جاء يكحلها عماها؟!

محمد مندلاوي

إن عنوان المقال أقصد به بعض العرب من السياسيين أو الفنانين الخ،أولئك الذين يتحدثون في لقاءات تلفزيونية أو في برامج يقدمونها أو يكتبون في مقالتهم عن التهجير العنصري، الذي قام به نظام حزب البعث العربي الاشتراكي المجرم عام 1980 ضد شريحة الكورد الفيلية، وذلك بأمر مباشر من رئيسه المقبور المتخلف عن خدمة العلم (جندي أفرار) المدعو صدام حسين.

للعلم، أن أكثر من 95% من المهجرين عام 1980 إلى إيران عبر أراضي جنوب وشرق كوردستان هم من الكورد الفيلية، الكورد الشيعة، لأن (سمير نورعلي) ذلك الشاب الذي قام بعملية جامعة المستنصرية عام 1980 كما زعم النظام حاول قتل الرجس المدعو طارق عزيز كان من الكورد الفيلية، كما أشيع في حينه إنه كان منتمياً لحزب أو تنظيم عقدي شيعي غير كوردي، غير كوردستاني؟؟!!- أن هذا الانتماء إذا كان صحيحاً يعتبر من الذنوب التي لا تكفر قط، كيف أن كوردياً ينتمي لحزب أو تنظيم غير كوردي وكوردستاني!!!- فلذا شن نظام حزب البعث العنصري وأجهزته القمعية المجرمة من الجيش والشرطة والأمن والمخابرات الخ حملة شعواء على عموم الكورد الفيلية في عموم العراق، بما فيه مدنهم في جنوب كوردستان بدءاً من بدرة وجصان مروراً بمندلي وخانقين ومدن أخرى وانتهاءً بكركوك، وأبعد مئات الآلاف منهم ظلماً وبهتاناً إلى إيران – كما أسلفت،تم تهجيرهم عبر أراضي إقليمي جنوب وشرق وطنهم المحتل من قبل عراق وإيران وهما إقليم جنوب كوردستان وإقليم شرق كوردستان- بعد أن استولى على ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، وقام باحتجاز شبابهم في معتقلاته الرهيبة سيئة الصيت، وكعادة حزب البعث الإجرامية،قام فيما بعد بقتلهم بدم بارد، جرب عليهم مفعول وتأثير أنواع الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا.

كما قلت في صدر المقال، هناك من العرب من يحاول أن ينصف الكورد، لكن بسبب عدم اطلاعه عن ماضي وحاضر الكورد وكوردستان، أو بسبب ثقافته اليعربية العنصرية لا يستطيع أن يقول الحق كله، لذا يقع في مطبات كبيرة، بدل أن ينصف الكورد يسيء إليهم ويشوه ما تعرضوا له من مآسي على أيدي محتليهم العرب، وهذا يعتبر اغتيال معنوي لهم ولقضيتهم العادلة. عزيزي القارئ اللبيب، أن عموم العرب الذين يتكلمون عن تهجير الكورد الفيلية يقولوا عنهم ظلماً وعدواناً بأنهم من التبعية الإيرانية!!!، وهذا غير صحيح بتاً، هؤلاء كما عموم الكورد لهم وطن اسمه كوردستان يمتد من الماء إلى الماء؟ لكن بعد احتلال كوردستان وتقسيمها بين الكيانات الأربعة المستحدثة المعروفة عند الكورد بمربع الشر وهي تركيا وإيران والعراق وسوريا من قبل أمريكا والغرب (الكافر) منح الكوردي الذي في جنوب

