بلاء بوش … نبوئة جدتي

*بلاء بوش … نبوئة جدتي*

جَدّه: أمّ الآب أو أمّ الآم وأن علت ، وكثيراً مايقال ( كانت جَّدته أحنّ عليه من أبيه ) ، هناك من يسميها ( بيبيتي ) أو ( حبوبتي ) ، أدركت في ستينيات القرن الماضي ( جَدتي غويه بنت حمد العلي الخلف الجبوري ) فهي أم أبي ، كانت أمرأة ذات وقار وطول فاره معروفه بعفتها وكرمها وأصلها الطيب فهي حفيدة ألشيخ علي الخلف شيخ الجبور كما هو مثبت في الوثيقه العثمانيه الصادره في زمن الدولة العثمانية والتي تم تجديدها عام 1923 ميلاديه والتي هي بحوزتي الان ، كانت تحفظ أجزاء كثيره من القرأن الكريم والكثير من الاحاديث النبويه الشريفه وتحفظ العديد من الاشعار الجميله والقصائد التي تمجد أبناء وفرسان قبيلتنا الجبور وكم كانت تفتخر وتبكي عندما تحدثنا عن أجدادنا وعن كرمهم ومضايفهم التي أدركناها في ستينيات القرن الماضي ، كم كانت جميله تلك اللحظات التي لن تتكرر أبدا والتي يعيشها الانسان حينما يدرك أحدى ( جدتيه ) مع أخوانه وأخواته حينما يلتفون حولها وهم في بداية حياتهم أطفال صغار بجلسه قصصيه حميميه تكون في الكثير من الاحيان متنوعه وجميله وكثيرة الفائده ، وكم من المرات حدثتنا جدتنا عن ( السعلوه ) وعن ( الفارس الغريب ) وعن ( عنتر وعبله ) و( ليلى والذئب ) وعن النبي المصطفى الامين وطفولته وحياته الشريفه وعن الانبياء والائمه الاطهار وعن ابو زيد الهلالي وعن فرسان قبيلة الجبور ومنهم أبن عمها الشهيد البطل ( سلوم علي الخلف الجبوري ) الذي أشترك في ثورة العشرين ولم يعُد الى دياره أبدا ً ، والذي يعيش أحفاده في مدينة الكاظمية المقدسه ونرتبط معهم بعلاقة حميمه الى الان ، وكم كانت تذرف الدموع ونحن معها عندما تذكره بكل فخر وتقول لنا أولادي ( عمكم شهيد ) وقد أدركت ( الكوالات ) أي المليات وهن يرددن عن عمي ( أويلاه عل المارجع لدياره ) ، والله أن تلك القصص والحكايات التي كانت جدتي ترويها لنا تصلح أن تكون أفلام جميله ومسلسلات تاريخيه كبيره لو اتيح لنا أن نكتبها بطريقه السيناريو ويتم أخراجها من قبل مخرجين متميزين ولكن ….. كانت جدتي تسدي علينا بنصائحها وارشاداتها التي أنعكست على حياتنا الى حد هذه اللحظه والتي يفتقدها معظم أطفال هذا الزمن والتي تم فيه استبدال ( الجده ) بالمربيه الهنديه والبنغاليه أو الكوريه أو المعلمه في رياض الاطفال متناسين أن الام والجده هي المصدر الرئيسي في تنشأة أطفالنا الاعزاء حتى وصل الامر ببعض الاباء والامهات الى حجر أمهاتهم بسبب عدم رغبة الزوجه العيش مع أم الزوج في بيت واحد ، تنبأت جدتي بنبوأت كثيره وهي عندما كانت تتحدث تقول أنني سمعت من والدي أو والدتي فمن الحكايات التي ظلت عالقه في ذهني حكاية ( بلاء بوش ) أذ تقول جدتي في حكايتها أن بلاءا ً سيحل على بغداد يسمونها *بلاء بوش* وفعلا ورغم مايقال عن أطاحة المجرم صدام حسين من خلال بلاء بوش ألا أن هذا البلاء أهون من بقاء البعث جاثم على صدر العراق ، والحكاية الثانيه التي ظلت عالقه في ذهني أن جدتي كانت تقول لنا أن بغداد ( *أما غريج أو حريج* ) أي أما أن تحترق وأما أن تغرق !! فأما عن حريقها فنحن شاهدناها وهي تحترق 35 عام طيلة حكم البعثيين الجبناء وأما الغرق فأن المياه على أعتاب بغداد فكانت تقول أن سداً كبيراً سينهار في يوم اما وتغرق بغداد
فهل ستغرق بغداد حتما كما وعدت جدتي ؟ ، وتضيف جدتي في قصهها الجميله وتقول أن بغداد ستنهب وتسرق بيوتها ويقتل شبابها وتسبى نسائها ويحكمها الجهلاء والغلمان واللصوص عند ذلك ابشروا بنهاية العراق وربما الدنيا ، ونحن الاطفال في هذه الحاله نصغي بكل خوف وهلع مما سيجري علينا في بغداد ونكثر من اسئلتنا جدتي هل سنكون نحن من يشاهد هذه الفواجع في بغداد وترد علينا بكل هدوء ربما وربما لن تحدث وكل ذلك يرجع الى أمر الله وعندما ترى جدتي الخوف قد بدى على وجوهنا من خلال صمتنا وأستماعنا اليها بكل هدوء تعود كي تطمئننا وتقول لنا أولادي أذا صليتهم وصمتم وأديتم الامانات فسوف يذهب الله عنكم هذا العذاب ويحيله الى أقوام غيركم وسط فرحنا وعودة الابتسامه الى محيانا وهكذا كنا يوميا نستمع الى هذه القصص الجميله التي ستبقى عالقه في ذاكرتنا الى أن نلقى جدتي كي تقص علينا أحسن القصص ….

جبر شلال الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here