سكان ذي قار يعانون شح وتلوث مياه الشرب.. والحكومة المحلية تصف الأزمة بـ المفتعلة

ذي قار/ حسين العامل

ما ان يحل موسم الصيف في محافظة ذي قار التي تضم اكثـر من مليوني نسمة حتى تشتد ازمة مياه الشرب وتتفاقم معاناة السكان المحليين، اذ لا تقتصر المكابدات اليومية على شح الماء وانما تتعداها الى ارتفاع معدلات الملوحة والتلوث الناجمة عن تسرب المياه الملوثة الى شبكة الانابيب التي تعاني من التكسرات والثقب العشوائي.

وتواجه معظم مناطق مركز مدينة الناصرية والاقضية والنواحي الواقعة في شرقي وجنوبي محافظة ذي قار شحة مزمنة في مياه الشرب تزداد حدتها وتظهر آثارها بصورة جلية خلال فصل الصيف حيث تتزامن الشحة مع انقطاع متكرر للتيار الكهربائي وارتفاع شديد في درجات الحرارة يتجاوز في بعض الاحيان نصف درجة الغليان.

يقول المواطن حيدر الناصري وهو من سكنة منطقة السراي وسط مدينة الناصرية لـ(المدى) ان “شح مياه الشرب صار ازمة مستفحلة في ظل غياب شبه كامل للحلول الجذرية”، مبينا ان “الازمة المتواصلة منذ عدة اعوام اخذت تتفاقم في الاعوام الاخيرة وتنعكس سلبا على حياة وصحة المواطنين”.

واشار الناصري الى ان “منطقته لا تحصل على الماء الا في ساعة متأخرة من الليل وفي بعض الايام ينقطع تماما”، منوها الى انه “وعائلته باتوا يضطرون للسهر والتناوب طوال الليل من اجل الحصول على الماء وعندما لا يحصلون عليه يلجؤون الى شرائه من أصحاب الستوتات”. وبدوره قال غسان محمد، يسكن حي الإسكان الصناعي الذي يضم أكثر من 15 ألف نسمة لـ(المدى) إن “معاناة حي الإسكان الصناعي (10 كم جنوب الناصرية) مع شحة المياه هي معاناة يومية فالمياه ليست شحيحة فقط وانما عكرة ومالحة”، مبينا ان “تلوث المياه بات يخلف طبقات من الطين في خزانات الماء”.

وفي ظل الازمة المتفاقمة لشحة وتلوث مياه الشرب شاعت في الاعوام الاخيرة ظاهرة الباعة المتجولين للماء حيث تجوب “الستوتات” الاحياء السكنية لبيع الماء بسعر 500 دينار لكل 20 لتر وهو ما يضيف اعباء مالية على الاسر الفقيرة. من جانبه، قال رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب الاسدي في حديث سابق لـ(المدى) ان “سكان قضاء الجبايش (90 كم شرق الناصرية) لا يحصلون على الماء الصالح للشرب من مشاريع الماء الحكومية كون المياه رديئة وملوثة وتفتقر للمعالجة الصحيحة التي تجعلها صالحة للشرب كالكلور والشب وغيرها من مواد التصفية والتعقيم”، منوها الى ان “معظم سكان الاهوار يضطرون لشراء الماء من الباعة المتجولين”.

واشار الاسدي الى ان “جميع محطات تحلية المياه التي أنشأتها الدوائر المعنية ضمن مشاريع انعاش الاهوار لا تعمل حاليا فهناك اكثر من 10 محطات تحلية تعطلت بعد شهر من الاعلان عن انجازها”.

بدوره، كشف مدير شعبة الامراض الانتقالية في دائرة صحة ذي قار الدكتور حيدر حنتوش لـ(المدى) عن ان “شح المياه تسبب بارتفاع معدلات التلوث ولاسيما في المناطق الواقعة في نهايات الانهر التي تعاني من تصريف مياه المجاري والصرف الصحي والبزول”، واضاف ان “معالجة مياه الصرف الصحي قبل ضخها في الانهر مازالت قاصرة ودون المستوى المطلوب حتى انه بات من الصعب وصول مياه نظيفة ونقية وصالحة للشرب الى المواطنين”.

واوضح حنتوش ان “النتائج الموثقة لدى الدوائر الصحية في المحافظة والمتعلقة بفحص مياه الشرب في الشبكات تشير الى ان نسب التلوث تتراوح ما بين 85 الى 90 بالمئة”، لافتا الى ان “مشكلة تلوث مياه الشرب قديمة وقد فاتحنا الدوائر المعنية في المحافظة بصددها فضلا عن ارسال تقارير من الدوائر الرقابية في دائرة الصحة الى وزارة الصحة التي تقوم بدورها بمفاتحة وزارة البلديات”.

واكد مدير شعبة الامراض الانتقالية ان “المعالجات لهذا التلوث مازالت ضعيفة كونها تتطلب اموالا كبيرة لتغيير وصيانة الشبكات”.

وتعزو الدوائر البيئية والصحية ارتفاع معدلات تلوث مياه الشرب في ذي قار لعدة اسباب من بينها تلوث مصادر المياه وتقادم عمر الشبكات وشحة المياه وتسرب مياه المجاري والمياه الثقيلة إلى شبكات ماء الشرب في المناطق التي تشكو من الشحة، ناهيك عن توقف بعض مجمعات الماء عن العمل نتيجة الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي.

ومن جانبه، أكد مستشار المحافظ لشؤون المواطنين حيدر سعدي لـ(المدى) ان “مشكلة شحة المياه باتت المشكلة الاولى في مدينة الناصرية ولاسيما المناطق الواقعة في جنوب الناصرية كمناطق الشموخ والمحطة والسكك وغيرها من المناطق والاحياء السكنية”، مبينا ان “المشكلة تتعلق بكمية المياه التي يجري ضخها في الشبكة”.

واشار سعدي الى ان “الشبكة والخطوط الناقلة كثيرا ما تتعرض الى التكسرات والثقب العشوائي”، لافتا الى ان “العمل جارِ حاليا لمعالجة كسر كبير في الخط الناقل الرئيسي للماء والذي فاقم من ازمة المياه في الايام الاخيرة”.

وبدوره اتهم محافظ ذي قار احمد غني الخفاجي جهات مجهولة اسماها “بشلة من المبتزين” بتخريب الخط الناقل لمياه الشرب وقال في بيان صدر عن مكتبه الاعلامي وتابعته (المدى) انه “بعد البحث عن اسباب ازمة الماء وجدنا ان الانبوب الناقل للماء من مجمعات ماء الشطرة قد تعرض للكسر المتعمد داخل نهر الهولندي بمحاولة خبيثة لخلق ازمة في المحافظة”، واضاف “تم على الفور طلب تجهيز انابيب من البصرة وجار تبديل الانابيب المكسورة”.

واردف الخفاجي “حرب بلا اخلاق تقودها شلة من المبتزين الذين يتاجرون بمعاناة الناس”، مؤكدا “أنا لهم بالمرصاد ومعنا كل الشرفاء”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here