وأَدَّ الطائفيون المقاومة في العراق في حين انتصرت في افغانستان

وأَدَّ الطائفيون المقاومة في العراق في حين انتصرت في افغانستان

قبل عشرين عاما استثمرت امريكا احداث 11 ايلول المصنّعة لاحتلال افغانستان. عشرين عاما حاولت امريكا تصنيع عملاء افغانيين ماجورين سلمتهم السلطة. ثم شكلت لهم حكومة وجيش ومؤسسات. طارد خلالها الجيش الامريكي بعدته ومعداته التكنولوجية المتطورة حركة طالبان في كل مكان. حاول ذلك الجيش العرمرم استئصال الحركة في كل من افغانستان وباكستان. لكن
النتيجة النهائية اليوم انهزام امريكا صاغرة امام اصرار طالبان وتمسكها بخيار المقاومة المسلحة. اذ يبدو ان خسائر امريكا اكثر بكثير مما هو معلن. مما اضطر الرئيس الامريكي السابق ترامب ان يتفاوض قبل سنة للانسحاب من افغانستان. ثم جاء الرئيس الامريكي الجديد اليوم ليترك حلفاءه يلاقوا سقوطهم المحتوم.
لقد فسحت امريكا المجال لبعض عملائها الافغان الالتجاء اليها. سيكون بالقريب العاجل هروب مخزي يذكرنا بهروب العملاء الفيتناميين مع الجيش الامريكي المنكسر المثخن بالجراح والخزي والعار. هذه هي سنة التاريخ فالشعوب المقاومة التي تعتز بتاريخها ستنتصر حتما على المستعمرين والغزاة كما حصل ذلك في الجزائر او ايران او فيتنام او الهند.
من جهة اخرى فقد احرزت المقاومة العراقية انتصارها على جيش الغزاة الامريكان بعد سنتين فقط. ففي فترة قياسية اثخن ابطال العراق الجيش الامريكي بالحراج وقتلوا منهم الالف المؤلفة. حتى ان الرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش اجتمع بقادته الميدانيين نهاية عام 2005 قائلا لهم ساخرج من العراق ولا ابالي بالهزيمة لان الخسائر البشرية هائلة.
لكن اذناب الاحتلال الشعوبيين الذين دخلوا من المنافي ولا يمتلكون اي حس وطني. سارعوا الى تمزيق النسيج الاجتماعي العراقي لخدمة المشروع الامريكي. لقد سبق ان باعوا انفسهم للمستعمر فدخلوا العراق وراء دبابات الاحتلال. كان كل هدفهم سرقة ثروات البلاد ونشر مذهبهم الاستئصالي الموالي لايران. كان الحقد الطائفي وكره العرب والاسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم قد عشعش في نفوسهم. هؤلاء الاغراب المتسكعين من علمانييهم ومعمميهم ومثقفيهم غالوا في عدائهم ضد الاحرار الوطنيين. انهم حقا المنافقون الذين وصفهم القران بانهم العدو ويجب الحذر منهم اكثر من الصليبيين والامريكان. “واذا رائوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون الله يستهزأ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون”.
لقد ارتكبوا الخيانة العظمى والخطيئة الكبرى وارتدوا عن الاسلام. فقد مزقوا البلاد واعلنوا الحرب الاهلية الطائفية ضد العرب السنة بداية 2006. لقد انقذوا الغزاة الامريكان من هزيمتهم وهبوا لنصرتهم ضد المقاومة الوطنية. لقد خانوا وطنهم مثل ما خان الحركيين في الجزائر بلدهم وانحازوا مع المستعمر الفرنسي. او خيانة المرتزقة الفيتنامين والافغان شعوبهم واصطفوا مع المستعمر الامريكي.
لقد مزق عملاء امريكا الشعوبيين العراق طائفيا وقوميا واجتماعيا وفعلوا ما لم يتجرأ فعله عملاء امريكا الافغان، كان دفاعهم عن بقاء المستعمر الامريكي دفاع حياة او موت. لانهم يعلموا علم اليقين بان فشل امريكا يعني فشلهم وانهيار مشروعهم الطائفي الشيطاني. لقد كان ارهابهم وقسوتهم واضطهادهم العراقيين الوطنيين وحشيا. في حين كان المحتل الامريكي يلتزم نوعا ما بقواعد الاعتقال والتحقيق.
ما زلنا نتذكر الايام السوداء عندما اطلق خونة العراق التكفيريين المناصرين للاحتلال. حربهم الطائفية ضد عموم الشعب لخدمة مشروع امريكا وايران. كانوا اشد تحمسا لمناصرة الغزو ودعمه من الغزاة انفسهم. لقد ادعوا ما لم تدعيه امريكا نفسها عندما صرحوا بان امريكا حررت العراق. في حين يقول الرئيس الامريكي نفسه لو تعرضت بلادي للغزو فسوف اقاوم الغزاة.
انها الخيانة العظمى مع قدر كبير من الكذب والدجل والتدليس. حيث شرع الطائفيين بكل ما اتوا من فحش الاقوال وظلم الافعال باتهام المقاومة الشريفة بالارهاب والوهابية والبعثية والظلامية. لقد تحول من كان يدعي بالمظلومية دجلا ونفاقا. الى ظلمة ماجورين يستخدمون افضع وسائل التعذيب وسياسة الغدر والخداع والارهاب الذي لا مثيل له ضد الشعب الذي يدعون الانتساب اليه.
لقد تبين فيما بعد بانهم كانوا عملاء متعددي الولاءات اذ يعملون في نفس الوقت مع النظام العراقي ومع النظام الايراني ومع امريكا. لقد خانوا المعارضة الوطنية الحقيقية وباعوها بثمن بخس الى بغداد وطهران وواشنطن. لذلك فقد اخفوا بعد سقوط النظام السابق ملفات الامن والاستخبارات العراقية ورفضوا نشرها خوفا من كشف فضيحة ارتباطات قادة المعارضة الطائفية. ان ممارسة سياسة التقية الخطيرة كانت تبيح لهم الكذب والعماله لجميع الاطراف المتصارعة. مما جعلت العمل معهم محفوف بالمخاطر.
في نهاية المطاف من حسن حظ الشعب الافغاني ان امريكا لم تسلم زمام الحكم للشيعة الولائيين لايران مثلما فعلت في العراق. لقد عمل ولائي العراق لاشعال الحرب الطائفية خدمة لايران والحقوه مع الدول المنهارة: كلبنان وسوريا واليمن خدمة للمشروع الوطني الشعوبي الايراني. من الصحيح ان حكام افغانستان الحاليين الذين سلمتهم امريكا الحكم يسيرون وفق الاوامر الامريكية. لكنهم ليسوا على علاقة ولائية مع ايران ولم يكونوا على استعداد لتدمير النسيج الاجتماعي لبلدهم. فانتصرت المقاومة في افغانستان في حين تاخر الانتصار في العراق
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here