الاعلام الفرنسي يستغل اية حادثة لتشويه صورة الاسلام

الاعلام الفرنسي يستغل اية حادثة لتشويه صورة الاسلام

اعتدى قبل يومين في مدينة سيرجي احد الضواحي الباريسية شخص جزائري على افريقي اسود امام مطعم بيزا. لقد ضربه وقال له اسود قذر وشتم المراة التي صورت الاعتداء. ما ان حدثت الحادثة حتى تناقلتها وسائل الاعلام المحلية والوطنية بكثافة. لقد صورت الحادثة الفردية وكانها جريمة عنصرية ثم عممت الخبر ودعت المحليين السياسيين وغيرهم لتحليل هذا الحدث الجلل. ثم ركزت على جنسية ودين فاعل هذا الاعتداء وعممته في اخبارها. رغم انه شاب مرتبك ينتمي الى الاسلام بالوراثة ولا يفهم منه شيء.
التعمد في تضخيم هذه الحادثة الفردية ما بين شباب عربي وافريقي يسير في نفس النهج الفرنسي الذي يهمش المسلمين ويهاجم دينهم. فعندما يرتكب بعض المنتمين الى الاسلام حادثا عرضيا ضد شخص او اشخاص غير مسلمين تتعالى الاصوات بالويل والثبور وتبدا سموم المتعصبين الفرنسيين باتهام الاسلام بالارهاب.
ان هناك تعمد مقصود لتشويه صورة العربي المسلم من خلال اختلاق حوادث او تضخيمها. في حين تتغافل وتتناسى وسائل الاعلام الجرائم الاكثر بشاعة ضد الافارقة السود فيما لو حصلت من غير مسلمين. لقد تعاملت على سبيل المثال بصورة مختلفة تماما مع جريمة قتل افريقي اسود اسمه يوسفا في مدينة سان اتيان قبل ايام. اذ احجمت عن ذكر دين منفذي العملية الوحشية. انهم ثلاث شبان من الارمن غير المسلمين طعنوا الضحية باكثر من ستة طعنات.
ان الامر المقلق ان هنآك بوادر محاولات حكومية فرنسية متعمدة لجعل باس مسلمي فرنسا بينهم. عرب وافارقة مسلمين وافارقة عرب واعاجم مسلمين اتراك او فرس او باكستانيين او هنود الخ. يبدو ان فرنسا تنتهج نفس سياسة الشقاق والنفاق بين الدول العربية التي رسمت حدودها مع بريطانيا. لقد جعلوها بؤرا للازمات الدائمة بين تلك الدول. بحيث لا يوجد دولتين الا وبينهما خلافات حدودية وجدت لتكون بلا نهاية. فعلى سبيل المثال الخلاف المغربي الجزائري او المصري السوداني او العراقي الكويتي او السعودي اليمني وهلم جرا.
لقد استثمرت الحكومة الفرنسية التي ساندت الرسوم المسيئة للرسول الاكرم والاحزاب اليمينية العنصرية مثل هذه الحوادث المؤسفة في فرنسا لتكون فرصة لنجدتها. هذه القوى تريد ان تجد لها متنفس بعد ان انتقدها الاحرار الفرنسين من بعض الاحزاب اليسارية والمستقلين وبعض الديغوليون. نتيجة سلوكها المشين لتهميش مسلمي فرنسا. هذه القوى المتعصبة تقول بعد هذه الحادثة لمنتقديها ان العنصرية ليست حكرا على البيض انما هي سلوك سائد بين المسلمين انفسهم وبينهم وبين الافارقة السود.
اما موقف الاسلام من العنصرية فقد جاء لمحاربتها بقوة منذ نزول الوحي على رسول الله. اذ بدا دين عالمي وللناس اجمعين. فان كان الله قد بعث موسى وعيسى لبني إسرائيل فانه تبارك وتعالى جعل رسالة الاسلام عالمية خاتمة لما قبلها. فقد بعث رسول الله الى الناس جميعا “وما ارسلناك الا رحمة للعلمين” وقال ايضا “وما ارسلناك الا كافة للناس”. ان القران الكريم يقول “يايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم”.
اما رسول الله فقد قال في احاديثه: كلكم لادم وادم من تراب. وقال: لا فرق بين عربي واعجمي ولا بين ابيض واسود الا بالتقوى. وقال: الناس سواسية كاسنان المشط. وقال: ليس منا من دعى الى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية. وقال عن العنصرية: دعوها فانها منتنة.
لقد حدث في عهد رسول الله جدال بين بلال الحبشي وابو ذر الغفاري الى ان وصل الى درجة خطيرة. حتى قال ابو ذر لبلال يابن السوداء. فما كان من بلال الا ان قال له والله لارفعن كلامك هذا لرسول الله. فلما سمع رسول الله ذلك غضب على ابو ذر وقال له انك امرء فيك جاهلية. حزن ابا ذر حزنا عظيما لما بدر منه من سيء الكلام وذهب مسرعا الى بلال ووضع راسه على الارض وقال يابلال ضع قدمك على رأسي. فما كان من بلال الا ان قبّلَ راسه وعفا عنه وقال له معاذ الله ان اضع قدمي على راس سجد لله.
فلنحذر ولا نتسرع بالاحكام على الغير. لان هناك ممن يزرع الشقاق والنفاق بين مسلمي فرنسا ويريد ان يكون صراعهم بين انفسهم وبينهم وبين احرار العالم. لنتفكر في قول الله تعالى “يايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here