أرقام بشرية!!

أرقام بشرية!!
وسائل الإعلام لا تنظر للأحداث بمنظار محايد ونزيه , فلكل منها رؤيته وأجندته المتصلة بمصادر التمويل والإمتلاك.
فوسائل الإعلام الطاغية تفتقد للموضوعية في بعض الأحيان , وتسلط مواقفها المعروفة والمحسوبة مسبقا على ما يحصل من تطورات في الدنيا كل يوم , ويمكن معرفة الموقف قبل التصريح به.
وما يجري من أحداث مأساوية مروّعة تقترب منها بعين واحدة , ولا تريد النظر إليها بعينين واسعتين , لترى الصورة بوضوح وجلاء.
والسائد أن البشر يمكن تقسيمه إلى أرقام , وبشر ذي مقام , وتُنزع صفة الآدمية من مجموعة ويتحقق تعظيمها في مجموعة أخرى , فتحشد إرادات الرأي مع البشر المفضل إعلاميا ضد البشر الأرقام الذي لا قيمة له , ويُمحى دون ردود أفعال وشعور بالإثم وتأنيب الضمير.
فالبشر الأرقام لا يستحق الحياة , فهو عدوها ويريد تدميرها لدى الآخر المُعظّم.
والإعلام يقسّم البشر إلى ذي قيمة ومجرد من أي قيمة , وذي القيمة يمحق المجرد من أي قيمة , وهكذا هي التفاعلات الإعلامية والعملية الجارية فوق التراب.
بشر أرقام لا يعني شيئا إن نام تحت الركام , وتدثر بالحطام , ومات بالجملة والمفرد , فهو مجرد أرقام , مئة , عشرة أو أكثر أو أقل , لا يعني شيئا , فالأرقام للطرح والضرب والقسمة , والجمع والرمي في وديان اللاجدوى.
والعديد من المجتمعات تحوّل فيها البشر إلى أرقام بلا قيمة ولا معنى ولا دور , وتساهم في تجريده من قيمته حكوماته الباغية عليه , والتي تسعى لتحويله إلى أرقام خاوية خائبة , لتضمن بقاءً أطول في الحكم.
وهكذا تجدنا أمام مجتمعات الأرقام , ومن حولها مجتمعات تعطي قيمة عليا للإنسان والحياة , وتوفر له أسباب أن يكون عزيزا كريما.
تلك حالة الواقع المعبَّر عنه إعلاميا ويوميا في كينونات ما أسهل أن تتحول إلى ركام على رؤوس الأرقام!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here