في ادب الحياة ـ ليست الشيخوخة مرحلة الفراغ و العطل !

في ادب الحياة ـ ليست الشيخوخة مرحلة الفراغ و العطل ! * د. رضا العطار

هناك من يعترض و يقول ( ان لكل مرحلة من مراحل العمر طابعها الخاص :

فالصبا والشباب هو مرحلة الدرس والتحصيل، وفترة الرجولة هي فترة العمل والنشاط، واما مرحلة الشيخوخة فهي مرحلة الراحة والسكينة )

وردنا على هذا الاعتراض ان طبيعة الحياة النفسية للموجود البشري لا تعرف امثال هذه التقسيمات، فان هناك من الاتصال او الاستمرار Continuity في وجودنا ما يضطرنا الى ممارسة قوانا العقلية والوجدانية والنزوعية في كل مرحلة من مراحل حياتنا.

وقد اثبت العالم )الكسي كاريل( انه ليس اخطر على الشيوخ من هذا التصور التقليدي للشيخوخة باعتبارها حياة الراحة والفراغ. والسبب في ذلك انه لما كانت القيمة الفسيولوجية لسنوات النضج والشيخوخة قيمة ضعيفة نسبيا فانه لا بد لنا من العمل على ملء هذه السنوات بضرب من النشاط، وتبعا لذلك فانه لا بد للرجل العجوز من مواصلة العمل بدلا من التقاعد. وليس من شك في ان كل شيخ يقلع عن العمل لن يلبث ان يجد نفسه عاجزا عن ممارسة قواه العقلية والوجدانية والنزوعية، فالبطالة تقلل من مضمون الزمان الذي يحياه المرء. والفراغ اشد خطورة على الشيوخ منه من الشباب.

صحيح ان الشيوخ قد لا يكونوا اهلا للاضطلاع ببعض الاعمال البدنية الشاقة ولكن من المؤكد ان هذا الضعف الجسمي لا يعني انهم عاجزون تماما عن القيام باي نشاط . والارتماء في احضان الفراغ. ويمكننا ان نعالج بطء الشيوخ بزيادة نشاطهم السايكولوجي. عن طريق ملء حياتهم بالاحداث الفكرية والروحية، فهنالك قد تقل سرعة انحدارهم، ان لم نقل بانهم قد يتمكنون من استعادة جانب من حياة الشباب بما فيها من حيوية وامتلاء —

* مقتبس من كتاب مشكلات الحياة، زكريا ابراهيم استاذ علم الفلسفة، جامعة القاهرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here