مشروع مدينة الرفيل و البيئة و التنمية المستدامة في العراق

الأستاذة الدكتورة جيهان بابان
BSc, MSc, PhD (UCL), PGCE, CSci, CChem, MRSC, AMEI, MIEnvSc.
الخبيرة في شؤون البيئة و الصحة و الطاقة
مؤسسة و رئيسة جمعية البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة
مشروع مدينة الرفيل و البيئة و التنمية المستدامة في العراق
  في تطور هام أعلنت الهيئة الوطنية للأستثمار، في يوم الثلاثاء 15 حزيران 2021 انطلاق مشروع  مدينة “الرفيل”  الضخم  كمدينة  متكاملة الخدمات، بمساحة 106 الاف دونم ضمن المنطقة المحيطة بمطار بغداد الدولي   و الذي وافق عليه مجلس الوزراء . وضمن الخطة المقدمة للمشروع  هناك  أربع مراحل تتضمن  الأولى فيه إنشاء مجمعات (سكنية ، تعليمية، تجارية ، طبيه ، خدمية ، وترفيهية ) و توفير (75) الف وحدة سكنية  يسكنها  نحو (300) الف نسمة و قد تم طرحها كفرص استثمارية  تتضمن ايضاً توفير   البنى  التحتية مع ضمان السلامة البيئية.  و في المرحلة الثانية  مشاريع صناعية لوجستية خدمية  و  مجاورة للمطار  و الثالثة ، مشاريع زراعية غذائية و المرحلة الرابعة ستكون في منطقة شمال أرض المطار في قضاء أبو غريب.  ان هذا المشروع العمراني الضخم ستكون له بالتأكيد انعكاساًت أيجابية  على مختلف الأصعدة الأقتصادية  و الأجتماعية و معالجة حقيقية لمشاكل السكن الملحة  في العاصمة بغداد التي تشهد اتساعاً افقياً متزايداً في السكن العشوائي اضافة الى توفير فرص كبيرة و متنوعة للعمل  لأمتصاص نسبة البطالة المرتفعة بين الشباب و ستسهم في تخفيف الأحتقان الأجتماعي  إضافة الى اعتماده على الخبرات و الكفاءات العراقية و الدولية. و تواصلاً مع اهمية الحفاظ على البيئة العراقية التي اشار اليها بيان الهيئة الوطنية للأستثمار  فيجب ان ينعكس ذلك بخطوات ملموسة وواضحة في توصيف المشروع يأتي في مقدمتها ضمان ان يقدم كل مشروع يتم الموافقة علية تقييماً للتأثيرات البيئية المحتملة من اقامة المشروع تقدمها جهات رصينة و كفؤة فعلى سبيل المثال ستواجه شركات البناء و الأعمار مشكلة تراكم النفايات الأنشائية  وأيضا ضرورة توفر مساحات خضراء مناسبة في المخطط الأساسي للمدينة و الأنتباه الى التأثيرات البيئية للنقل او المخلفات التي هي ناتج طبيعي لكل مشروع صناعي او تجاري و كيفية التعامل معها لتخفيف الأضرار البيئية و الصحية و ايضاً  حول التأثير البيئي لحجم و كمية النفايات الصلبة و  المياه العادمة التي سيتركها 300 الف نسمة  و كيفية التعامل معها. ومن الأسئلة الاخرى كيفية توفير المياه الصالحة للشرب و معالجة مياه الصرف الصحي و كيف سيتم توفيرالطاقة وماهي الاضرار البيئية و خاصة التلوث الهوائي لأنتشار استخدام المحولات الكهربائية التي تستخدم الديزل كوقود.
جميع هذه التحديات البيئية و اخرى غيرها متوقعة و قد تعاملت معها بلدان عديدة و منها الخليجية التي بنت مدناً عصرية عبر الأهتمام بتوفير متطلبات البنية التحتية الخدمية المطلوبة و لكن عراقياً يمثل هذا المشروع العملاق فرصة جديدة لأتباع طريق التنمية  المستدامة   وبأتجاهين الأول إقامة مشروع معالجة و تحويل النفايات الصلبة الى طاقة متجددة كهربائية و حرارية نظيفة حيث وفر التطور العلمي و التكنولوجي امكانات واقعية لتنفيذ ذلك و بكلفة استثمارية مقبولة و القادر على توفير طاقة كهربائية و حرارية تغذي كامل المنطقة السكنية و الثاني هو اقامة  و حدات لمعالجة و تدوير مياه الصرف الصحي والتي ستوفر فرصة لتطبيق الأقتصاد الدائري الأخضر لتحويلها الى مياه لسقي المناطق الخضراء بل و حتى يمكن معالجتها لتتحول الى مياه صالحة للشرب .
