابات الجديد ستفرز أرقاماً جديدة وفق شكلين؛ الأول سيرضي الشعب، في حال إجرائها وفق سياقات مقبولة وأوضاع مناسبة، والثاني في حال أجريت وفق شروط القوى المسلحة، التي أخذت حصصاً لا نعرف كيف خلال الانتخابات السابقة، وحينها ستكون لغة الأرقام لو جاءت وفق الخيار الثاني، غير مقبولة ومرفوضة، ولن تنتج أية حكومة، بل ستأتي الحكومة المقبلة وفق القواعد التي أرادها الشعب، وعبّر عنها خلال التظاهرات».

لكن المحلل السياسي عماد محمد، يرى أن «تقديم المرشحين منذ الآن، لا يعني وصولهم إلى رئاسة الحكومة المقبلة، فهذه الأحزاب تعتمد على الدعاية الانتخابية، وتروج لنفسها على أنها قادرة للوصول إلى المنصب، لإيهام الناخبين وتعزيز فكرة قوتها في الشارع».

وأضاف لـ (باسنيوز)، أن «منصب رئاسة الحكومة يعتمد على جملة ظروف موضوعية، وسياسية، واقتصادية، ودولية وإقليمية، وتحدد تلك الظروف قبل أيام من تكليف أية شخصية بالمنصب، وهذا ما حصل لرؤساء الحكومات السابقة».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here