فيلم اسمه ( In time )

فيلم اسمه ( In time ) :

بطل هذا الفيلم في الحقيقة ليس ممثّلاً سينمائيّاً ؛ إنما بآلأصل شاب في العشرينات من عمره مهنته مطرب كندي معروف بين الناس إسمه : Justine Timberlake , أحبه الناس كثيراً لكونه كان حسّاساً و متواضعاً و جذّاباً حتى شوّقوه ليكون مُمثلاُ, وقصة الفيلم الذي مثَّله غريبة و أحداثه تكاد تكون قليلة لكن فيها “رسالة” عبقرية مخيفة و واقعية إلى حدّ الذعر في وقت واحد .. لو تُدرك جيداً أهدافه و غايته التي ستغيير بآلتأكيد مسير كلّ مَنْ يطّلع عليه و يناسب رسالة السّماء بخصوصا العلاقة مع الوالدين!

يعرض الفيلم .. بكون عمر الأنسان الحقيقي مُسجّل على الذراع الأيسر .. ( لكل الأبطال و لجميع المشاركين بالفيلم ), حيث حرص (المخرج) على أن يُريك كيفيّة إستنفاذ الثواني و الدقائق والساعات الثمينة من عمرك من دون أن تشعر بها!؟

و الملفت المرعب في الفكرة(القصة) إستعمالهم العمر كمقايضة في التعاملات الحياتية الماديّة و التجارية بدل النقد (المال)!
بمعنى أنهم عندما يريدون الحصول على متطلباتهم الحياتية اليومية يقومون بالسداد عن طريق (الوقت) المتبقي من العمر الموجود على ذراع كل منهم .. مثلاً .. مَنْ يحتاج شراء أيّ شيئ يجب أن يستغني عن ٣٠ دقيقة أو ساعة أو يوم مقابل آلحصول على ذلك الشيء, أو إن المعني لو رغب في استعمال المواصلات فيجب أن يفرغ من ساعة اليد المسجل فيها ” عمره ” وقتاً معيناً لأجل الوصول للمكان الذي يريده .. حيث لا يوجد أي تعامل بالنقود و العملات .. بل التعامل بالعمر فقط لا غير !

وأضاف المؤلف في شيء من الواقعية يشبه واقع الحياة تماماً .. أن هذه الساعة الرقمية الخاصة بالعمر يوجد فيها طبقية .. ( فقراء العمر وأغنياء العمر ) .. أي أنه هناك أشخاص لديهم عمر زمني أكثر من 100سنة وآخرون يعيشون يومهم .. لينتهي بمجرد ما ينتهي وفي وقتهم يموتون !

أحد المشاهد يظهر البطل وهو ينتظر أمّهُ على المحطة ليمنحها من يده بعض الساعات والأيام كي يلحقها قبل أن تموت لأنه كان المتبقي من عمرها ساعة ونصف فقط وبطارية العمر لديها ستنتهي حيث ستموت بشكل تلقائي .. عندما استقلت الأم الباص قاصدة ابنها قال لها السائق : سيدتي الإيجار يعادل استهلاك ساعتين من عمرك ولا تملكين سوى ساعة ونصف فقط فنظرت للناس حولها نظرة حيرة ورجاء ، لكن لم يكترث أحد منهم ولم يمنحها أحد عدة دقائق من عمره .. نزلت الأم وبدأت الجري مسرعة لمقابلة ابنها الذي قرر أن يهبها عشر سنوات من رصيد عمره المسجل على ذراعه حبًا بها من بعيد شاهدا بعضهما وقاما بالجري باتجاه بعض والدقائق تعد والثواني تجري ومجرد أن وصلا لبعض وحضنت ابنها وقعت بعدها وماتت لاستنفاذها آخر ثانيه من عمرها !

أكثر مشهد مؤلم في الفيلم كله, هو نظرة السيدة للناس في الباص وهم يتجاهلون حيرتها ، كان ممكنًا لأي شخص أن يمنحها دقائق من عمره تساعدها للحصول على عشر سنوات إضافيه من حساب ابنها الرائع !

ولكن .. في الواقع لا أحد يستطيع أن يمنحك العمر بل حتى أقل من ذلك .. الفيلم بإختصار أوصل رسالة عظيمة جدًا هي:
مهما عملت في حياتك من حسنات أو سيئات، من شرور أو خيرات لبني البشر حينما تقع وتفشل أو تمرّ بأزمة ما ، لن تجد أحداً بجانبك ولن تجد إنسانًا يمنحك لحظة من عمره لتسترجع فيها أنفاسك وقدراتك في محاولة للنجاح ، لن تجد أحدا يضحي ويمنحك دقائق من عمره في سبيل أن تتخطى أزمتك وتتعافى .. يوماً ما ستقع وتنتهي بطاريتك وتوشك صلاحيتك على النفاذ ، لن ينقذك إلا نفسك وسعيك واجتهادك وحلمك ..