ولكي نستطيع مواكبة الدول المتقدمة في معالجة مشكلة النفايات و مياه الصرف الصحي  يجب ان تتوفر خطط استراتيجية بمدايات زمنية مرتبطة بالجدولة الزمنية لمشروع مدينة الرفيل و إدارة كفؤة معتمدة على الحوكمة الإدارية و أيضا تأخذ بنظر الأعتبار معدلات النمو السكاني و مستوى التنمية الصناعي و الأقتصادي . وقد حظى موضوع الأستدامة في معالجة و تدوير النفايات بأهتمام الأمم المتحدة لكونها احد مصادر التلوث البيئي في الهواء و التربة و المياه و شجعت مشاريع تدوير النفايات وتحويلها إلى طاقة كهربائية و حرارية و استخدام مخلفات الحرق في رصف الشوارع وغاز الميثان للطبخ والتدفئة . وتعرف النفايات بأنها نتاج النشاط اليومي للبشر ولجميع مرافق الحياة العملية و في العراق قد تكون عضوية مثل أوراق الشجر ،او مخلفات الحيوانات او غير عضوية مثل البلاستك او صلبة مثل الزجاج او الورق او مخلفات البناء او النفايات الأليكترونية كالتلفونات و الحاسبات و الطابعات. و تقدر احصائيات الجهاز المركزي العراقي للإحصاء لعام 2019 كمية المخلفات المرفوعة 17.3 مليون طن منها 10.6 مخلفات منزلية و 5.9 مخلفات إنشائية أي بمعدل كمية النفايات المتولدة عن كل فرد 1.4 كغم يوميا و التي فاقم منها النمو السكاني السريع وعدم تعديل قانون البيئة لسنة 2009 و عدم تفعيل القوانين البيئية العراقية و الإجراءات القانونية الرادعة من قبل الحكومات المحلية و ضعف الوعي المجتمعي وعدم وجود برامج إعلامية فعالة رسمية او شعبية يضاف الى ذلك قلة التخصيصات المالية المخصصة لمعالجة مشكلة النفايات و المخلفات بمختلف أنواعها الصلبة و السائلة و الغازية و التي أدت الى توقف و تلكؤ بعض المشاريع على قلتها. و هنا تأتي الحاجة ضمن أولويات البرلمان العراقي القادم هو مناقشة و إقرار مشروع قانون إدارة المخلفات ( 13-10-2018) بما يحدد المسؤوليات الحكومية و المجتمعية و الشعبية و يحدد الضوابط و التبعات القانونية على المخالفين كالسجن او الغرامة المالية. ان مشروع مدينة الرفيل يحتاج الى منظومة حديثة لجمع النفايات بأنواعها المختلفة الناتجة عن الأنشطة البشرية او التجارية او الصناعية و نقلها الى محطات للفرز ومن ثم الى معامل لتحويلها الى طاقة كهربائية او حرارية و بأتباع سياسات الأقتصاد الدائري الأخضر المعتمد على تقليل النفايات و إعادة الاستعمال و التدوير و الا فستكون للمخلفات الكبيرة في هذه المشاريع الكبيرة و بدون توفر بدون معالجة عصرية و مستدامة تلوث كبير لمكونات البيئة المحلية و انتشار الامراض والمشاكل الصحية منها الأمراض المعدية والسارية و الجلدية و التي لها علاقة مباشرة بنوعية و صحة الهواء و المياه وتصريف المخلفات كأمراض القلب والشرايين والسرطانات والأمراض الناتجة عن تسرب المخلفات خطر انتشار مادة الدايوكسي المسرطنة بالهواء نتيجة حرق المخلفات و التي تشهدها خاصة محافظة بغداد و المحافظات الأخرى و التي تفتقد الى معالجات و حلول سريعة لإيجاد محطات لمعالجة المياه و الأنتقال من الطمر والحرق التقليدي في مكبات مجازة و غير قانونية الى معالجات عصرية حديثة صديقة للبيئة للمخلفات بأنواعها الصلبة وسائلة وغازية ويمكن الاستفادة منها وتدويرها و تحويلها الى طاقة كهربائية و حرارية. و قد عقدت جمعية البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة في2020 مؤتمراً علميا و بحثياً حول معالجة و تدوير النفايات في العراق بأنواعها المختلفة و سبل التخلص منها و معالجها بطرق مستدامة محافظة للبيئة , و تحويلها الى طاقة حرارية و كهربائية نظيفة , حضره خبراء عراقيين و اجانب كما قدمت الى الحكومة العراقية آنذاك و عبر الطرق الرسمية مشروع معالجة و تدوير النفايات تم الترحيب به في حينه .
Email: [email protected]; Facebook: @IEHC2015UK
Website: www.iraqienvironmenthealthsociety.org ; Email: [email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here