لا كهنوت ولا رجال دين في الاسلام

لا كهنوت ولا رجال دين في الاسلام

نزل القران الكريم على رسول الله لاصلاح احوال دنيا المسلمين ليكون لهم دستور حياة خاص وعام. جاء لانقاذ الانسانية دون ان يفرق بين الدين والدنيا. كانت اول اياته القرانية تدعو الى البحث عن العلم والمعرفة. “اقرا باسم ربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم”. لقد جعل القيم الانسانية كالعدل والصدق والامانة والوفاء والاخلاص والتسامح والعلم والعمل المرتكز والمعيار الاول لرضى الله. اي اصلاح ذات البين وحسن التعامل مع الانسان الاخر. كما ان العمل لاعمار الارض ومساعدة الاخرين يعتبر خير وسيلة للدخول الى الجنة.
لقد جعل الله ايضا قبول العبادات كالشهادة والصلاة والصوم والزكاة والحج عنده مرتبط بحثّها الانسان لممارسة القيم الاخلاقية سابقة الذكر. ان من اسس الاسلام ايضا ان العبادات لا قيمة لها ان لم تنهى عن المنكر وتحث لعمل المعروف. تلك العبادات الصماء ستزيد المسلم بعدا عن الله. بل واسوء من ذلك فقد تدخله في خانة المنافقين. الذين قال عنهم القران الكريم بان مكانهم الدرك الاسفل من النار.. “ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار “. وقال رسول الله حول عبادة الصلاة من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلن يزدد عن الله الا بعدا. من المعلوم ان الفحشاء والمنكر هي مجموعة الشرور كالكذب وقول الزور والخيانة والزنى والغل والسرقة والحرام بكل اشكاله.
من هنا نستنتج بان الاسلام لا يمكن ان يفصل العبادات الروحية كالشهادة والصلاة والصوم والزكاة والحج عن الاعمال والمبادىء الانسانية الحياتية. سواء في مجال العمل الفردي او الجماعي من جميع النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتجارية. اي ان اي رجل دين يعزل نفسه لهذه الغاية يخرج من الاسلام اذ لا كهنوت فيه. ان بدعة فصل الدين عن الحياة جاءت لالغاء القيم الاخلاقية السامية التي جاء بها الاسلام. انها تهدف بالتالي لاشاعة سيادة المستعمرين المتغربين او وكلاؤهم العلمانيين والمنافقين الاسلاميين الذين يريدون الاستئثار بالحياة السياسية والاقتصادية دون رقابة اخلاقية. جاءوا ليستولوا على الثروات دون مبادي سماوية تردعهم.
ان وصول رجل الدنيا سواء المستعمر او عميله العلماني او المنافق الاسلامي الذي لا يلتزم بمبادئ الاسلام العليا سيكون بمثابة عودة جديدة للصليبية والاستعمار والاستغلال. ان وجود رجل السياسة بمعزل عن الاسلام في مناطقنا يعنى اشاعة الظلم ومحاربة مبادئ العدل والتسامح والمساواة. ان من البديهي ان هناك علماء متخصصين بالشريعة الاسلامية والقران الكريم والحديث النبوي الشريف لكنهم ليسوا رجال دين كهنوتي. يجب ان يكونوا جزء من المجتمع يعملوا لكسب رزقهم كغيرهم ويبحثون عن العلم الارضي ليتمكنوا من الاجتهاد الفقهي.
ان خير مثال لنا هو رسول الله فالى جانب انه كان يتلقى الوحي من السماء ويامره الله وينهاه كي ينذر الناس. فقد كان ايضا قائدا عظيما اخرج العرب من جاهلية الظلمات الى نور الاسلام. لقد كان رسولا نبيا كذلك كان سياسيا واقتصاديا ومجاهدا صلبا لاحقاق الحق ومحاربة الظلم. لقد اسس دولة لها دستورها وهو القران الكريم. كما إن القرآن الكريم نفسه في حقل الاحكام يحتوي على اكثر من 80% من الاحكام الاخلاقية الحياتية حول المعاملات مع الناس. اما العبادات فهي اقل من 20%. كما ان تلك العبادات نفسها لا يقبلها الله اذا لم تحث المسلم على عمل الخير.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here