اتفاق الغرف المشتركة بين القوات الاتحادية والبيشمركة يدخل حيز التنفيذ

بغداد/ تميم الحسن

أخيراً، عاد التنسيق بين القوات الاتحادية واقليم كردستان في المناطق المتنازع عليها بعد قطيعة دامت نحو 6 سنوات بفعل ظهور داعش وتغييره خرائط المدن.
وافتتح مركزان مشتركان لادارة القضايا الامنية في تلك المناطق من اصل 4 مراكز سيتم افتتاحها تباعا.

ومن المفترض ان يسهم استئناف التفاهم بين بغداد واربيل على حصر تحركات “داعش” التي تستغل خلافات الطرفين والتي تصاعدت عقب مايعرف بـ”ازمة استفتاء الاقليم” في 2017.

لكن هذا التنسيق تعرض بالمقابل الى هجوم من اطراف غير كردية، بحجة رفض تمدد “البيشمركة” الى مناطق خارج الاقليم، وهو يتم نفيه من قبل الحكومة والكرد.

(المدى) كانت قد كشفت الأسبوع الماضي، عن لمسات اخيرة بانتظار انطلاق الاتفاق بين وزارة الدفاع الاتحادية و”البيشمركة” لادارة مناطق التماس مع كردستان، بعد جولات طويلة من المفاوضات.

تفاصيل الاتفاق

ويقول شاخوان عبد الله النائب السابق عن كركوك لـ(المدى) ان “الحوارت بين الطرفين ابتدأت قبل نحو عام واكتملت الاسبوع الماضي”.

وبحسب الاتفاق انه يتم انشاء 4 غرف امنية مشتركة كخطوة اولى، في مناطق خانقين، مخمور، الموصل، وكركوك.

ويضيف عبدالله ان “هذه الغرف ستكون لادارة المعلومات الأمنية فقط في هذه المرحلة ولم تصل بعد الى خطوة لاعادة انتشار البيشمركة كما يصورها البعض”.

قيادة العمليات المشتركة بدورها قالت السبت الماضي، إنها ستنشئ مركزاً للتنسيق الأمني المشترك بين الجيش والبيشمركة في كركوك ابتداء من يوم غد (أمس الاحد) بعد ديالى.

وتابع عبد الله: “هذه الغرف سوف تحدد بالمستقبل فيما لو هناك حاجة لانتشار البيشمركة في بعض المناطق ام لا، على ان يكون وجودها في الأطراف”.

وبحسب النائب السابق ان “هناك اتفاقا بين اطراف كركوك على ان يدار مركز المحافظة من ابناء المحافظة حصرا (قوات مشتركة)، والاطراف بين الجيش والبيشمركة او الاثنين معا في بعض المناطق”.

واكد عبد الله على انه في مراحل متقدمة سيتم “ابعاد الحشد الشعبي القادم من خارج المحافظة الى مناطقهم الاصلية، وابقاء الحشد الشعبي من ابناء كركوك فقط في الاطراف اذا كانت هناك حاجة لوجوده”.

ووجّه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بعد عطلة العيد الاخيرة، بتنفيذ الاتفاق الأمني بيت الطرفين في المناطق التي تشهد فراغاً أمنياً.

وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي في تصريحات صحفية السبت الماضي “لقد قمنا بتأسيس غرفة تنسيق مشترك في ديالى ونجحنا في ذلك، وسنجتمع غداً في كركوك بحضور ممثل قوات البيشمركة”. وأشار إلى أن عمل غرفة التنسيق يتركز على تبادل المعلومات الأمنية والاستخبارية حول تحركات تنظيم داعش والتصدي إلى تهديداته.

ويعيش أكثر من مليون كردي في المناطق المتنازع عليها، التي تبلغ مساحتها 37 ألف كم مربع، وتمتد من خانقين شرقي ديالى، الى سهل نينوى في شمال شرقي الموصل.

لعبة داعش

ويؤكد نجاة حسن، وهو امين تيار الحكمة في كركوك ان “الاتفاق بين بغداد واربيل قد انهار في اعقاب ظهور داعش في 2014 والانسحابات التي حدثت للقوات الامنية في ذلك الوقت”.

