استمرار ارتفاع أسعار العملة الصعبة.. والغضب يعم الشارع العراقي

بغداد/ رامي الصالحي

قبل أشهر، وتحديدا منذ صدمة انهيار أسعار النفط في العالم، بات العراق يواجه أزمة مالية حادة وغير مسبوقة، دفعت بالحكومة الاتحادية إلى التوجه صوب الاقتراض من احتياطيات البنك المركزي العراقي لسداد ما يقرب من 5 مليارات دولار شهرياً، والتي تتمثل بـ “رواتب الموظفين، مصروفات القطاع العام، معاشات التقاعد، وغيرها من الأمور الاخرى”.

الحكومة ومن خلال خططها الاقتصادية توجهت نحو قرار رفع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي، لتعويض العجز المالي، الامر الذي أثار القرار موجة غضب في الشارع العراقي.

رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، خرج في مؤتمر ودافع عن قرار البنك المركزي بهذا الصدد، قائلاً إن الحكومة كانت أمام خيارين “إما انهيار النظام والدخول في فوضى عارمة، أو ندخل في عملية قيصرية للإصلاح”.

وبعد مرور أشهر على قرار رفع أسعار الدولار، شهدت الأسواق خلال الأيام القليلة الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، مما تسبب في رفع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية جميعها.

تضخم نقدي وانكماش اقتصادي

وبخصوص هذا الشأن، يرى الخبير الاقتصادي باسم أنطوان أن “قرار الحكومة الاتحادية بشأن خفض قيمة الدينار جاء على خلفية ضعف ثقتها بالدينار العراقي”، مبيناً أن “هناك العديد من العوامل التي اثرت على رفع قيمة الدولار في الأسواق المحلية”.

ويضيف أنطوان في حديث لـ (المدى)، أن “عدم الاستقرار السياسي والأمني في العراق كان من الأسباب المهمة في تراجع قيمة الدينار مقابل الدولار”.

ويتحدث أنطوان، قائلاً إن “المضاربين يلعبون دوراً كبيراً في تغيير أسعار الدولار بالأسواق، إضافة إلى استمرار التصريحات من قبل أعضاء مجلس النواب بشأن إمكانية ارتفاع أسعار الدولار إلى أكثر من 160 الفاً لكل مئة دولار”.

ويشير الخبير الاقتصادي، إلى أن “الحكومة العراقية والجهات ذات الصلة متخوفة من انهيار الاقتصاد في المستقبل مما دعاهم إلى اتخاذ هكذا قرار لتدارك المشكلة حسب وجهة نظرهم”، موضحاً أن “الحكومة قدمت الورقة البيضاء (الإصلاحية)، للنهوض بالواقع الاقتصادي في العراق، الا انها نفذت الجزء الذي يخدمها فقط”.

ويوضح أنطوان، أن “قرار الحكومة الخاطئ تسبب بانكماش الجانب الاقتصادي، فضلاً عن التضخم النقدي في الأسواق وارتفاع كبير بنسب الفقر في عموم المحافظات”.

المواطنون وراء الارتفاع

وفي تصريح لعضو اللجنة المالية النيابية، أحمد الحاج رشيد، الذي يقول إن “ارتفاع أسعار صرف الدولار أمام الدينار العراقي جاء بسبب العرض والطلب وتعامل التجار واعتمادهم على العملة الأجنبية وتفضيلها على العملة المحلية”.

ويضيف رشيد، أن “العديد من المواطنين يقتنون الدولار ويقومون بتخزينه في المنازل وتفضيله على الدينار العراقي، وهذا سبب آخر لارتفاع أسعار الصرف وتجاوزها الـ 150 ألف لكل 100 دولار”.

وحدد البنك المركزي العراقي، الاثنين الماضي، تسعيرة جديدة لشراء الدولار بالنسبة للأشخاص الراغبين في السفر خارج العراق.

وجاء في بيان نشر على موقع البنك المركزي، “لغرض تسهيل إجراءات حصول المواطنين على العملة الأجنبية الدولار لأغراض السفر والدراسة والعلاج في الخارج، يعلن البنك المركزي العراقي عن تلبية كافة طلباتهم لشراء الدولار للأغراض أعلاه من خلال تغذية بطاقات الدفع الالكترونية (الماستر كارد والفيزا كارد) بالسعر الرسمي المحدد من قبل البنك”.

الحكومة تتحمل المسؤولية!

في المقابل، يعتبر صالح الهماشي، الخبير الاقتصادي أن “أسباب ارتفاع أسعار الدولار في الأسواق المحلية خلال هذه الأيام تعود إلى افراغ الخزين من العملة الصعبة لدى المواطنين وأصحاب الصيرفات والمصارف الاهلية في عموم انحاء العراق”.

ويوضح الهماشي، في حديث لـ (المدى)، أن “الانباء المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ارتفاع أسعار الدولار خلال الفترة المقبلة إلى ارقام كبيرة تعد من الأسباب الأخرى التي أدت إلى رفع أسعار العملة الصعبة في العراق”.

ويشير الخبير الاقتصادي، إلى أن “الحكومة لم تع نتائج ارتفاع سعر الدولار من قبل البنك المركزي، لغاية الآن”، محملاً في الوقت نفسه البنك المركزي، والحكومة الاتحادية “مسؤولية ما يحدث من ازمة اقتصادية تضرر منها المواطن بالدرجة الأساس”. ويطرح الهماشي، حلولاً عديدة للخروج من أزمة الدولار منها إعادة الاتفاقيات الاقتصادية مع دول الجوار وفرض رسوم على اعتبار ان اعفاء العراق من الكمرك غير مهم، كون العراق بلد غير مصدر، فضلاً عن أهمية رفع الميزان التجاري للعراق ومساواته مع دول الجوار بهدف النهوض بالاقتصاد وسد الفجوات الكبيرة التي خلفها قرار رفع الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي.

وخفض البنك المركزي العراقي، في ديسمبر/ كانون الاول 2020 سعر الدينار مقابل الدولار، ليكون 1450 ديناراً لكل دولار من وزارة المالية و1460 دينارا لكل دولار للمصارف و1470 ديناراً لكل دولار للجمهور.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here