هل ستنتهي قصة اِعتقال القيادي بالحشد “قاسم مصلح” مشابهة لسيناريو (البوعيثة)!؟

هل ستنتهي قصة اِعتقال القيادي بالحشد “قاسم مصلح” مشابهة لسيناريو (البوعيثة)!؟

محمد وذاح

ماتزال العاصمة العراقية، بغداد، تعيش انتشاراً أمنياً رسمياً وإغلاقاً عند المداخل الرئيسة المؤدية للمنطقة الخضراء الرئاسية شديدة التحصين، بعد أكثر من 24 ساعة على عملية اعتقال قيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح، بناءً على مذكرة قبض وتحر قضائية.

وجاءت تحركات الإغلاق الأمني بقطع مداخل المنطقة “الخضراء”، عقب استعراض عسكري أمس الأربعاء، قامت به قوة تنتمي الى الفصائل العراقية المنضوية تحت مظلة الحشد الشعبي، اخترقت الحصون الرئاسية ووقفت على مقربة من منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تنديداً باعتقال أحد قادتها دون وجه حق حسب ادعائها.

وشهدت بغداد، حالة من التقييد بالحركة والحذر الشديد، بعد نزول سيارات رباعية الدفع في مناطق شارع فلسطين والكرادة والمنطقة الخضراء، كان على متنها عناصر من الحشد يجولون في الشوارع ويتوعدون رئيس الحكومة، على خلفية اعتقال قاسم مصلح، فجر أمس الأربعاء.

وعشية تلك الليلة، رشحت انباء ومواقف متضاربة، بشأن مصير القيادي قاسم مصلح وأسباب وظروف اعتقاله، فقد أظهرت مقاطع فيديو مصورة، لعناصر من الحشد يحتفلون بإطلاق سراح القيادي قاسم مصلح، بالاتفاق مع الكاظمي وقيادات الحشد، بالمقابل نفى مدير إعلام هيئة الحشد الشعبي مهند العقابي، في تغريدة على موقع تويتر، مساء الأربعاء، إطلاق سراح القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح، إلا أنه ألحقها بأخرى تلميحية توضح انتهاء موضوع الاعتقال “ووئدت الفتنة”!.

“اعتقال استفزازي”

وترى العديد من القوى السياسية، ان طريقة اعتقال القيادي في الحشد الشعبي، قاسم مصلح، وما رافقه من حملة إعلامية منظمة تستهدف الحشد كمنظومة عسكرية من خلال “مصلح”، ويعتبر أمر استفزازي للحشد وتجاهله بطريقة وأخرى عبر اعتقال قادته دون اناطة الأمر بهِ على أعتبار أنه يملك هيكلية أمنية وقاضٍ يبت في أوامر الاعتقال المُتعلقة بمنتسبيها.

وفي هذا الشأن، يرى رئيس تجمع السند الوطني، النائب أحمد الأسدي، أن “اعتقال القيادي في الحشد (الحاج قاسم مصلح) بهذه الطريقة المخالفة للقانون سابقة خطيرة قد تؤدي إلى مزيد من التوتر وردود الأفعال كون هذا الإجراء يعد تجاوزاً على مؤسسة أمنية نفتخر بانتمائنا لها”، مشدداً على ضرورة “تصحيح هذا الخطأ الفادح وإعادة الاعتبار لهذه المؤسسة وقادتها ورجالها”.

فيما هاجم زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، اعتقال قائد عمليات الحشد الشعبي في الأنبار قاسم مصلح، وقال له إن “اعتقال قيادي مهم في الحشد الشعبي بعملية خارج السياقات القانونية والعسكرية وبهذه الطريقة لا تعدوا كونها عملية خلط الأوراق ومحاولة خبيثة لإرباك الوضع الامني وايجاد الفوضى للدفع باتجاه الغاء الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ وتعطيل الدستور، يجب الوقوف بقوة أمام هذه المحاولات ويجب اعادة تطبيق السياسات القانونية الصحيحة بتسليم المعتقل الى أمن الحشد الشعبي وبشكل قانوني”.

وفي شأن محاولة شيطنة الحشد الشعبي واستهدافه المنظم من قبل الكثير من القوى المحلية والدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، أعتبر عضو مجلس النواب يوسف الكلابي، أن “جهات تسعى لتسويق ورمي تهم قتل الناشطين الى ساحة الحشد الشعبي”.

