رسالة الاسلام العالمية “وما ارسلناك الا كافة للناس”

رسالة الاسلام العالمية “وما ارسلناك الا كافة للناس”

لقد بعث الله لوط لقومه وبعث نوح لقومه وكذلك هود لعاد وصالح لثمود. ثم بعث الله موسى وداود وسليمان وعيسى الى بني إسرائيل. اي ان الرسالات السماوية التي سبقت رسالة النبي المصطفى محمد كانت محلية الى اقوام مخصوصين وتعالج تلك الرسالات احداث شاعت في المجتمع ينبغي ابطالها بمعجزات الهية كظاهرة السحر وغيره.
كانت الرسالات السماوية السابقة تعج بالمعجزات الظاهرة التي كان يمارسها الانبياء الاخرون. اذ كان لموسى عليه السلام معجزة العصا واليد البيضاء وشق البحر وابطال عمل السحرة بعصاه. ثم الآن الله لداود عليه السلام الحديد وكانت الريح تنقله حيث يشاء. علم سليمان عليه السلام منطق الطير وتسخير الجن للعمل له ما يشاء. ثم منح النبي عيسى عليه السلام معجزة احياء الموتى وابراء الاكمه والابرص ومعرفة ما يوجد في بيوت بني إسرائيل والمائدة. كانت المعجزات لكل اولئك الانبياء ضمن اذن محدد ومؤقت من الله تعالى وتجري بقدرته واذنه لهم.
ان الله الذي خلق البشرية وجد انها اصبحت راشدة ويمكنها ان تتلقى الرسالة النهائية الى يوم القيامة. فاختار الله لها افضل الخلق اجمعين محمد صلى الله عليه وسلم. بعث له القران الكريم الذي يخاطب العقل والضمير ويدعوه الى التفكر والالتزام بتوحيد الله الذي لا شريك له. رسالة عالمية للناس اجمعين ودائمة لكل وقت وحين. لا تلتزم بزمن محدد او مكان معين. فهي رسالة الى الناس كافة من العربي والاعجمي والى الابيض والاسود والاسمر والى الذكر والانثى والى الغني والفقير ثم الى الحاكم والمحكوم.
منذ فجر الاسلام في مكة المكرمة عمل رسول الله الى تجسيد عالمية الاسلام فاحاط نفسه بصحابة مقربين من اهل البشرة السوداء الافارقة كبلال الحبيشي. او من اصحاب البشرة البيضاء الاوربيين كصهيب الرومي. او من الاعاجم الفرس كسلمان الفرسي. ومن الموالي كزيد ابن حارثة. لقد عملت قريش المستحيل كي يكون الاسلام دين للعرب وقريش فقط لكن رسول الله قال لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على اترك هذا الامر ما تركته حتى اهلك دونه. لعل من اهم صفة لهذا الامر اي الاسلام عالميته وعدم عنصريته لعرق او قومية او عشيرة معينة.
من الصحيح ان القران نزل باللغة العربية الفصحى ولا يمكن الصلاة الا بقراءة الايات باللغة العربية. لان الاسلام أستوعب خطأً اهل الكتاب عندما ترجموا التوراة والانجيل الى اللغات الاخري. تم شيئا فشيئا تم تحريف مقاصد تلك الكتب. فابتكروا مسالة التثليث او تجسيم الذات الالهية. في حين نرى ان بقاء القران في لغته الاصلية حفظه من التحريف. ووصلنا مثلما نزل على رسول الله “انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون”. ان خيار اللغة العربية كان عمليا لحملة الرسالة العرب. وليس له اية علاقة بالقومية العنصرية او التعصب العرقي.
ان عظمة الاسلام الذي جاء رحمة للعالمين قد استوعب كل الاجناس البشرية. في اسيا وافريقيا واوربا وامريكا الشمالية والجنوبية واستراليا. كما ان تسامحه مع المخالفين العقائديين من اهل الكتاب. سمح لهم العيش بامان واطمئنان في كنف الدول الاسلامية. في الوقت التي حدثت مجازر دموية بين الكاثوليك والبروتستانت او بين المسيحيين واليهود في الدول الاوربية خصوصا في فرنسا والمانيا وأسبانيا وفي امريكا.
يطرح الاسلام نفسه اليوم كمنقذ للبشرية مثلما انقذها من الجاهلية والعنصرية والعشائرية والعرقية وقت رسول الاسلام. العالم بحاجة ماسة للعودة الى الله والى المبادئ الاسلامية لاصلاح عالم غرق في ترف الحياة المادية وزخرفها. ان الاسلام يعيد الانسان الى اصله ويذكره بخالقه الذي وهب له الحياة وسخر كل شيء لخدمته. فبدون التوكل والاعتماد على رب الارباب الذي يحيي ويميت ويرزق من يشاء ان نتمكن الخروج من جحيم الدنيا. لقد وضعت الحضارة المادية الغربية العالم في مأزق لن يؤدي به الى السلام والامن والامان اطلاقا.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here