مواقفي منك كمواقف البحر، من قصائد الحب لنزار قباني

مواقفي منك كمواقف البحر، من قصائد الحب لنزار قباني ، د. رضا العطار

في الحب البحري

مواقفي منكِ ، كمواقف البحر

وذاكرتي مائية كذاكرته

لا هو يعرف اسماء مرافئه

ولا انا اتذكر اسماء زائراتي

كل سمكة تدخل الى مياهي الاقليمية ، تذوب

كل امرأة تستحم بدمي ، تذوب

كل نهدِ . . يسقط كالليرة الذهبية

على رمال جسدي . . يذوب

فلتكن لكِ حكمة السفن الفنيقية

وواقعية المرافئ ، التي لا تتزوج احدا

احساسي بكِ متناقض ، كأحساس البحر

ففي النهار ، اغمرك بمياه حناني

واغطيك بالغيم الابيض ، واجنحة الحمائم

وفي الليل

اجتاحك كقبيلة من البرابرة

لا استطيع ، ايتها المرأة ، ان اكون بحرا محايدا

ولا تستطيعين ان تكوني سفينة من ورق

لا تكوني انديرا غاندي

ولا انا مقتنع بجدوى الحياد الايجابي

ففي الحب . . لا توجد مصالحاتُ نهائية

بين الطوفان وبين المدن المفتوحة

بين الصواعق ، ورؤوس الشَجَر

بين الطعنة وبين الجرح

بين اصابعي ، وبين شعركِ

بين قصائد الحب . وسيوف قريش

بين ليبرالية نهديكِ

وتحالف احزاب اليمين !

ايتها الخارجة من خرائط العطش والغبار

تخلصي من عاداتك البرًية

فالعواطف البرية تعبر عن نفسها

بإقاع واحد . . ووتيرة واحدة

اما الحب في البحر . . فمختلف . . مختلف . . مختلف

فهو غير خاضع لجاذبية الارض

وغير ملتزم بالفصول الزراعية

وغير ملتزم بقواعد الحب العربي

حيث اجساد الرجال تنفجر من التخمة

ونهود النساء تتثاوب من البطالة

لماذا تبحثينَ عن الثبات ؟

حين يكونُ بوسعنا ان نحتفظ بعلاقاتنا البحرية

تلك التي تتراوح بين المدً والجزر

بين التراجع والاقتحام

بين الحنان الشامل ، والدمار الشامل

لماذا تبحثين عن الثبات ؟

اريك ان تتكلمي لغة البحر

اريدك ان تلعبي معه

وتتقلبي على الرمل معه

وتمارسي الحب معه

فالبحر هو سيد التعدد . . والاخصاب . . والتحولات

وانوثتكِ هي امتداد طبيعي له

انا بحرك يا سيدتي

فلا تسأليني عن تفاصيل الرحلة

ووقت الاقلاع والوصول

كل ما هو مطلوب منك

ان تنسي غرائزكِ البرية

وتطيعي قوانين البحر

وتخترقيني . . كسمكة مجنونة

تشطر السفينة الى نصفين

والافق الى نصفين

وحياتي الى نصفين

* مقتبس من ديوان الشاعر م 2 ص 615

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here