يغداد نور الحياة!!

بغداد مدينة السحر والجمال الإنساني والروحي والفكري والعمراني ، والفني والغنائي والمسرحي الإبداعي البهيج.

بغداد بدأت فيها ألمع إمبراطورية عربية ذات منطلقات علمية ثقافية لا مثيل لها , ولا أرقى ولا أقوى وأشمل , وأقدر على التفاعل الإنساني النبيل ، ما بين ربوع البشرية جمعاء ، فبسطت جناحيها على أرجاء الدنيا بفخر وبهاء ، وتطلعٍ مطلق إلى أعماق الوجود ورحاب الأكوان.

بغداد التي شيّد فيها العباسيون أجمل قصورهم , وأكثرها فخامة وروعة ، حتى تحولت إلى مواطن للتعبير العمراتي الفتان ، فصارت مدينة ساحرة غنية متمكنة , ذات قامة طويلة وضاءة سنية زاهية في قلب الأرض ، وعاشت تاجا لمّاعا متلألئا على رأس الدنيا.

وبلغت بغداد ذروتها الحضارية والإنسانية في زمن مؤسسها وأحفاده الأفذاذ هارون الرشيد وإبنه المأمون , حتى صار المثل يُضرب بأهلها ، كتعبير عن الرقي الثقافي والأبّهة الحضارية ، فانتشرت في الأرض كلمة ” تبغدد” نسبة إليها , وإشادة بالمدى الأعظم الذي وصل إليه أهلها آنذاك ، وبقيت بغداد منارة المدنية المعاصرة في قلوب العراقيين.

بغداد التي يتعانق على ترابها النهران الخالدان دجلة والفرات ، كأنهما يُحدّثان عن اللهفة والحب ودفئ الإقتراب والإحتضان ، فيشاركان في صناعة مهرجان الروعة ، بجريانهما المتهادي إلى حيث يذوبان في بعضهما ، فيمارسان أعظم العناق ، ويسكبان الحب دفاقا في شط العرب.

بغداد ذات الليالي النواسية المياسة , المتهادية مع أمواج الحياة المتضاحكة المحتفلة جذلانة ، بالحياة السعيدة والمحبة والأخوة , والألفة العراقية الحضارية التاريخية المتطلعة إلى آفاق صيرورة أبهى.

بغداد الغناء والرسم والنحت والنصب التذكارية والروائع الفنية ، مدينة المقام العراقي والغناء والمسرح والرقص , والنشاطات الثقافية والشعرية والفكرية والأدبية ، وموطن إنطلاق الكلمة والكتاب والتأليف والمحاضرات والندوات الثرية بالإبداع والعطاء الفكري الإنساني الأصيل.

بغداد التي أنجبت أعلام الفكر والأدب والعلم والفقة واللغة ، والمدارس المتنوعة في ميادين الحياة ومسيرة الوجود الصاعد.

بغداد المنصور وهارون الرشيد والمأمون ، وبيت الحكمة والترجمة والضفاف الحضارية الغنّاء ، والمسيرات والإحتفالات ومنطلق الإرادات ، ومَئل التطلعات وبهجة الطامحين وغاية الداعين إلى تغيير إيقاع الحياة على مر العصور.

بغداد الحبيبة الرائعة العاشقة المعشوقة , ذات الضفائر المتهادية مع أنسام الصيرورات الإنسانية الندية ، وصاحبة العيون المتوقدة ما بين الرصافة والجسر ، والطلعة الخلابة التي تجلب الهوى من حيث يدري ولا يدري العاشقون.

بغداد الحب والمحبة ، والقدرات والطاقات العقلية ، والنداءات الروحية والفكرية ، وذات الأبواب المنيرة والرموز الساطعة.

فهل لنا أن نقف بخشوع في حضرة بغداد ، لنؤدي مراسيم العرفان والأخوّة ، والتلاحم العراقي الصادق الجميل.

إنها بغداد ، تدعونا لغسل قلوبنا بزلال النقاء والصفاء والأخاء ، والتفاعل البغدادي الصميمي الصحيح.

إنها بغداد دفقُ وجودنا ، ومنار طريقنا ، ومشعل إبصارنا ، ومنبع قوتنا وعنوان مسيرتنا.

بغداد هويتنا ومصيرنا ، قيمتنا ودورنا ومعنى حياتنا ، ورمزنا الحضاري الوهاج.

فاعشقوا بغداد ، وتخلّقوا بأخلاقها لكي تعبّروا عن عراقيتكم وإنسانيتكم.

فبغداد هي الحياة ، وبدونها لا تتحدثوا عن الحياة.

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here