الطب والشعر/ فقدت صديقاً

د. حسن كاظم محمد

زاملت المرحوم الدكتور فاروق سلمان القيسي منذ خمسينيات القرن الماضي في كلية طب بغداد، وكنت قريبا منه ومنسجماً معه لصدقه ورقّـته وتواضعه واستقامته وعفّة لسانه. قضيت معه أوقات طيبة في مراحل متعددة منها العراق والكويت والأردن وأخيراً بعد تقاعده في المملكة المتحدة. نلنا معاً شهادة زمالة الجراحين الملكية، وتعلمت منه جراحة الفقرات العنقية من الجهة الأمامية علما بأنه كان ماهرا في الدماغ والعمود الفقري. هوايته الموسيقى منذ القدم وحتى أواخر أيامه، وهذا ليس بغريب لشخصٍ بمثل رقته. من الصدف الجميلة التي عمّقت العلاقة بيننا أن شريكة حياته كانت زميلة وصديقة لزوجتي في مراحل الدراسة من الإبتدائية والمتوسطة والثانوية. وهكذا استمرت الزيارات الحميمة للجيل الجديد ولا عجب فصداقة الآباء تورّث للأبناء. وحالياً نفتخر بابنته وابنه (عايدة وعمر) صحفية مرموقة ومهندس لامع. أَرجوا الله الصبر والسلوان إلى عائلته الكريمة ومحبيه أينما كانوا، وأعلم أن كلمتي هذه في ذكرى أربعينية أخينا العزيز الدكتور فاروق لن توفِّ حقه وصفاته ومقامه في قلوب الجميع، مع قصيدتي.

صديقــيَ لا تغضب فخْلِّ يني

أقص لك ما أرى من موبقاتِ

أرى في كل يوم من عـجيبٍ

وأسَأل نفسي والجـوابِ بآت

صراخاً عالـياً للجَهـلِ فــيـنا

وذو العقل المفكّر في سُباتِ

***

تـَغــيّـرت الـمـودّةُ والإخـاءُ

وزاد الكذبُ أضعافَ المئاتِ

وهـل يوماً أفاد الوعظُ قوماً

ودَبَّ الفسْـقُ جمهرةَ الطغاة

رأيت الجُبنَ للإنسانِ فخـراً

ولا أرَ للغزاةِ يوماَ منجزاتِ

رأيت الطفلَ في الدنيا بريئاً

تـبـدّله الحـياةُ بِـخُـذ وهـاتِ

***

يُـبـيـحـون الـكلامَ لِكـلّ حُـرٍ

ولكـنّ الضـبابَ عـلى القناة

عرفتُ النجمَ يلمعُ في ظلامٍ

وهل ترَ للحصاةِ من حياةِ ؟

ولا أرَ في الحياةِ جمالَ قومٍ

إذا كانت لهم نفْسَ الصفاتِ

***

قضيناها سنينَ العمر كدحاً

وهـل للكادحـينَ لهُـم حُماةِ ؟

نَعـم مرّت ولكـن في خـيالٍ

كطيفٍ مسرعٍ نحو المماتِ

***

إذا اخترت طريقا فوق شوكٍ

تقبّـلْ أن ترى دربَ الشتاتِ

وإلى اللقاء.

د. حسن كاظم محمد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here