الحقيقة التي يخاف منها الكثير.. استقرار العراق بإلغاء الحشد الشعبي

الحقيقة التي يخاف منها الكثير.. استقرار العراق بإلغاء الحشد الشعبي

سعد الكناني

كان سقوط ثلث الأراضي العراقية في حزيران 2014 في عهد حكومة الولائي نوري المالكي من حلقات سلسلة تنفيذ المشروع الإيراني وبسط النفوذ بعد أن اطلقت دواعشها لغاية تأسيس الدولة العميقة في العراق ، وسقوط الموصل كان مخطط له منذ عام 2010 عندما فازت قائمة اياد علاوي بالانتخابات ورفضت إيران تشكيل الحكومة من قبل علاوي. والتأكيد على ذلك التصريح المتأخر المتلفز للدكتور صالح المطلك في 3/3/2016عندما قال” إن أحمدي نجاد الرئيس الإيراني في ذلك الوقت أرسل على إسامة النجيفي وقال له بالحرف الواحد عليك دعم نوري المالكي لولاية ثانية وخلاف ذلك ستسقط الموصل بيد داعش “. وعندما سأله مقدم البرنامج “لماذا لم يصرح إسامة النجيفي بذلك؟ رد عليه “اسألوه” . وجاء التهديد الثاني من قبل قاسم سليماني لإسامة النجيفي في يوم 13/2/2014 “إذا لم تتعاون معنا الموصل ستسقط بيد داعش” . وجاء السقوط بعد انسحاب الجيش العراقي بأمر من نوري المالكي. وإيران وميليشياتها قدمت الكثير من التسهيلات كي تحتل الموصل من قبل تنظيم داعش ( خط إيران)، وترك الجيش كميات كبيرة من الأسلحة المتنوعة المتطورة لعناصر داعش الإرهابي، من ضمنها مروحيات، ودبابات ومدافع ثقيلة، بلغت قيمتها بحسب تقديرات وزارة الدفاع العراقي نحو 27 مليار دولار.

إيران هي الحاضنة الأم لقيادات القاعدة وداعش ، وقد تعزز احتلالها للعراق من خلال أذرعها العسكرية والسياسية والحوزوية خاصة بعد الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011 الذي جاء باتفاق أحمدي نجاد وأوباما والذي ساهم في تنفيذ مخططها الشرير في ابتلاع العراق وكانت اول محطة له هو تشكيل الميليشيات لتدمير البلاد والعباد تحت غلاف فتوى السيستاني “الجهاد الكفائي” . التي وصفها السيد محمود الصرخي في وقتها بـ” الفتنة الكبرى” وطلب من السيستاني تصحيحها بالانخراط تطوعا في الجيش ولكن السيستاني رفض ذلك . وبطلب من الأخير قامت قوات المالكي بالهجوم على اتباع الصرخي في كربلاء بتاريخ 3/7/2014 وقتل وجرح منهم نحو ألف شخص لأنهم رفضوا فتوى “الفتنة” ووجوب الانخراط تحت أمرة الجيش والشرطة وليس بكيان مماثل للحرس الثوري الإيراني على حساب العراق ومستقبله.

ولتعزيز النفوذ الإيراني في العراق وجعله القلب النابض لمشروعها التوسعي في المنطقة جاءت الطامة الكبرى بإقرار قانون “الحشد الشعبي” وكان أسرع قانون في تاريخ البرلمان العراقي تم إعداده وتمريره خلال ساعتين في عهد الولائي “سليم الجبوري” بتاريخ 26/11/2016 . وكان اصل القانون “أن يكون الحشد قوة ساندة للجيش” وبعد مرور الزمن تحول هذا الكيان إلى “عملاق” بلع الدولة والحكومة وخرق السيادة وداس على هيبة الدولة من تهجير ونزوح واغتيالات واختطاف وسرقة المال العام وقصف المعسكرات والمواقع العراقية والبعثات الدبلوماسية وتدمير البنى التحتية والقائمة تطول .

وأخيرّاً وليس آخرًاً احداث يوم 26/5/2021 عندما طوقت هذه الميليشيات التي رواتبها وتجهيزاتها من خزينة الدولة المنطقة الخضراء لإطلاق سراح متهم بالإرهاب بموجب مذكرة قضائية لقتله النشطاء المدنيين في مقدمتهم “فاهم الطائي وإيهاب الوزني” وقد نقلت شاشات التلفزة كيف جاءت هذه الميليشيات بأمر من رئاستها وهي تهدد بالسلاح رئاسة الحكومة لإطلاق سراح مجرم.

