مرافئ ذاكرتي __ قصة قصيرة

مرافئ ذاكرتي __ قصة قصيرة

وقف إلى جانبي، وضع يده على كتفي، عامل النظافة، كان علي أن أشتري له قطعة من الهبركر، لكني تقاسمتها معه، لاني لا املك المزيد من النقود، أنفقت راتبي على المسكن وعلى فواتير الكهرباء وعلاج السكري، كان ظريفا معي صاحب الكافتريا، الذي أتردد عليه بأستمرار، رغم أني أكبر منه بأربعة أو خمسة عقود على ما اعتقد، كان صاحب طرفة، كلمااجتازت قدمي عتبة الباب، نادى خلفي، متى سينهض الوطن، يالها من امنية عظيمة، مضى عشرين عاماً و أنا أتردد على عملي السابق،( المكتبة) اتفقدها كل يوم، كنت اسقي الأزهار و أمسح الغبار عن الرفوف والكتب، و على صوت فيروز استقبل زواري، أشعر بفرح لايوصف وتنتابني سعادة غامره، حين يتوافد علي القراء من كل حدب وصوب، اجلس لوحدي، اصنع بيدي قهوتي السادة، عندما يتفرق الجميع، أتحدث مع الستوي وانطوان تشيخوف والبير كامو، بكل سهولة، وعندما اغادر المكان، أشعر بضيق في صدري، هي ليست مكتبة وحسب، بالنسبة إلي، هي عائلتي التي انتمي إليها، اليوم وقد تحول المكان إلى مستودع للأحذية الفاخرة، صرت أخشى الاقتراب من المبنى، يلاحقني الحراس كلما رآني منهم أحد، يرمونني بالحجارة و اخر يصفني بالجنون، لا ادري هل أنا جنتت فعلا؟
لا.. لازلت اسمع اصوات رفاقي وقهقهاتهم، تتسرب من شقوق الجدران والشبابيك، اتذكر كيف كان احدهم يهرب من الدرس وتحت معطفه قنينة شراب من النوع الرديء، والاخر يخفي بجاروبه علبة السجائر التي كان يسرقها من جدته، اما الآخر كان يدخن الحشيشة في التواليت، لقد رحلوا بظروف غامضة، رحلوا الواحد بعد الآخر، أنا الآن اقف وحيداً هنا، احسب تجاعيد وجهي و شظايا السنين، وبجواري شجرة الكالبتوز القديمة، وعلى رأسها مجموعة من الطيور والحمام، كلما انت واحدة منها، فاضت عيني بالدموع.
حيدر الهاشمي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here