شخصان فقط سيكونان على أتمّ الإستعداد بشرطها وشروطها لتفريغ بطارية عمرهما من أجلك لتعيش أنت و تحقق أحلامك الوردية؛ هما (أمك وأبوك), لكن بشرط أن يكونا صالحين لا شيطانيّن, كأكثر آلآباء و الأمهات في العراق و غيره حيث معظهم شياطين لا يقدّمون شيئا إلا بمقابل أو نفع ماديّ نقدي .. لهذا نرى أن أكثر العراقيين – بإستثناء الكونيين منهم كما أسلفنا و برهنا – إما إسلاميّ فاسد يسرق حتى كلماتك أو وطني أناني متعصب أو بعثي جاهل حاقد خبيث أو إرهابيّ قاتل أو بشر مغرض مفسد للأسف يستخدم حتى إسم الله للوصول إلى غاياته و شهواته وكما نشهد تفاصيلهم اليوم!

ألشّخصان الوحيدان المستعدّان لمنحك دقائق و ساعات من عمرهما لأنهما يعتبرانك الأحق بكل دقيقة من حياتهما .. هما والديك الصالحانَ .. إنها الفطرة والمحبة المنقوله بطريق العقيدة السليمة المفقودة اليوم و عن طريق الوراثة في الدّم .. في حال نقاء ذلك الدم و عدم تلوثه بلقمة الحرام الشائعة اليوم في كل أنحاءالعالم و العراق و أولها بغداد .. بل و كل مدن العالم تقريباً!

لذلك .. إياك أيها الكونيّ أن تضيع دقيقة من حياتك في الفساد و العبث والحسرة والحزن والانتقام و الغيبة و جمع رواتب الحرام و التقاعد والكسب الغير الشرعي كما هو حال المتحاصصين في العراق اليوم خصوصا الطبقة السياسية بسبب عقائد أحزابهم الحاكمة التي تنشر الجهل أينما حلوا ..

هذا كي لا تندم غداً على شيء .. كما ندم حتى الذين لم يُعبّؤوا عقولهم بآلفكر و قلوبهم بآلمحبة و عمل الخير .. بل لا أحد يعرف معنى عمل الخير حتى أكثر العلماء للأسف!؟ لو أن أي أحد منا مرسوم على ذراعه ساعة محددة بها بطارية عمره بفولتاج و أمبير مُعيّن وهو يراقب الثواني والأيام تتراجع أمام عينيه لحظة بعد أخرى؛ فهل كان سيراجع حساباته بشدّة ليعرف على الأقل سبب مجيئه لهذه الحياة؟

( الوقت عامل أساسي في تحديد قدر الأنسان و نحن نفقده بسهولة) منقول و مترجم بتصرف.

ملاحظة أخيرة للذين يصرفون وقتهم بتفاهات الدنيا و لذاتها الزائلة و هم أكثرية العالم, و أخص بآلذكر أعضاء التنظيمات في الأحزاب و العسكر و النظم الأخرى كآلوزارات العراقية و مجلس النواب وغيرهم و بضمنهم أؤلئك الذين كانوا يصرفون ساعات طويلة من عمرهم بينما كانوا يمرون بجانب المنتديات الفكرية التي كانت تقام بقربهم و كانها لا تعنيهم و هم يحرصون على عدم حضورها لئلا يعرفوا الحقيقة التي تمزق أوهامهم التي كانت تُكبل عقولهم و عقائدهم!

و الظريف أن بعضهم كان يأتيني بعد إنتهاء جلسة المنتدى في أحدى تلك الدورات التي أقمناها في تورنتو بكندا و يطلب منيّ أن أعينه(أعلمه) على فنّ (الكتابة) و غيرها على إنفراد, ليكون كاتباً .. و كنت أتعجب من مدى غبائهم و جهلهم و أحدق بعيونهم و أقول لهم: [و لماذا لم تحضر جلساتنا في كل تلك الأيام الخوالي التي كنت تصرف ساعاتك لِلا شيئ .. لتتعلم فن الكتابة و الخطابة؟],!؟
فكان جوابه: هو ألبقاء صامتاً كآلبومة! و بعضهم كان يكذب بوضوح و لا يخجل بسبب تربيته الحزبية الدعووية!
عزيز حميد مجيد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here