وجاء تصريح الكلابي، تعليقاً على الحملة الاعلامية المنظمة التي رافقت أعتقال القيادي بالحشد (قاسم مصلح)، مشيرا إلى أن “جميع مؤسسات هيئة الحشد الشعبي ومنها مديرية الأمن تخضع لأوامر القائد العام للقوات المسلحة”.

الإضرار بهيبة الدولة!

بالمقابل، جاءت ردود الافعال الأممية والدولية ومحلية، مساندة للحكومة في فرض القانون، حيث علّقت ممثلة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، حول اعتقال (مصلح)، بالقول إنه “يجب أن تأخذ أي قضية اعتقال مجراها، كما تجري مع أي مواطن عراقي”، مردفة أنه “بالتأكيد، لا ينبغي لأحد أن يلجأ إلى استعراض القوة ليشق طريقه، وهكذا سلوك يضعف الدولة العراقية”، في وقت أكدت أنه “يجب احترام مؤسسات الدولة في كل وقت، ولا أحد يعلو على القانون”.

بدوره، أكد السفير الكندي لدى العراق، أولريك شانون، في تغريدة على موقع تويتر، أنه “لا يمكن احترام الحقوق الأساسية للمواطن، ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الناشطين وسط انتشار جماعات مسلحة تعتبر نفسها فوق القانون”، مشيراً إلى أن “استعراض الأسلحة ضد مؤسسات عامة هو تهديد واضح لهيبة الدولة، ويجب السماح للقضاء العراقي بالعمل دون التهديد بالعنف، وتطبيق القانون على الجميع”.

أما السفارة البريطانية لدى بغداد، فقالت في بيان إن “العراقيين طالبوا ويستحقون دولة يحاسب فيها من يخالف القانون، لا ينبغي لأحد استخدام القوة والتهديد لعرقلة التحقيقات الجنائية”، مضيفة: “تقوم الديمقراطية على إحترام سيادة القانون”، ومعربة عن تأييدها “بالكامل تحقيق الحكومة في أعمال الجماعات المسلحة”.

في حين أصدر القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، في ساعة متأخرة من ليلة أمس الأربعاء، بياناً بشأن الأحداث قال فيه إن “قوة أمنية عراقية، مختصة بأمر القائد العام للقوات المسلحة، نفذت مذكرة قبض قضائية بحق أحد المتهمين وفق المادة 4 ارهاب وبناء على شكاوى بحقه، وشكلت لجنة تحقيقية تتكون من قيادة العمليات المشتركة واستخبارات الداخلية والاستخبارات العسكرية والأمن الوطني وأمن الحشد الشعبي للتحقيق في الاتهامات المنسوبة اليه”، موضحاً أنه “الآن بعهدة قيادة العمليات المشتركة الى حين انتهاء التحقيق”.

الكاظمي، وصف المظاهر المسلحة التي حدثت من قبل مجموعات مسلحة بأنها “انتهاك خطير للدستور العراقي والقوانين النافذة، ووجهنا بالتحقيق الفوري في هذه التحركات حسب القانون”، مردفاً أن “حماية أمن الوطن وعدم تعريض أمن شعبنا الى المغامرات في هذه المرحلة التاريخية مسؤولية ملقاة على عاتق الحكومة والقوى الامنية والعسكرية والقوى والاحزاب والتيارات السياسية، ولذلك ندعو الجميع الى تغليب مصلحة الوطن”.

ويبدو أن السيناريو المتوقع لحادثة اِعتقال القيادي بالحشد (قاسم مصلح)، سيكون مشابهاً لواقعة (البوعيثة) التي حصلت في حزيران من العام الماضي 2020، حين اقتحمت قوة من مكافحة الإرهاب مقراً لـ”كتائب حزب الله”، في منطقة البوعيثة جنوبي بغداد، واعتقلت مجموعة مكون من 14 عنصراً، متهمة بتنفيذ هجمات تستهدف المنطقة الخضراء التي تضم السفارة الأمريكية، إلا إنها أنتهت باطلاق سراحهم لعدم كفاية الأدلة، سبق ذلك استعراض عسكري للفصائل وتهديد لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي لم يمضي أكثر من شهر على توليه مهام رئاسة الحكومة، خلفاً للمستقيل عادل عبد المهدي، على أثر الاحتجاجات الشعبية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here