الأرض السوداء .. أوسع عملية مع البيمشركة فـي المتنازع عليها

بغداد/ تميم الحسن

منذ ايام تنفذ قوات مشتركة من “البيشمركة” وجهاز مكافحة الارهاب عمليات عسكرية في شمال بغداد وصفت بالأوسع والاولى من نوعها منذ نحو 4 سنوات، وهي حصيلة التفاهمات الاخيرة بين الطرفين.
ومن المفترض ان تمتد هذه العمليات الى مساحات تصل الى أكثر من 1000 كم في الاراضي المعروفة بـ”المتنازع عليها”، والتي كانت لسنوات فارغة ومسرحا لتحركات “داعش”.

وقتل خلال العمليات التي بدأت مطلع الاسبوع، عدد من المسلحين تأكد منهم أكثر من 5 حتى الآن، كما دمرت عدد من المضافات والكهوف.

ويتوقع ان تنهي هذه العمليات التي تدار بأشراف مباشر من قائد جهاز مكافحة الارهاب عبد الوهاب الساعدي، عمليات مشاغلة نفذها “داعش” ضد القوات المشتركة، وهددت امن بعض المدن.

العمليات الاخيرة جاءت متزامنة مع الذكرى السابعة لسقوط الموصل وعدة مدن بيد تنظيم “داعش” في حزيران 2014. وفي آخر احصائية لقتلى “داعش” في العراق، اعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم داعش، مقتل 107 من عناصر التنظيم في العراق وسوريا خلال شهر آذار الماضي.

وقال حساب التحالف على “توتير”: إنه “خلال شهر آذار نفذ شركاؤنا في العراق وسوريا بدعم من التحالف 78 عملية ضد داعش، وتمكنوا من ردع 107 عناصر من أتباع داعش من القيام بأعمال إرهابية ضد المواطنين”. وتساند قوات التحالف الدولي عبر طيرانها القوات العراقية، التي تطارد ما تبقى من عناصر تنظيم داعش في المحافظات التي كان يسيطر عليها سابقا.

مقتل قيادات في التنظيم

وأكد رضا كوثر وهو مسؤول محلي سابق في طوزخرماتو، شرقي صلاح الدين، ان العمليات العسكرية المشتركة بين “البيشمركة والقوات الاتحادية بدأت منذ مطلع الاسبوع الحالي وقتل فيها 6 دواعش على الاقل”.

واعلن جهاز مكافحة الارهاب الاحد الماضي، انطلاق عملية عسكرية بمشاركة “البيشمركة” لملاحقة وتدمير مقرات داعش، في 3 مناطق هي طوزخورماتو وكفري والحدود الفاصلة مع إقليم كردستان. وقال كوثر في اتصال مع (المدى) ان “الطيران الفرنسي ضمن التحالف الدولي شن هجمات على مواقع داعش في جبل الطوز وشاركت فيها مدفعية البيشمركة كما تحركت مكافحة الارهاب من الجانب الآخر للجبل في عمليات تمشيط”. واكد المسؤول المحلي السابق انه تم التعرف على احد جثث المسلحين الذي قتل في الجبل، وظهر بانه قيادي في التنظيم ومن سكنة طوزخرماتو. وتعد بلدة طوزخورماتو واحدة من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان. المتحدث باسم جهاز مكافحة الارهاب صباح النعمان قال في بيان صحفي، إن العملية العسكرية التي اطلق عليها اسم “الارض السوداء” جاءت “بتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة وباشراف ميداني مباشر من رئيس جهاز مكافحة الارهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي”. وأضاف، أن “العملية تهدف الى البحث والتفتيش في مناطق شرقي ديالى وخاصة بمنطقة بلكه الممتدة على الشريط الفاصل بين كفري وطوزخرماتو والحدود الفاصلة بين الإقليم والمركز”.

وأشار النعمان، إلى أن “العملية تهدف الى تعزيز التنسيق المشترك بين قوات البيشمركة والقوات الاتحادية المتمثلة بجهاز مكافحة الارهاب لتأمين هذه المناطق وتفويت الفرصة على التنظيم الإرهابي بأن تكون له حرية الحركة والانتقال في هذه المنطقة لأنه يستفيد من ضعف التنسيق في الفترة السابقة لحركته”. وتابع أن “هذه العملية شهدت تنفيذ إنزال جوي ليلي من قبل ابطال جهاز مكافحة الارهاب، مما حقق عنصر المباغتة والمفاجأة”.