منذ 2005 والميليشيات المرتبطة بإيران هي من تحكم العراق عبر أحزابها السياسية التي جاءت كمظلة للتغطية على جرائمها وخرقها لسيادة البلد وسرقة ثرواته النفطية وغيرها سواء بالتهريب او من خلال العقود والصفقات الفاسدة حتى وصل العراق إلى مديونية خارجية وداخلية تقدر نحو 134 مليار دولار تدفعها الاجيال القادمة دون وجه حق وعجز مالي كبير جداً يصعب على الحكومة دفع رواتب موظفيها إلا بطريقة الاقتراض.

والحالة التي وصل إليها العراق تكمن في ترك الحرية لإيران ولعملائها في الهيمنة وسرقة ثروات البلد دون وجود معارضة شعبية وطنية فاعلة تسعى الى تحرير وطنها من الميليشيات. ولو كان لدينا نخب سياسية وطنية حقيقية لقامت بدورها محذرة المجتمع الدولي من ان العراق أصبح دولة يهدد السلم في المنطقة؟. وعلى المجتمع الدولي أن يعي الحقيقة عندما يواجه دولة مارقة مثل إيران التي لا تفهم في الحوار البناء والأخلاقيات يجب أن تحاربه بذات السلاح، ولا يمكن محاربة الإرهاب والغطرسة بالأخلاق، لقد بلغت هذه المليشيات اوج قوتها في عهدي عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي . ووصل تجاوزها الى حد اهانة الكاظمي القائد العام عدة مرات كما نقلت وسائل الاعلام ذلك .ضاربة عرض الحائط دعوات رئاستي الجمهورية والوزراء إلى احترام هيبة الدولة.

إن استمرار وجود المليشيات الى جانب الفساد والسرقة، وتجويع الشعب واذلاله، وتحطيم ارادته وصموده، يقوي الاساس الذي تستند اليه إيران للحفاظ على غنيمتها. وبالتالي، فان اية مراهنة على احداث اي تغيير لصالح العراقيين من قبل هؤلاء الاشرار، هي مراهنة فاشلة قطعا بدون إلغاء الحشد الشعبي سوى عبر دمجه في الجيش وفق الضوابط أو منحهم اكرامية وعودتهم الى اعمالهم السابقة قبل تشكيل الحشد .

وقد عوّدنا الحشد عندما يحتاج الى تمويل من الحكومة وزيادة في رواتب منتسبيه يقول “نحن مرتبطين بالقائد العام” وعندما تأمرهم إيران بالذهاب الى سوريا وحرق المزارع وتدمير المصانع وقتل النشطاء المدنيين واصحاب الأصوات الحرة كما هو واقع الحال القائد العام آخر من يعلم بذلك .

والدعوات التي يطلقها زعمائهم ” إن الحشد باقٍ حتى نهاية داعش” فهذه كذبة كبرى لتضخيم ثرواتهم المالية التي تجاوزت مليارات الدولارات عدا عقاراتهم في بغداد والنجف وكربلاء وبيروت وطهران ولندن. وللمعلومات تنظيم داعش الإرهابي ليس له تموضع عسكري بل خلايا نائمة لايزيد عناصرها عن الفي مجرم بموجب التقارير الاستخبارية وتصريحات المسؤولين في مقدمتهم وزير الدفاع الفريق الركن جمعة عناد في حوار متلفز يوم 6/1/2021 ونعتقد أن قوات الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية كافية لإنهاء داعش .إذن داعش بالنسبة لزعماء الحشد عبارة عن “خبزة” وقد اكد على ذلك حيدر العبادي في تصريحات متلفزة وبمناسبات عدة . لذا نجدد التأكيد لا طريق للخلاص من المحنة التي يعيشها العراق وتحقيق السيادة واحترام هيبة الدولة إلا في إلغاء الحشد النسخة الثانية من الحرس الثوري وبعدها ستفتح أبواب الخير والأمل في تعديل الدستور وتحقيق الدولة المدنية التي في ظلها سيتم تعزيز قوة القانون وتنعدم فيها الأحزاب الإسلامية والميليشيات السرطان الذي تمادى بنهش الشعب العراقي .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here