لماذا لا يعير العراقيون وطنهم اي اهتمام؟

لماذا لا يعير العراقيون وطنهم اي اهتمام؟

عندما تلتقي باي مواطن سوري او مصري او تركي او ايراني او سنغالي او فرنسي او امريكي فانه يفتخر بوطنه ومسقط راسه وموطن ابائه واجداده. بل حتى رسول الله الذي بعثه الله رحمة لجميع الناس في العالم اجمع. قال يوما ما لزوجته عائشة لولا قومك اخرجوني ما خرجت. انه يقصد موطنه ومكان ولادته مكة المكرمة وكان صلى الله عليه وسلم يحن اليها دائمآ.
منذ الغزو البربري الامريكي للعراق عام 2003 بدا العمل من قبل جيش الاحتلال واذنابهم الطائفيين الذين سلموهم الحكم. العمل وفق برنامج سبق ان اتفقوا عليه مع الادارة الامريكية. لمحو هوية العراق العربية الاسلامية المعتدلة. واستبدالها بهوية طائفية تكفيرية موالية لامريكا وايران. لذلك فرضوا دستور طائفي عرقي استئصالي حظى بموافقة المرجعية. لقد همشت الاغلبية العربية وقسم الوطن وتهدمت مؤسساته. سلط الاجانب الامريكان كل من الانفصاليين الاكراد والطائفيين الولائيين على شعب سبق ان عانى الامرين من النظام السابق. فجاء النظام الجديد ليجهز على ما تبقى من الوحدة الوطنية العراقية ليلغي الوطنية. فدخل العراق في اتون الشعوبية مع تحكم قوى طائفية استئصالية وقومية انفصالية ضد الاغلبية العربية.
بعد غزو العراق وحتى هذه اللحظة هيمنت امريكا على المقدرات الاقتصادية العراقية. فالمحتل يعرف من اين تؤكل الكتف. فاحتفظ لنفسه السيطرة الاستراتيجية والسياسية على البلاد من خلال فرض دستور خدم المكون القومي الكردي الانفصالي والمكون الشيعي الشعوبي الحاقد على الاغلبية.
لقد عملقت امريكا وكلائها وعملاءها من القادة الاكراد الانفصاليين. فسلم الامريكان مقدرات كردستان العراق لهؤلاء القادة دون ان يشاركهم احد. كما ان ثقتهم باخلاص القادة الاكراد جعلهم يجبرون الحكومة الطائفية في بغداد ان تذعن راغمة على فرض رغبات الاقلية الكردية على الاكثرية العربية في انحاء العراق قاطبة.
من جهة اخرى ومن اجل تشتيت الاغلبية العربية في العراق التي تزيد عن 80%. فقد سلطوا عليها في بغداد شذاذ الافاق من عملاء المنافي الطائفيين الشعوبيين الذين جمعتهم امريكا لاذلال عرب العراق والولاء لايران وامريكا وإسرائيل. ان تشتيت عرب العراق يعني بالضرورة اضعاف الاسلام الاصيل الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
ان الاحتلال كان على علم مسبق بازدواجية عمالة حكام بغداد الطائفيين الى كل من امريكا وايران. لذلك لم يفاجىء الامريكان بخيانتهم واصطفافهم مع ايران. لقد رجحت الادارة الامريكية منذ البداية وراهنت على القادة الاكراد ومنحتهم الثقة واعتمدت عليهم لاحباط اي محاولة من قبل الولائيين المقربين لايران لاضعاف مصالح امريكا في العراق. بكل الاحوال يبقى الضحية والمتضرر الاكبر الشعب العراقي المقهور والمظلوم.
ان هناك مشروع امريكي قديم لتسليط الاقليات القومية والطائفية والاثنية والدينية على شعوب المنطقة. فمنذ بداية خمسينات القرن الماضي وفق مذكرات المرحوم محمد حسنين هيكل كانت امريكا تشجع الحركات الدينية والطائفية. هذا المشروع افصح عنه بصورة جلية في تسعينات القرن الماضي للشروع في تشجيع اقامة دولة إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات. لذلك فقد كثفت الجهود داخل فلسطين المحتلة لهيمنة الاقلية اليهودية الصهيونية على الاكثرية العربية المسلمة وبنفس الوقت خلق الفوضى والحروب الطائفية والدينية والمناطقية على طول المنطقة العربية وعرضها. فكان بداية المشروع من العراق بعد احتلاله ولا يعلم احد نهايته.
في نهاية المطاف منذ اربعة عقود ونيف دفع الشعب العراقي ثمنا باهضا من عرقه ودمه للدفاع عن وطنه لكنه لم يحظى باية حقوق ولم ينعم بالسلام والامان. في كل مرة سواء في عهد النظام السابق او النظام الطائفي الحالي. قدم العراقيون فلذة اكبادهم في حروب عبثية لا مبرر لها سواء مع ايران او الكويت او امريكا سابقا. ثم عمم تلك الحروب المليشيات الولائية في حروب داخلية استئصالية لا نهاية لها تلتهم كل شيء.
حرب قذرة سموها بغير مسمياتها. فقالوا عنها بانها حرب ضد الارهاب او داعش. لكنها في الحقيقة كانت من اول الامر حرب انتقامية طائفية ضد العراقيين العرب السنة. اذ قامت حكومة بغداد ومليشياتها بحرب تطهير طائفي لفرض المذهب الواحد. ثم عمموها فيما بعد لتشمل كل العراقيين العرب سنة وشيعة.
انها حروب لن تنتهي حتى يتفتت الوطن ويتحطم اقتصاده ويتيتم اولاده. مع كل ذلك لا تزال الحكومة تتغني بالوطن الذي لم يحتضن ابناءه بل على العكس سلب حياتهم دون ان يمنحهم لقمة العيش والعمل الشريف فضاع الوطن والمواطن.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here