‏مباحثات العراق لرحيل المحتل ضرورة وطنية

‏مباحثات العراق لرحيل المحتل ضرورة وطنية، نعيم الهاشمي الخفاجي

مباحثات العراق مع أمريكا حول الانسحاب من العراق، حسب ماتناقلته وسائل الإعلام، وصلت الى مراحل متقدمة، يوم الإثنين الموافق 27/7/2022 سوف يتم الإعلان عن الانسحاب، بعد اجتماع رئيس الحكومة العراقية الكاظمي مع بايدن، هناك حقيقة لا يوجد في كل التاريخ أن دولة كبرى احتلت بلد واستضعفته خرجت طواعية وتركت ذلك البلد يتلمس طريقه، فكل احتلال، لابد أن يخرج بالقوة والرفض الشعبي، ذكر وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤولين أمريكيين وعراقيين سوف يصدر بيان حول الانسحاب من العراق ويبقى عدد قليل كمستشارين، ويتم العودة إلى اتفاقية الإطار الإستراتيجية من جديد، التي لم تفي بها أمريكا عندما أرسلوا لنا العصابات التكفيرية الديمقراطية في مؤامرة تسليم الموصل التي تعاون بها فلول البعث والتكفيريين وقادة وزعماء وشيوخ عشائر مكونهم السني إلا النزر اليسير، وتعاون معهم حزب كردي بقيادة زعيم يفكر بعقلية قروي، تورط في خيانة تسليم الموصل، الدلائل والوقائع على الأرض تثبت خيانته وتآمره.

علينا أن نكون واقعيين، أمريكا غير مهتمة في استقرار العراق، وجود قوات أمريكية بالعراق مضر، لأن اسرائيل تريد من الوجود الأمريكي أن ينفذ هواجسها، وتريد من الشعب العراقي أن يطبع مثل دول الخليج، وهذا مستحيل، طبيعة شعب العراق يرفض التطبيع مع الصهاينة، مضاف لذلك الرشاوي السعودية والإماراتية والقطرية وتآمر الملك الاردني صاحب مقولة الهلال الشيعي، وأطماع أردوغان، تؤثر على الإدارة الأمريكية للتدخل في شؤون العراق، ترمب اخترق سيادة العراق وقصف وقتل شخصية وطنية مجاهدة عراقية هزمت داعش، في أسم محاربة إيران، بل نفسه الرئيس الامريكي بايدن ،قال في يوم إعلانه الانسحاب من أفغانستان، ذهبنا إلى أفغانستان ليس لبناء دولة، بمنتهى الصراحة قالها بايدن، نحن ذهبنا ليس لكي نقيم دولة محترمة، الكلام يدحض آمال كل المراهنون في التعويل على الدول الاستعمارية في نشر نماذج راقية إلى الديمقراطية.

قول الرئيس الأمريكي جو بايدن، لحظة إعلانه عن انسحاب بلاده من أفغانستان: «لم نذهب لبناء دولة»، وبعد قرابة عشرين عاماً من احتلال أفغانستان، والقول اننا ذهبنا لتخليص الشعب الأفغاني من سيطرة نظام حركة طالبان الوهابية التكفيرية، كلام بايدن هذا يضعنا أمام حقائق لربما هناك الكثير من جيل الشباب بالعراق لازال يثق أن أمريكا وبريطانيا وفرنسا، يدعمون الديمقراطيات بالعراق والوطن العربي، وفي الحقيقة، هذه كذبة، عملية اسقاط نظام صدام الجرذ كانت في اسم عملية تحرير العراق، حال اسقاطهم لنظام صدام الجرذ قالوا نحن قوات احتلال، قيدوا عمل الحكومات العراقية المتعاقبة، تدخلوا في الملف الأمني، القوات العراقية تشتبك مع الإرهابيين وتقدم تضحيات، وعندما يتم القاء القبض على الارهابيين، القوات الأمريكية المحتلة تأتي بسرعة البرق لأخذ الإرهابيين لمعسكراتها، ويتم اطلاق سراحهم، بل في معسكر بوكا تم تدريب الإرهابيين وإطلاق سراح قادتهم كالبغدادي النافق ومن لف لفهم، لذلك قول بايدن: «لم نذهب لبناء دولة» يعني الإعلان عن كذب مشروع دعم الديمقراطية بالقوة العسكرية، في العالم، ومنطقتنا.

ثبت ان امريكا في الأصل هي تدعم أنظمة نشرت الوهابية والإرهاب والتطرف ومولت الارهاب والحروب الساخنة والباردة من أموال البترول الخليجي، وهي تعلم أن طالبان منبعهم الأساسي من المدرسة الوهابية الدينية السعودية الحاكمة، الحرب على أفغانستان وعلى الإرهاب، كانت كذبة كبرى، الغاية دعم التيار الوهابي التكفيري المدخلي الذي يطيع ولي الأمر الخليجي لتنفيذ الأجندة الاستعمارية.

