صبر و ” أبو صابر ” و ما بينهما من أواصر علاقة وصحابة في العراق !

صبر و ” أبو صابر ” و ما بينهما من أواصر علاقة وصحابة في العراق !

بقلم مهدي قاسم

كان أحدهم يتحدث ، شارحا ، محاولا كشف روابط وأواصر علاقة وتماثل بين صبر و ” أبو صابر ” فُسئل بدافع فضول وحب استطلاع :
ــ يا ترى من هو ” أبو صابر ،” هذا رجاء ؟ ..
أجاب بأريحية مستفيضة على هواها ، كأنما تنفيسا عن نفسه :
ــ أنه ذلك ” الحمار ” الكادح ، المطيع ، الوديع ، الصبور الصابر بصمود عجيب ، و الصامت أبدا ، و المتحمل دوما أثقال هموم الدنيا الفادحة وأوزارها الكثيرة من شظف عيش و إملاق ، من شدة الحاجة والحرمان مسلوبا تقريبا من كل شيء ما عدا قليلا يسيرا جدا لغرض البقاء على قيد الحياة بالكاد ، إلى درجة لا يوفرون له إلا ماء ملوثا ، ولا طعاما إلا قوتا رديئا و مشكوكا بفائدته الصحية، لا ينام سوى في اصطبل تخيم عليه مظاهر عتمة وظلام ، وذلك بسبب كثرة انقطاع الكهرباء ، أما شتاء فتجده يرتجف بردا ، وصيفا يتعرق لاهثا مخنوقا من ضراوة أجواء ومناخات لهيب و قيظ ، كأنها خيمة سعير من جحيم .. يعني محروما من كل شيء ، هما و غما ، حسرة وأسى ، سوى في مناسبات معينة يرمون له شيئا من ” علف مقدس ” وهو خليط من أفاعيل مكر و أباطيل خداع ، بكذبة تبشيره ، فيما بعد ، بحياة أفضل و أحسن و أجمل ، كل ذلك ، لكي يدوم الصبر عنده و يقوى ، ليواصل تحمل أثقاله حتى نهاية المشوار ، منتظرا بشوق بداية الراحة الأبدية ، حيث لا حاجة إلى ماء عذب و صالح لشرب ، ولا إلى إنارة كهرباء، ولا إلى عمل ، أو شراء أي شيء ..
صاح فجأة من بين الحضور المستمعين أحد العراقيين وهو يقول مندهشا ، متعجبا :
ــ يا سبحان الله !..اشعر وكأنك تتحدث عن حياتي المزرية في العراق !..
ملحوظة : عندنا في العراق يطلقون على الحمار اسم” أبو صابر” تعبيرا عن شدة صبره و تحمله !..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here