مجلة بريطانية: الفساد أوقف عجلة الإعمار بعد حرب دمرت نحو 75 % من المدن المحررة

ترجمة/ حامد احمد

منظر أهالي الموصل وهم يقيمون صلاة عيد الفطر بين أنقاض واطلال جامع النوري التاريخي وذلك للمرة الأولى منذ طرد مسلحي داعش من المنطقة عام 2017، ما هي الا صورة تذكرنا بشكل أليم وصارخ بان عمليات إعادة الاعمار في العراق تتقدم بخطى حلزون.

الدمار الذي لحق بالعراق ناجم عن سنوات من القتال مع داعش مضافا له الضرر الناجم عن شن حرب مطولة ضد منظمات إرهابية في العراق شارك فيها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة منذ اسقاط النظام السابق في البلد عام 2003. رغم حقيقة ان المملكة المتحدة تبرعت في عام 2019 بملغ 33 مليون جنيه استرليني (ما يقارب 43 مليون دولار) للمساعدة في إعادة اعمار مدن لحقها الدمار مثل الموصل، فان الشيء المحبط هو ان عددا قليلا فقط من مجموع 56,000 من المنازل والابنية المتضررة جراء الحرب قد تم إعادة اعمارها حتى الان. وتقول مجلة، بزنز ماترز البريطانية ان سبب ذلك يعود لحد كبير الى الفساد المستشري في البلاد الذي شهد هدر وسرقة مليارات الدولارات بطريقها الى جيوب مسؤولين وسياسيين وجماعات مسلحة. ولحد ما يتم اصلاح وتنقية الأسس التي بني عليها النظام السياسي والقضائي والاجتماعي العراقي من جميع حالات الفساد والتلاعب، فان البلد لن يكون قادر ابدا على إعادة الاعمار بعد سنوات من الإرهاب والمصاعب. في غضون ما يقارب من أربع سنوات قتال وحروب طاحنة، نفذت الولايات المتحدة اكثر من 9000 ضربة جوية والقت ما يزيد على 65000 قنبلة على العراق. ليس هناك مدينة كان حجم الضرر فيها اكبر من الضرر الذي لحق بمدينة الموصل التي شهدت خسائر تقدر بحدود 11 مليار دولار بضمنها تدمير 75% من الأبنية العامة. وبحلول أيلول 2018 تمت إعادة اعمار ما نسبته 17% من المدينة، وكان وزير التخطيط سلمان الجميلي قد قدر في شهر شباط من ذلك العام كلف إعادة اعمار جميع مدن العراق المتضررة بحدود 88.2 مليار دولار . وتشير الصحيفة البريطانية الى ان القوى الدولية كانت في البداية ممتنعة عن تقديم دعمها وذلك لما خبرته من حالات فساد رافقت برنامج صندوق إعادة اعمار العراق لعام 2003، وهو اضخم برنامج مساعدات خارجية أميركية تقوم به الولايات المتحدة منذ خطة مارشال وكان بحدود 21 مليار دولار.

وكشف تقرير مراجعة حسابات تفتيشي اجري عام 2007 ان فائدة هذا البرنامج كانت متعثرة بسبب العنف المستمر في العراق مع الفساد وضعف المراقبة التي كانت السبب في هذه المشاكل .

استنادا لاحد التقارير الرسمية فان النخب السياسية المتنفذة وحلفاءها يستغلون حالة ضعف مؤسسات الدولة والفرص الاقتصادية المتوسعة في ملء جيوبهم بالأموال على حساب العامة. النظام السياسي الهش المبني على المحاصصة والمحسوبية نتج عنه برلمان يكلف الدولة سنويا ما يقارب من 2 مليار دولار رواتب ونفقات وان الفساد مستشر في كل مجالات حياة المجتمع. في بغداد على سبيل المثال، فان واحدا من بين كل ثلاثة يقول انه خاض تجربة الرشوة . بعد ان تم طرد تنظيم داعش من العراق عام 2017، اعلن رئيس الوزراء في حينها حيدر العبادي بان الحرب القادمة سيتم شنها على الفساد. بعد 40 شهرا من تلك التصريحات الشجاعة يبدو انه لم يتحقق أي شيء من هذه الوعود وان الفساد ما يزال يعيق تقدم العراق .

ما لم تتمكن الحكومة من اصلاح الطريقة التي تسير بها الدولة من القمة الى القاعدة، فلا يبدو ان يكون هناك أي مجال لاعادة اعمار حقيقية، ولاجل تحقيق ذلك فانه يتوجب على المجتمع الدولي ان يلعب دوره في تغيير الوضع الراهن بدعم بناء وضع اجتماعي جديد في العراق مبني على مبادئ الاستقرار وحسن الإدارة والمصالحة. وهذا أمل بغداد الوحيد بمستقبل افضل تعتمد عليه.

 عن: مجلة بزنز ماترز البريطانية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here