أيزيديات هربن من داعش يتكيفن مع مخيمات النزوح

قسم من النازحين العراقيين بدأوا بالرجوع لمنازلهم المحطمة والمتضررة، اما بالنسبة لقسم من النساء الايزيديات فان بقاءهن للعيش في مخيمات تعد فرصة لتطوير قدراتهن ومهاراتهن.

لم تكن هناك أي قاعة لرياضة، الجم، أو أي منشأة رياضية من أي نوع للنساء في القرية التي تعيش فيها الايزيدية حسناء في منطقة سنجار، حتى قبل اجتياحها من قبل مسلحي داعش وقبل نشوء حرب تسببت بتدمير مدن وقرى. تمارين رياضة الملاكمة التي تقوم بها حسناء الان هي أول حدث رياضي من نوعه بالنسبة لنساء في بلدتها.

خلال الأشهر القليلة الماضية، دفعت السلطات العراقية النازحين من الايزيديين الى الرجوع لمساكنهم في منطقة سنجار. وبينما رجع الايزيديون الى سنجار لاعادة بناء حياتهم من جديد، قامت الفتاة الايزيدية حسناء البالغة من العمر 21 عاما بافتتاح قاعة الجم الصغيرة الخاصة بها هناك. ومع كيس من كفوف الملاكمة ومتعلقاتها، قامت بتحويل غرفة فارغة الى قاعة رياضية لتمارين رياضة الملاكمة.

حسناء هي من بين 1.5 مليون نازح عراقي، انهم مدنيون اجبروا على ترك مناطقهم ومنازلهم هربا من اجتياح مسلحي داعش لمنطقتهم، وما تبع ذلك من قصف وغارات جوية ضد التنظيم لطردهم من المنطقة.

وتقول حسناء: “كل ما اتذكره هو اننا اضطررنا في فجر احد الأيام ان نترك وراءنا كل شيء وان نركب السيارة هربا الى الجبل. كان داعش يقترب من منطقة سنجار. ولو كنا بقينا لكنا قد قتلنا كما حصل للآخرين”.

كثير من الايزيديين واجهوا أهوالا مروعة لا يمكن وصفها وهم يحاولون الهروب وقد شاهدوا امام اعينهم قسما من أقاربهم واهاليهم وهم يقتلون او يختطفون على ايدي مسلحي داعش.

منذ العام 2014 والنازحون الايزيديون يتجمعون في مخيمات للنازحين عبر مناطق إقليم كردستان. المخيمات، التي يأوي كل واحد منها عشرات الآلاف من النازحين، هي غالبا ما تكون على بعد كيلومترات من اقرب مدينة، ومن الناحية العملية تكون معزولة عن بقية احياء البلد. عوائل اضطرت فيها للعيش ضمن كرفانات صغيرة على مدى سنوات.

هذا لم يمنع قسما من النازحات النساء من تطوير وتحسين طرق حياتهن. مخيمات النازحين في إقليم كردستان مليئة بقصص النجاح عن نسوة بنين حياتهم من الصفر ثم تركن المخيمات وهن اكثر ابداعا وتألقا عنهن عندما جئن لأول مرة للمخيم.

حسناء كانت واحدة من تلك النسوة. فقد تعلمت خلال تواجدها في مخيم راونجا على مدى سبع سنوات كيف تمارس رياضة الملاكمة، حيث قضت معظم سني المراهقة هناك.

في عام 2018 التحقت حسناء بمشروع يطلق عليه الخوات الملاكمات. وكانت منظمة غير حكومية تدعى، زهرة اللوتس، هي من بادرت بهذا المشروع وكان الغرض منه تطوير قدرات النساء النازحات الذهنية والصحة البدنية.

تقول حسناء: “ذهبت الى الجلسة الأولى من التدريب ووقعت مباشرة بحب هذه الرياضة”.

كل المتدربات بضمنهن الملاكمة البريطانية، كاثي براون، التي زارت المخيم اتفقن على ان حسناء لديها موهبة.

الان أصبحت حسناء مدربة ملاكمة متمكنة هي بنفسها. ليس جيرانها واصدقاؤها في المخيم يعرفونها فقط بل انها أصبحت معروفة بالنسبة لنساء يقمن في مخيمات أخرى كن يحضرن تمارينها الرياضية. منظمة زهرة اللوتس الخيرية كانت تدعم حسناء للقيام بزيارات دورية لمخيمات أخرى للنازحين وتدريب مزيد من النساء والفتيات، حتى بعد رجوعها لمنطقة سنجار.

وتقول حسناء ان رياضة الملاكمة اعطتها شعورا بان ما تمارسه له معنى وغرض. وتؤكد بقولها “لولا دورات تمارين رياضة الملاكمة، لما كنت اعرف ما أقوم به عند عودتي لسنجار. ليس هناك شيء بالنسبة لي، لا وظيفة و لا جامعة يمكنني تسديد تكاليفها”.

في مخيم راونجا للنازحين، فان تمارين رياضة الملاكمة هي ليست البرنامج الوحيد يعتمد عليه لتطوير قدرات النساء. حيث ان منظمات إنسانية أخرى، مثل منظمة زهرة اللوتس غير الحكومية، عرضت جملة من برامج أنشطة تربوية تهدف الى تثقيف النساء ودعمهن لتحقيق الاستقلالية.

وتقول، فيان احمد، المديرة الإقليمية لمنظمة زهرة اللوتس “كلها برامج ناجحة لان النساء رحبن بها وقدرنها، وقد شاركن بها جميعا”.

ويعود الفضل لبرامج التدريب التي تقدمها المخيمات في تعليم عشرات النساء كيف يبدأن مشاريعهن التجارية. ليلي، امرأة ايزيدية تبلغ من العمر 37 عاما، تعلمت فن الخياطة من خلال دورات تدريب قامت بها منظمة زهرة اللوتس. وقد فتحت الان ورشتها الخاصة بها للخياطة وذلك بعد عودتها لبلدتها.

تقول ليلى: “انه امر يدعو للدهشة، معيشتنا في المخيم اعطتنا فرص لتعلم مهارات بالنسبة للنساء لم نكن لنحصل عليها في مكان آخر، لقد تعلمنا حرفة تفيدنا عند عودتنا لبلدتنا”.

في المناطق الريفية والقروية في العراق لم تكن هناك فرص بالنسبة للنساء للذهاب الى مدرسة للتعلم او تعلم مهنة تمنحها الاستقلالية عن العائلة.

تقول فيان احمد مديرة فرع منظمة زهرة اللوتس: “دوراتنا التعليمية لمحو الامية في المخيمات كانت دائما مكتظة بالنساء، والان فان اكثر من مئة امرأة تعلمت القراءة والكتابة”.

احدى النساء التي لم تغب عن أي يوم من دورات محو الامية وهي الايزيدية، نينا، ساعدتها منظمة زهرة اللوتس على فتح متجرها الصغير للبقالة في معسكر ايسيان. وبالدخل الذي تحصل عليه تتمكن نينا من مساعدة عائلتها ورعاية زوجها المعاق.

 عن: موقع INFO Migrants

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here