أما آنَ لنا ان نعلم بان الايمان بالله منقذنا الوحيد

أما آنَ لنا ان نعلم بان الايمان بالله منقذنا الوحيد

علمتنا الحياة بعد ان عايشنا حلوها ومرها وتقلبات ظروفها سواء المادية من غنى وفقر والاخلاقية من استقامة وانحراف والعقائدية من تشبث بالهوية وتغرب. لم يبقى منها وفيها غير الذكر الحسن ومكارم الاخلاق الصدق والامانة والوفاء ومساعدة الاخرين.
لقد وجدنا ان اصحاب القوة والبأس من الاغنياء واهل الجاه والوجاهة والمستكبرين والطغاة خذلتهم الحياة رغم انفهم. ثم عادوا الى طبيعتهم متاسفين على ما بدر منهم من بخل وظلم وعجرفة واستهزاء لغيرهم. لقد وجدوا ان كل شيء زائل من اسباب القوة والبطش وان المال والصحة والوسامة والمناصب لا تصنع السعادة والامن والامان.
لقد وجد بعضنا من سفرنا الطويل في الشرق والغرب. من العراق الى فرنسا وامريكا والى دول عديدة اخرى عبر مراحل عمرية متعددة. ان هويتنا لن تستطيع اية حضارة او قوة محوها او الغاءها عن وجداننا وذاكرتنا وكياننا. كما ان حبنا باق وسيبقى لوطننا الاول (ما الحب الا للحبيب الاول). وان تغربنا بعيدا عن وطننا لن يصهرنا في بودقة الحضارة الغربية. بل ان تغربنا علمنا البحث عن وسائل علمية للتعرف على اسس ديننا الاسلامي السمحة. تلك التي تنشر العدالة ومعاونة الفقراء وبر الوالدين والوفاء والاخلاص والتسامح.
لقد عرفنا وراينا عبر تلك المحطات والمعايشة مع المجتمعات في الشرق او الغرب. بان هناك الكثير من الروساء الذين قادوا العالم وكان مصيره بيدهم. قد غيبتهم الامراض او الموت ولم يبق لهم اثر على المسرح الدولي. سمعنا وعرفنا ببروز وظهور الكثير من الاديولوجيات والتنظيمات والاحزاب والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى اندثرت وغابت ولم يبق لها اي اثر. نرى كذلك ان اصدقاؤنا من جيلنا والاجيال التي لحقتنا غيبها الموت وتغادر هذا العالم بصمت. اي ان كل شي في هذا العالم الى زوال.
نرى امام اعيننا طيلة نصف قرن مضى بان الجمال والوسامة والغنى والجاه والسلطة والتكبر موقت وسينتهي لا محالة. لن يبقى على هذه الارض سوى السمعة الطيبة. فلن يذكر احد المقام الاجتماعي او الثراء او السلطة او القوة الجسدية لاحد غادر الحياة. سيبقى ذكر الكرم ومساعدة الاخرين وبر الوالدين والاقارب والجيران وتاليف القلوب بين الناس والتسامح مع المخالفين خالدا في الارض. عرفنا بصورة لا تقبل الشك بان هذه الحياة دون شكر لله الذي استخلفنا في الارض لا تسحق شيئا ولا معنى لها. وفوق كل ذلك ستعرّض صاحبها للخسران المبين بعد الموت.
ان اسوء شيء ان يكابر الانسان ويترك هذه الدنيا دون ان يتوب ويعود الى الله. الا يتذكر من صوره في احسن تقويم فرزقه بصحة وعافية وجعل له عائلة وذرية ومال وجاه. اسوء خاتمة عندما يغادر الشخص هذه الحياة الفانية وهو في ارذل العمر لا يؤمن بالله. ولا يؤمن بانه سيلاقيه بعد الموت وسيحاسبه حسابا عسيرا. اصعب شيء عندما يبقى الشخص متشبث بالدنيا مع علمه بانه سيغادرها لا محالة ولا يهيء او يعمل شيء للاخرة. اصعب شيء عندما لا يكترث الانسان غير المؤمن بانه سيكون من اصحاب الجحيم لابد الابدين.
الم يان لهولاء ان يعودوا لرشدهم علما بان باب التوبة مفتوح لهم والله يناديهم ادعوني استجب لكم. ويقول لهم لا تقنطوا من رحمة الله طالما انتم احياء ترزقون. اصعب شيء ان يبقى الانسان بالامل وينسى الموت حتى يصل الى منازعة الموت ثم يتوب انذاك في وقت لا تنفع الندامة او التوبة او يموت دون مبالاة بعذاب القبر والنار بعد الحساب.
د. نصيف الجبوري .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here