الانسحاب الأميركي بهذه الطريقة، وتسليم أفغانستان إلى «طالبان» والتي أعلنت أنها تسيطر على أكثر 85% من أراضي أفغانستان، دليل صدق قول بايدن اننا لم نذهب لبناء دولة، والدليل فرار عشرات آلاف الجنود والضباط الأفغان امام عصابات طالبان، عودة طالبان للحكم يجعل أفغانستان ساحة كبيرة لتجميع كل الارهابيين في العالم في أراضي إمارة طالبان الإسلامية الديمقراطية الافغانية.

بكل الأحوال اضرار العناصر الإرهابية ترتد على الدول الاستعمارية نفسها التي احتلت أفغانستان عشرين عاما وقتلت الاف الاشخاص من أنصار الجماعات الاسلامية الوهابية الديمقراطية، هؤلاء لم ولن ينسوا قتل رموزهم ابدا.

كان ممكن وطوال عشرين عاماً، دعم الحكومة الافغانية وعدم التدخل في الملف الامني وترك مقاتلة طالبان من قبل القوات الامنية الافغانية، نفس الشيء فعلوه بالعراق، ايضا قيدوا عمل الحكومات العراقية المتعاقبة، منعوا القوات الأمنية في مسك الملف الامني، فرضوا محاصصة بالجيش والحكومة، بل رامسفيلد بعد إعلان نتائج الانتخابات عام ٢٠٠٦ جاء لبغداد وطلب تشكيل حكومة محاصصة، وطلب من الحكومة إشراك ساسة بعثيين أمر في استثنائهم من قانون المساءلة، وتم اغتيال رئيس لجنة قانون المساءلة الدكتور علي اللامي بسبب رفضه استثناء عناصر بعثية من اجتثاث البعث.

بكل الأحوال الحوار الاستراتيجي بين العراق وأمريكا، يفترض ينتهي في انسحاب القوات الأمريكية من العراق، والتي لم يستفيد منها العراق في محاربة داعش، بل عمدت التدخلات الأمريكية على منع الجيش والحشد الشعبي من تحرير الأراضي وتعقب المجاميع الإرهابية، تسبب اطالة المعركة اكثر من ثلاث سنوات لتحرير الموصل، هذه الإطالة، تسببت في سقوط عشرات آلاف الشهداء والضحايا، كانت حواضن الإرهاب المحمية من قوات الاحتلال الأمريكي عبارة عن مصانع وورشات للتفخيخ وصناعة العبوات وإيصال الانتحاريين لمدننا لقتل آلاف الضحايا من المواطنين العراقيين الشيعة، تحويل القوات الامريكية المحتلة الى مستشارين أيضا مضر، أيضا الحكومة العراقية تدفع مرتبات خيالية للمستشارين، وكل مستشار يحتاج موكب حماية، لدى كل مستشار مكتب يعمل به أشخاص كثيرون لنقل أخبار مفبركة، لإرباك الوضع السياسي العراقي، تصريحات وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين، عندما قال نحن محتاجين لقوات التحالف، في مؤتمره الصحفي مع بيلكن، يكشف حقيقة أن هناك مكونات عراقية تعشق وجود قوات الاحتلال لجعل العراق دولة منتهكة السيادة وفاشلة، الغاية تحقيق أهداف تخص الاستقلال والانفصال، لكن هذا التصرف خاطئ، لأن قضية استقلال الأكراد تثير غضب الشيخ طيب اردوغان، ولو بقي استقلال الاكراد على العراق لتم إعلان استقلالهم منذ زمن طويل، اعلان جو بايدن ذهبنا الى افغانستان ليس لعمل دولة دليل على كذب شعار نشر الديمقراطية الزائفة، ينشرون الديمقراطية ويدعمون أسوأ أنظمة بدوية دكتاتورية تنشر التطرف والإرهاب، انسحاب القوات الامريكية من العراق يكون له مردود إيجابي لبقاء علاقات عراقية مع امريكا جيدة في المجالات الاقتصادية، لكن لايمكن حجز القطاع الاقتصادي الى شركات امريكا، لدى العراق حكومة من حقها توقيع اتفاقيات مع الصين وروسيا وايران والهند والصومال وأوروبا الغربية في مجال التعاون الاقتصادي، لابأس ان تكون لدى العراق علاقات متكافئة مع امريكا،وجود امريكا بالعراق عامل مزعزع لاستقرار العراق، بسبب التدخلات الإسرائيلية والرشاوي السعودية والخليجية الطائفية ضد شيعة العراق،المحتل لاينسحب من خلال الخنوع والانبطاح،يراد خروج جماهير مليونية في مظاهرات تطالب في جلاء المحتل، ويجب تكريم كل القوى التي رفضت بقاء المحتل، وعلى عملاء المحتل يخرجون مع المحتل اسوة في خروج اقرانهم عشرات الاف الافغان مع القوات المحتلة، الذي لا يعجبه وجود عراق يشترك في حكمه الشيعي والكوردي والسني بطريقة تداول سلمي، عليه ان يغادر العراق للعيش في بلدان أخرى.

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

23/7/2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here