تحالفات لاستهلاك الوقت والزمن

تحالفات لاستهلاك الوقت والزمن

تسود الساحة السياسية العراقية تحركات ومحاولات لاستهلاك الوقت والمال والجهود، تعمل الأحزاب والكتل السياسية على تشكيل تحالفات ” وهذا المصطلح يطلق على اتحاد بين حزبين أو أكثر، غالباً ما تكون أفكارهم قريبة، من أجل الدخول في الانتخابات أو حكم دولة، أو حتى من أجل أن يظل موقفهم أقوى ،و سيكون لكل طرف في الحلف ايديولوجيته الخاصة، التي تختلف عن الأخرى لكنه سيختار شكلاً مؤقتاً، يقلل الاختلافات من جانب من أجل الاستفادة، حيث تكون الأهداف المشتركة فيما بين” والكتل والاجزاب في العراق تعتزم تشكيل حكومة مع بعضها البعض إذا حصلت على أصوات كافية في الإنتخابات ومع ذلك، وفي كثير من الأحيان، في ظل ضياع الحكمة وصراع المصالح وشراء الولاءات، حيث كل حزب وتنظيم سياسي يتحالف مع الاخر بما تقتضيه مصلحة الحزب وليس الوطن و تنتهي من دون أن تترك أثراً في الموضوع الذي دعت اليه وعملت من أجله ورفعت شعاره وهو التحالف ، كأنها خطّت سطراً في رمال تمحوها المياه و بأموال يجنونها يتقاسمونها متناسين محنة شعبهم و يعيشون أفضل حياة وأحسن حال،،وبثمن تدمير الوطن وهلاك الشعب ، يُشيدون العمائر والمنشآت والشركات ويبنون مستقبلهم ومستقبل ابنائهم وأحفادهم ويظنون بأن الشعب غبي وساذج وبأنه قد صدق تَبجح وهراء أبواق البعض من قياداتهم المعتوهة… بالامس كانوا يتراشقون الرجم بالتهم وبيوتهم جميعاً من زجاج ويتمسخرون على بعضهم البعض وهم زملاء في مجلس النواب و يؤدون نفس الهدف المعيب ويتشابهون بالمهنة والأداء والتنفيذ والانقياد ولا يختلفون إلا في أسماء ينحنون ينبطحون لها بكل قابلية وسمع وطاعة ،أن مثل هذه التحالفات تخدم أغراض سياسية لدى الداعين إليها والعاملين من أجلها. كما أن الخلافات، وربما الصراعات، التى نشبت بين عدد ممن يدفعون باتجاه تكوين كتل انتخابية متعددة، تؤكد أن الحسابات الشخصية متضخمة بصورة تفوق نظيرتها الحزبية..

يبقى ما يلفت النظر أن القوى التي تشارك في هذا التحالف تستمر في نشاطها وبكل فشلها ، وكأن غالبيتها هي بعيدة عن الانحدار والانهيار الذي اصاب الوطن ومع العلم هي طوال الوقت كانت اكثر حضوراً لما يحدث ويتخذ من قرارات مخجلة ومزيدة للمعاناة ، وهي الغالبة من خلال التصريحات التي تخرج بعد الانتهاء من اللقاءات بما قدمته من فنون لخلط الاوراق وساعد على الفساد في كل مفاصل الدولة، وعلى تفاوت حجمها وثقلها وتاريخها، وكان لدى هذه المجموعات ما يكفي من التقاطعات، ومن الحماس للعمل المشترك، وعبر بعضها عما يتجاوز العمل المشترك إلى أفق الاندماج، أو حتى الاندماج المباشر وهي مراوغات سياسية بعيدة عن الحقيقة ، سيما أن التباين السياسي بينها كبيراً جداً ولا توجد مشتركات حقيقية ، ولا يتعدّى ما يمكن وجوده حتى بين أعضاء المجموعة الواحدة. ان التطورات تظهر من أن هشاشة التحالفات السياسية، والتي لم تحسم بإعلان الكتلة النيابية الأكثر عددا! في المرة السابقة هي اقولا من قبل واشد وطءاً ويبدو أن هناك ضبابية وعدم وضوح في مواقف الشخصيات والأحزاب أو الكتل السياسية، حتى وأن بدت منضوية بعناوين تحالفية. إذ حاولت القوى السياسية توحيد مواقفها في تحالف ” معين ” لكنه سريعاً ما ينتهي صموده أمام تقاسم المناصب، واستقطابات القوى السياسية بعضها البعض للتنافس على تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا وهو العامل الاخر حتى على عدم العودة مرة أخرى إلى السلال المجتمعة والواحدة . ان بعض اطراف العملية السياسية الحالية يبتغون زيادة سلطتهم وقوتهم المادية إلى الحد الأعلى ويتجهون نحو استقطاب المواقف السياسية والاجتماعية، من هنا يكونوا مجبرين على اختيار أنسب الوسائل لتحقيق غاياتهم، فتجري مناصرة الديموقراطية تكتيكيا، كوسيلة للوصول إلى غايات أخرى.

ويزيد الطين بلة ان هناك اليوم من يسعى الى طرح وجوه جديدة تسعى للاستفادة من الأجواء السياسية الغامضة ومحاولة طرح أنفسهم باعتبارهم قيادات جديدة تستطيع أن تقوض الانهيار واصلاح الخراب فى مرحلة بالغة الحساسية. لكن العلامات والإشارات والبشارات لا تطمئن على الإطلاق. وتحولت المسألة إلى مزاد من يستطيع فيه جمع أكبر عدد من الأحزاب والتي لا تتفق على شيئ اصلاً والمهم هو البقاء في الساحة ؟ ومن الذى سيتمكن من استقطاب أكبر عدد من أسماء الكتل والاحزاب ؟ وهكذا لم تنجح حتى الآن أى قيادة فى تقديم فكرة جامعة، يلتف حولها تحالف لهدف وطني واحد.ولا تحالفات قوية جون احزاب قوية أو على الأقل وطنية قولاً وعملاً وليست شخصية. ولا تكتلات دون وضوح فى الرؤية، فما الذى يجمع الإسلامي مع اليساري كما يقولون؟ فقد شاهدنا تنسيق بين قوى تختلف في كل شيئ ولكن لا تختلف في هدم ركائز الوطن،

ان قضية التحالفات بمعناها الصحيح، هو اصلاح العملية السياسية اولاً وتبدأ من الاحزاب نفسها لأن الطريقة التى نشاهدها فى تكوين التحالفات تحمل فى أحشائها كل عوامل الفشل، فى زمن تتكاثر وتمر أمام أعيننا جملة كبيرة من التحديات. بالتالى ليس هناك مجال سوى أن التعافي السريع لمجمل العملية . والانتخابات البرلمانية على الأبواب ودخولها بالصورة التى تبدو عليها غالبية القوى والكتل، قد تجعلهم يعضون على أصابع الندم، لأن ابناء العراق و من حقهم سوف يستغلون هذا الارتباك فى خلط الأوراق بمزيد من الوعي والإدراك بالمسؤولية الملقاة على عاتق كل واحد منهم في اختيار الصالح.

عبد الخالق الفلاح

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here