وأوضح النعمان، ان “العملية تمت بالتنسيق مع القوة الجوية العراقية عبر طائرات الـF16 وطيران الجيش وطيران التحالف الداعم للجهاز والقوات المشتركة الاخرى، والتي نفذت 6 ضربات جوية أسفرت عن تدمير 5 كهوف”. وأكد النعمان، أن “القوة الارضية لجهاز مكافحة الإرهاب دمرت 4 مضافات”، لافتا الى أن “الخسائر البشرية للعدو لم يتم احصاؤها لحد الان، بسبب قوة الضربات الجوية التي دمرت الكهوف”.

وبحسب تقديرات الامم المتحدة واحصائيات محلية ان هناك نحو 10 آلاف “داعشي” مازال نشطا في العراق وسوريا، نصفهم على الاقل في العراق، واعاد تحركاته بالتزامن مع انتشار “فايروس كورونا”. ويشير رضا كوثر، الى ان المناطق التي تجري فيها العمليات العسكرية المشتركة “مهمة جدا لأمن المدن”، مبينا بانها “ستمتد من جلولاء شرقي ديالى الى كركوك وبمسافة تصل الى 150 كم طولا وعرض 10 كم”. ونوّه المسؤول المحلي في صلاح الدين، الى ان “هذه المناطق كانت تسمى بالمناطق الميتة؛ لأنها بقيت لسنوات فارغة من اي قوات وتحولت الى مسرح لعمليات وتحركات داعش”.

بعد اتفاق الغرف المشتركة

ومؤخرا اتفقت بغداد واربيل على سد الفراغات في “المتنازع عليها” بعد قطيعة عدة سنوات بين الطرفين، استغلها “داعش” لمصلحته.

وقال هدايت طاهر وهو قيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك لـ(المدى) ان “العمليات المشتركة هي حصيلة الاتفاق على انشاء 6 مراكز مشتركة بين البيشمركة ووزارة الدفاع الاتحادية”.

وأكد طاهر ان “تلك الغرف تقوم اولا على تبادل المعلومات الامنية بين الطرفين وعلى اساسها يتم تنفيذ عمليات مشتركة ونقاط تفتيش مشتركة في المناطق المتنازع عليها”. وقبل أيام اعلن مسؤول في حكومة كردستان عن مقتل عدد من عناصر داعش وحرق 3 عجلات للتنظيم بعملية مشتركة بين قوات البيشمركة وقوات جهاز مكافحة الإرهاب الاتحادية في كركوك، واصفاً العملية بـ”الهجوم القاتل”. وقال شيخ مصطفى نائب رئيس اقليم كردستان في بيان صحفي، ان تلك النتائج جاءت “في إطار عملية جوية وبرية مشتركة بين قوة لواء كوماندو الخاصة التابعة لقيادة قوات السبعين وقوات مكافحة الإرهاب العراقية، وبإسناد قوات التحالف الدولي ضد داعش”. وبين مصطفى انه تم شن هجوم على أوكار “داعش” في قريتي بلكانة وقوريجاي التابعة لقضاء الدبس في محافظة كركوك. وأضاف، أن ضربة قاتلة وُجِهت للتنظيم من خلال العملية التي أسفرت عن مقتل “عدد من الإرهابيين” واستهداف ثلاث عجلات وحرقها. وأشار، إلى أن العملية مستمرة لتمشيط المنطقة وإنهاء وجود تنظيم “داعش”.

وتجري هذه العمليات الواسعة لاول مرة منذ ازمة الاستفتاء الذي اجراه اقليم كردستان في ايلول 2017، حيث قررت حكومة حيدر العبادي السابقة آنذاك ابعاد “البيشمركة” عن الملف الأمني في المناطق الواقعة خارج الإقليم.

ويقول هدايت طاهر ان “هذه العمليات ستعيد المئات من سكان القرى في المناطق المتنازع عليها التي كانت تتعرض لهجمات من تنظيم داعش بسبب الفراغ الأمني”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here