كوردستان (العراق) الجنسية العراقية، أما الذي صار في شرق كوردستان (إيران) منح الجنسية الإيرانية، وفي شمال كوردستان (تركيا) منح الجنسية التركية، وفيما بعد جزيء من شمال كوردستان ألحق إبان الاستعمار الفرنسي (الكافر) بسوريا إلا وهو غرب كوردستان، وحصل غالبيتهم على الجنسية السورية. ليعلم من يتحدث عن مظلومية الكورد، لا يوجد كوردي تبعية إيرانية أو تبعية عراقية الخ، الكوردي يحمل وثائق (دولة) من (دول) مربع الشر التي تحتل وطنه كوردستان لحين تفك هذه (الدول) ارتباطها غير الشرعي وغير القانوني مع كوردستان الوطن الأم للأمة الكوردية العريقة. عزيزي القارئ، لو كانت هذه (الدول) التي تحتل كوردستان بحق وحقيقة (دول) وتحترم نفسها لأزالت بينهم الحدود المصطنعة وسمحت لعموم الكورد التنقل بين أجزاء وطنهم كوردستان بهوية شخصية فقط أو بدونها، لا أن تمنع الأخ الذي صار داخل حدود كيان العراقي المستحدث بعد خط الحدود الجائرة لا يلتقي مع أخيه أو عمه أو خاله أو أقاربه مدى الحياة؟؟!! وهكذا الكورد في غربي كوردستان (سوريا) بعد خط الحدود وإلحاق تلك الجزيء بسوريا لا يلتقي مع أشقائهم وأقاربهم في شمال كوردستان (تركيا). أرجو أن يعي هذا السياسي والمثقف والفنان والشاعر الخ العراقي والسوري والتركي والإيراني هذا جيداً ولا يستحمر نفسه. نعم كان هناك كورد فيلية في العراق وغالبيتهم كانوا في بغداد يحملون الجنسية الإيرانية والإقامة في العراق، لقد حصلوا عليها إبان الحكم العثماني البغيض كي يتخلصوا من الخدمة العسكرية للدولة العثمانية الجائرة (سفربرلك) لذا سجلوا أنفسهم كإيرانيين، لكن هؤلاء عام 1970 في عهد حكم المقبور أحمد حسن البكر تم تسفيرهم إلى إيران. أما الذين هُجروا عام 1980 إلى إيران وعددهم فاق النصف مليون إنسان كانوا يحملون الجنسية العراقية وأنا منهم، كانت لجدتي الجنسية العراقية، وهكذا والدي كان يحمل الجنسية العراقية 1947 و1957، وأنا كنت أحمل الجنسية العراقية 1957، والهوية الشخصية، ودفتر الخدمة العسكرية، ولم يدون في أية وثيقة من هذه الوثائق بأننا إيرانيون، وكان كل المهجرون يحملون ذات الوثائق العراقية التي أحملها أنا ووالدي. حتى أني دخلت في جدال حاد مع ضابط الأمن في مديرية الأمن العامة حين حقق معي، قال لي: وقع. عندما قرأت النص المدون على الكتاب الرسمي وجدت النص مكتوب: قبض عليه لكونه إيرانياً. قلت له: أنا لست إيرانيا. قال: والدك أليس إيرانياً. قلت له: والدي عراقي ويثبت قولي الوثائق التي يحملها. قال: جدك. قلت له: جدي أيضاً عراقي منذ آخر تخطيط للحدود التي قسمت مزقت الأرض الكوردية عام 1913- 1914 بين كل من إيران التي كانت تسمى فارس في ذلك التاريخ والدولة العثمانية، نحن أبناء قبيلة (كلهر- Kalhur) الكوردية كما القبائل الكوردية الأخرى ثلاث أرباع قبيلتنا بقت داخل الحدود السياسية للكيان الذي سمي بعد عام 1935 إيران، – في الحقيقة إنها شرق كوردستان ألحقت بإيران قسراً- والربع الآخر قبيلة وأرضاً صار ضمن الدولة العثمانية التركية، لم يكن آنذاك قد تأسس العراق- طبعاً هو الآخر صار امتداداً لأرض جنوب كوردستان- يا ترى ما ذنبنا نحن الكورد إذا ظلمنا الاحتلال التركي والفارسي؟؟. لم يفد هذا الكلام مع ضابط الأمن ولا مع قطعان الأمن وقال: أبو جدك ليس إيرانياً. قلت له: هل تريد تصلني إلى آدم. نظر إلي بغضب وقال لي بعصبية: وقع أن ولائكم لإيران!!!. لقد ذكرني بكلام أن ولائكم لإيران النائب فائق الشيخ علي حين قال في لقاء تلفزيوني: إن مدير الأمن العام حينه فاضل البراك قال: المهجرون صنفين منهم تبعية بالأصل، ومنهم تبعية بالولاء لإيران- قياساً على كلام المقبور فاضل البراك أن العرب أيضاً ليسوا بعراقيين لأنهم جاءوا من جزيرة العرب ولازال ولائهم للوطن الذي جاءوا منه في صدر الإسلام وهو جزيرة العرب. إن الإيراني حتى إذا وجد على أرض العراق فهو أقدم من الوجود العربي بأكثر من 1000 عام، وآثارهم تشهد على ذلك ليومنا هذا، بينما لا أثر للعرب في العراق قبل الإسلام. على أية حال، أجبرت أن أوقع على تلك وثيقة العار البعثية اليعربية الجبانة: قبض عليه لكونه إيرانياً!!!. ليعلم من يصله كلامي هذا: أنا لست إيرانياً، ولا أملك أية وثائق إيرانية، ولا أعتبر نفسي عراقياً أيضاً، ولا فرق عندي بين محتل وآخر،إنهما وجهان قميئان لعملة مزورة واحدة، أن كان هذا المحتل… أعرابياً أو أعجمياً (فارسياً)،طورانياً أو بريطانياً الجميع عندي سواسية، الذي يحتل وطني

كوردستان ويضطهد شعبي الكوردستاني المسالم هو محتل بغيض يجب مقاومته بكل الوسائل المتاحة، وأنا كما يقول القوانين الوضعية والشرائع السماوية سأبقى منتمياً بروحي إلى شعبي الكوردي ووطني كوردستان ما حييت.

الذي نقوله في هذه الوريقة للعربي الذي يكتب أو يتحدث عن الكورد، أن يطلع ولو قليلاً على الجوانب التاريخية لهذا الشعب العريق، وكذلك يطلع على حقيقة المجازر الدموية التي ارتكبت ضده في القرن العشرين من مصادر كوردية أو من أفواه ذوي الضحايا الذي نجوا بأعجوبة من تلك المجازر، لا أن يكتب أو يتكلم عن ما جرى للكورد من مآسي بمداد بعثية ولسان يعربي لا يعرف من الحق شيء سوى اسمه.

“قل الحق ولو كان مرَّا”

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here