وخلال فترة سيطرة “داعش” ومعارك التحرير كان هناك فتور في العمليات المشتركة بين القوات الاتحادية و”البيشمركة” حتى قرار اربيل اجراء استفتاء في ايلول 2017.

وعمق الاستفتاء الازمة بين الطرفين، وقررت حكومة حيدر العبادي السابقة في تشرين الاول من نفس العام، إعادة نشر القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها، وإبعاد القوات الكردية.

بعد ذلك بدأت الهجمات تتصاعد في مناطق الفصل بين كردستان وكركوك ومناطق اخرى، وبدأت الاتهامات المتبادلة بين البيشمركة والحشد الذي وصل الى هناك بعد الازمة.

ويضيف حسين: “قبل عام تأكد الطرفان من اهمية عودة التنسيق ومنع داعش من التحرك في مناطق الفراغ التي يبلغ عرضها 2 كم الى 3 كم في بعض المناطق”.

وبحسب تقديرات العمليات المشتركة، فان مسافة الفراغات بين مواقع “البيشمركة” والقوات الاتحادية في كل المناطق المتنازع عليها، تصل في بعض المواقع الى 13 كم مربع.

ويتابع مسؤول تيار الحكمة: “تحولت مناطق الفراغ الى ان يسيطر عليها داعش في الليل وتعود ليد القوات الامنية في النهار، كما بدأ بالإيقاع بين الطرفين باستهدافهم من تلك المناطق”.

بيانات رفض

الملفت ان جميع المكونات في كركوك تعلم بخطورة الاوضاع في المحافظة، لكنها بالمقابل تنتقد عودة التنسيق مع “البيشمركة”.

الجبهة العربية في كركوك قالت في بيان تعليقا على عودة التنسيق بانها “بداية لاعادة البيشمركة” الى المحافظة.

وبنفس الطريقة رفض العضو التركماني في مجلس النواب عن محافظة كركوك النائب ارشد الصالحي تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم ممثلين عن البيشمركة ضمن حدود كركوك .

وقال الصالحي في تصريح صحفي، ان مكونات كركوك الرئيسة تدعم بقوة “ابقاء ملف كركوك الامني اتحاديا”، لكنه اشترط وجود “البيشمركة” خارج حدود كركوك.

واضاف ان “هناك صفقات سياسية، تعقد دون حضور وموافقة ممثلي مكونات كركوك”.

اما محمد البياتي وهو قيادي في منظمة بدر في كركوك، قال في تصريحات حول الموضوع نفسه، ان هناك “ضغوطا حقيقية من قبل الحزبين الكرديين على رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لاعادة انتشار البيشمركة” في المحافظة.

وسبق ان اكد الناطق العسكري للحكومة يحيى رسول في مؤتمر صحفي عقده في كركوك السبت الماضي، أن مراكز التنسيق المشتركة “ستكون بإشراف وقيادة الجيش يشترك بها ضباط ممثلون عن صنوف القوات العراقية كافة (ومنها البيشمركة) وتحت إمرة الكاظمي”.

خسارة الامتيازات

ويعتقد نجاة حسين وهو عضو سابق في مجلس محافظة كركوك ممثلا عن التركمان ان “اقتراب الانتخابات هو وراء بيانات الرفض لعودة التنسيق مع البيشمركة”.

حسين اكد ان “البيشمركة لم تدخل لا قبل ولا بعد 2014 الى مركز كركوك، وكان وجودها دوما في الضواحي، واليوم الحاجة الامنية تدعو الى التنسيق معها”.

وخلال الاشهر الماضية تصاعدت الهجمات في غرب وجنوب غرب كركوك، وشهد قضاء الدبس 7 هجمات في شهرين فقط.

ويشير المسؤول المحلي السابق الى ان بعض الاطراف في كركوك تخشى من ان عودة التنسيق قد يعني في مراحل متقدمة عودة منصب المحافظ الى الكرد، حيث يسيطر العرب الان على الموقع.

بدوره يتهم شاخوان عبد الله النائب السابق عن كركوك “جهات تنفذ اجندات اقليمية” بالوقوف ضد اي تنسيق بين بغداد واربيل.

واضاف عبد الله: “المعترضون يريدون بقاء الخراب وسوء الخدمات والخروقات الامنية في كركوك، واستمرار تهريب النفط من كركوك”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here