الى متى يبقى العراقيين مشروع دائم للموت؟

الى متى يبقى العراقيين مشروع دائم للموت؟
علاء كرم الله

نعم أن كل نفس ذائقة الموت فهذا أمر الله الذي لا مفر منه والذي قهر به الأنسان وجعل الموت نهاية حتمية له مهما بلغ من طغيان وجبروت وسفالة ووقاحة وفساد، ولكن أن يكون الموت مشروعا سياسيا وأداة بيد الحاكم يسوق أليه خلق الله عنوة بسبب من عصبية وتهور وحماقة أو بسبب من سياسة هوجاء وصراع سياسي وأفكار وأختلاف في معتقدات دينية بالية لا داعي لها ولا طائل منها فتلك مسألة أخرى تحتاج الى وقفة ومراجعة ومحاسبة 0 بدأ مشروع الموت الأول للعراقيين بشكل رسمي وقانوني! بحرب الخليج الأولى والتي كانت أسوء مشروع بشري أفتتحه رئيس النظام السابق تحت شعار (عبارة على الموت جنودك)! ، المشروع الذي جعل من العراقيين على أختلاف مللهم ونحلهم وقومياتهم وطوائفهم مدافعين عن البوابة الشرقية للوطن العربي!، بوابة الشؤوم التي نصب رئيس النظام السابق نفسه حاكما عليها ومدافعا عنها وعن الزعامات الخليجية والعربية التي أختبأت خلفها ، بكل ما تحمل تلك الزعامات وما عرف عنها تاريخيا من صفات الجبن والخيانة والغدر والخنوع والذل والأستسلام والعمالة!! 0 وأنتهى مشروع الموت الذي دام ثمان سنوات بلا غالب ولا مغلوب! مخلفا وراءه أكثر من مليون نصف عراقي بين قتيل ومفقود ومعوق ، ولم يجن العراقيين ولا حاكمهم ، شيء من ذلك المشروع سوى قبضة هواء وجعجعة وتطبيل نصر! ، حيث بقيت الحقوق التي قامت بسببها الحرب والتي طالب بها حاكم العراق آنذاك على حالها! ، فلا الجزر الأماراتية الثلاث ( طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) عادت، وظل التقسيم المائي لشط العرب كما نصت عليها أتفاقية الجزائر عام 1975!! ، وكما يقول المثل (كأنك يابو زيد ما غزيت) 0 ولم تمض فترة طويلة على تلك الأرواح التي زهقت والتي لم تجف دمائها بعد بذلك المشروع اللاأنساني واللابشري الذي أفتتحه طوال 8 سنوات والذي كان بأمكانه أن يتجنب تلك الحرب بأكثر من طريقة وطريقة لو أخذ الأمور بمنطق العقل و بشيء من الأتزان والتوازن والصبر وعبر القنوات الدبلوماسية!، لا سيما وأنه أعترف بعد أنتهاء الحرب بأنها كانت مؤامرة لأضعاف العراق وأيران!! ، ورغم دموية ورعب وسوداوية مشروع موت الثمان سنوات ألا ان الحاكم لم يتعض منه! ، فأفتتح مشروع موت آخر أكثر سرعة في حصاد أرواح العراقيين وبأقل مدة ، فكانت ( (حرب الخليج الثانية)! مع الكويت ، وسرعان مافشل المشروع بأشهر معدودة ! تاركا وراءه رائحة دماء مئات اللألاف من العراقيين التي زهقت أرواحهم بلا ذنب يعلوها نواح وعويل أسرهم من الأرامل والأمهات الثكلى وصراخ الأيتام ناهيك عن زيادة العنوسة وكثرة المطلقات ولم ينتهي مشروع الموت في حرب الخليج الثانية على هذا الحال ، فقد أعقبه مباشرة مشروع موت مرعب أخر والذي أستمر13 عام! ولحين سقوط النظام السابق ، وهذه المرة كان بأرادة دولية والذي تمثل بخنق العراقيين وحصارهم وجعلهم يموتون ببطيء بسبب المرض وقلة الدواء وبسبب الجوع وقلة االطعام!!0وعلى عكس ما توقعه العراقيين فقد خابت ظنونهم بعدما أعتقدوا بأن مشاريع الموت أنتهت بسقوط النظام السابق وأذا بمشروع موت جديد وطويل يفتح أبوابه على مصارعها لتحصد أرواح العراقيين منذ 18 سنة ولحد الآن! ، ولربما هو مشروع الموت الأطول الذي تعرض له شعب في التاريخ الحديث!! 0 ميزة هذا المشروع أنه أفتتح بأرادة دولية وأشرفت عليه وقادته أمريكا وبريطانيا وكل من تعاون معهم وكل من كانت له مصالح في دمار العراق وخرابه من كل دول الجوار والأقليم بل من كل دول العالم! ، وحتى من سياسي الداخل العراقي! 0 هذه المرة وجد العراقيين أنفسهم وهم يقاتلون نيابة عن العالم وليس نيابة عن الأمة العربية كما عهدوا ذلك في حروبهم السابقة! ، فصاروا يقاتلون الأرهاب العالمي هذه المرة المتمثل بداعش والقاعدة والنصرة وما الى ذلك من تنظيمات أرهابية 0 ويبدوا أن مشروع موت العراقيين هذا سوف لن ينتهي على المدى القريب فحصاد الموت مستمر يوميا للعراقيين بين موت بسبب مرض أو انفجار عبوة أو قصف أمريكي لقوات الحشد الشعبي ، وسيستمر مادامت أمريكا وبريطانيا وغيرهم باقين على أرض العراق وما دام الصراع قائما بينهم ، فهم من جعلوا أرض العراق أرض موت وخراب ودمار وتصفية حسابات بين كل دول العالم! 0 المصيبة أن العراقيين غير قادرين على تغيير واقعهم المؤلم ليس لضعفهم! ، بل لان أمريكا وبريطانيا ومن أتفقت مصالحهم من كل دول العالم التي تريد للعراق والعراقيين الموت والخراب والدمار ونهب ثرواته وخيراته ، فلم يعد أمام العراقيين غير أنتظار معجزة السماء وأرادة الله لخلاصهم من ذلك ! ، أو بأنتظار تغير الظروف والمصالح الدولية والسياسية للدول الكبرى في المنطقة! ، وهذا ما ستفصح عنه الأيام القادمة وعلى ضوء الأحداث والصراعات الدولية والأقليمية الساخنة التي تشهدها المنطقة عموما والعراق تحديدا0

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here