يطلقني العذاب نحو طريقي … للشاعر ــ الغجري ــ الهنغاري كاروّي باري

يطلقني العذاب نحو طريقي

للشاعر ــ الغجري ــ الهنغاري كاروّي باري

ترجمة ــ مهدي قاسم

كوخي المتداعي يدخّن قصب فقره المدقع

بجداره المائل نحو انهيار رشيق

و سقفا تمزقه مخالب رياح مستنفرة حنقا ،

أجدني متدليا من حبال العالم كشريد مستوحد

بتعب متحجر بين مدرجات عمودي الفقري .

يقودني عذابي نحو دروب غامضة ،

سائرا بين حقول تفحمت

من ضربات شمس متوحشة,

بينما أخطو عابرا أعماق وديان ترن بصمتها الموحش .

حتى أتمكن من قياس و ترميم ظلي النحيل

لجعل النجمة متألقة بين دفقة دمي وغزارة تعبي

لأحسب ضياع خطواتي المسروقة من سنواتي السادسة عشرة ،

مصحوبة بلعنات أمي الشتّامة سخطا ..

قمصان دمي المحترقة كلهيب جحيم

ترتديني ظلا غريبا يتأرجح بلا وجهة ،

لأرى منزلي متألقا من خلال بريق الماضي

فيدفعني إيماني المنحرف نحو أكثر العزلات فداحة .

مطرودا من فقري العريق إلى قلب العالم ،

يتعين عليّ الركض كتنين عبر الحدود السبع المدججة .

شاعرا في حلقي نبضات قلبي على وشك المغادرة فجأة ،

بينما بقايا الذكريات المهترئة تتصاعد متموجة

مثل سحاب دخان يزول متلاشيا خلف أفق مترنح ،

متفرسا في أسارير وجهي وهي تتجمد على مرايا طفولتي المغبشة ،

حيث يبني شعوري بالأسى خيمته المهلهلة بين تفاصيل أيامي النازفة.

يتحتم عليّ آنذاك العودة حزنا ،

مندفعا ، مجددا ، بذكرياتي البالية ،

نحو محطات مهجورة لبقايا ماضِ محترق .

………….

ملحوظة :

تعرفتُ على الشاعر كاروّي باري في مقر هيئة تحرير مجلة ” ناج فيلاغ ” الخاصة بالآداب الأجنبية المترجمة إلى اللغة الهنغارية ، ومنذ ذلك اليوم أصبحنا أصدقاء حميمين ، و بما أنني عرفتُ أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع دور النشر بصفته شاعرا معروفا و حائزا على جوائز تقديرية عدة ، فاقترحتُ عليه أن نعمل سوية مجلدا لأنطولوجيا الشعر العالمي المترجم إلى اللغة الهنغارية وطبعه في مجلد مستقل ، فرد مبتسما كعادته : لا بأس فكرة جيدة ، ولم يكلفنا ذلك جهدا استثنائيا أو كبيرا في حقيقة الأمر ، فكل ما فعلناه هو جمع قصائد مترجمة منشورة سابقا في نفس المجلة ، لجعلها على شكل مجلد ، وهكذا صدر المجلد بعد فترة من التهيئة والتحرير والإخراج تحت عنوان ” نقطة ” ! ، و قد احتوى المجلد بالنسبة للشعراء العرب على قصائد كل من بدر شاكر السياب ، عبدالوهاب البياتي ، نزار القباني ، نبيل ياسين ، مهدي قاسم ، ربما على قصائد شعراء عرب آخرين أيضا ، لا أتذكر الآن أسماءهم ، بالطبع ، إضافة إلى قصائد عشرات شعراء من الشرق و الغرب على حد سواء ، وقد اتفقنا على إصدار المجلد الثاني بعد الاهتمام الجيد الذي أثاره المجلد الأول ، على أن أقوم أنا باختيار وترجمة قصائد لشعراء عرب معاصرين ، ولكن مع الأسف أن إصابته بجلطة دماغية ، وما أعقبت ذلك ــ فيما بعد ــ فاجعة رحيله المبكر ، كل ذلك قد حال دون تحقيق مشروع المجلد الثاني ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here