الاستثمار الاناني للانتخابات المرتقبة يمزق العراقيين

الاستثمار الاناني للانتخابات المرتقبة يمزق العراقيين

هناك قسم من الشعب العراقي لم يكونوا مع النظام السابق. لكنهم ادركوا منذ ان وطأت اقدام جيش الغزو الامريكي بغداد بان الاحتلال لن يجلب للعراق الخير. لم يصدقوا منذ البداية بان جيش الاحتلال جاء لارساء الديمقراطية فيه. لذلك قاوموا الاحتلال بالقلم وبالسلاح وبالاعراض عن صناديق الانتخابات منذ بدايتها. تلك التي افرزت لنا منذ ذلك الوقت اقذر دستور في العالم اجمع. ثم عملقت اقذر شخصيات وحكومات وبرلمانات شعوبية ولائية لا تنتمي الى العراق الحضاري المتسامح الجامع.
تمكن الاحتلال منذ البداية من كسب رجال دين شيعة مؤثرين على طائفتهم. فأفتوا لهم بوجوب المصادقة على الدستور الطائفي الذي مزق العراقيين. وفضل بعضهم على بعض وفق الولاء الى امريكا اولا في حالة (الاكراد الانفصاليين). ثم الولاء لايران ثانيا في حالة (الشيعة الولائيين). لقد اهمل سواد الشعب العراقي من العرب والاكراد والتركمان مسلمين ومسيحيين وصابئة.
كان نظام الحكم منذ البداية اشبه ما يكون بنظام حكم القساوسة والملوك قبل الثورة الفرنسية. اذ كان قادة ذلك الحكم في القرون الوسطى باوربا يوزعون صكوك الغفران لشراء ضمائر الناس ويتحكمون على انهم ممثلي الله في الارض. سار نظام الحكم الطائفي الذي ارسى قواعده الاحتلال على نفس النهج وان إختلفت الوسائل.
فقادة بغداد حاولوا بدفع من امريكا وايران جعل العراق بلد المذهب الواحد. انهم يعتقدون كبني إسرائيل انهم خير امة اخرجت للناس. كما اعادوا الحكم الديني الذي يتناقض مع الاسلام الذي يرفض قيام دولة دينية. لقد افصحوا عبر روايات مفبركة بان مذهبهم خير مذهب وامتهم خير امة. لذلك سمحوا لانفسهم بالتعاون مع الصليبيين من جيش الاحتلال. باشاعة مذابح دموية استئصالية سبقتها تعذيب وحشي للوطنيين العراقيين. ثم تبعتها حرب طائفية في بداية عام 2006 تذكرنا بالحرب الطائفية بين الكاثوليك والبروتستانت او بين الكاثوليك والمسلمين واليهود في اوربا.
استمرت مهزلة الانتخابات التي لم تفرز لنا في كل مرة سوى تدوير واعادة رجالات الاحتلال الطائفيين التكفيريين. اولئك الذين دخلوا العراق وراء الدبابة الامريكية. ثم التحق بهذا الركب اللا وطني شعوبيي اهل السنة من الإخوان المسلمين والاعراب الاشد كفرا ونفاقا من الصحوات. دخول هذه التجمعات المشبوهة من اهل السنة لم تغير النهج الطائفي الاستئصالي للشيعة الولائيين. لقد اسس الدستور سئ الصيت كتل وتجمعات اعتمدت على تقسيم العراقيين وفق القوميات العرقية والمذاهب الدينية.
على الرغم من مرور حوالي 18 عام ونصف من الاحتلال البغيض فلا يزال رجالاته يهيمنون على المشهد السياسي رغم عمالتهم لامريكا وايران. رغم تعصبهم الطائفي. رغم فسادهم وسرقاتهم. رغم تزويرهم الانتخابات في كل مرة. رغم انتهاكاتهم المتكررة لاشعال الحروب بين العراقيين انفسهم لاهداف فئوية سياسية منذ الاحتلال وحتى هذه اللحظة
لم نجني من التجربة الجديدة في العراق سوى التخلف والفقر والظلم على جميع المستويات. فانتخابات العهد الملكي قبل حوالي قرن كانت اكثر شفافية ونزاهة من الانتخابات المزورة البدائية التي مرت طيلة السنين المنصرمة بعد الاحتلال الامريكي. قبل نصف قرن كان النسيج الاجتماعي نموذجيا بحيث لا نعرف السني من الشيعي ولا نعرف المسلم من المسيحي وكانت ثقافة المجتمع متسامحة منفتحة. اضافة الى الرخاء الاقتصادي بحيث كان سعر الدينار العراقي يساوي 3.34 دولار اضافة الى التطور العمراني والامان الاجتماعي. في حين نرى اليوم ثقافة المجتمع عادت القهقرى الى التعصب الطائفي والعشائري والعنصري والغي حب الوطن وضرب التخلف القطاعات الاقتصادية والمالية والعمرانية. باختصار شديد في الوقت الذي يتقدم العالم باسره وبسرعة نحو الازدهار والرفاه والتقدم نرى العراق هو الاخر يتقدم ايضا وبسرعة نحو التخلف والانحدار والرجعية.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here