حول دور ومكانة الخيانة العظمى في تفكيك الاتحاد السوفيتي. (بمناسبة الذكرى ال30 لتفكيك الاتحاد السوفيتي، 1991 – 2021). الحلقة الثانية

حول دور ومكانة الخيانة العظمى في تفكيك الاتحاد السوفيتي.
(بمناسبة الذكرى ال30 لتفكيك الاتحاد السوفيتي، 1991 –2021).
الحلقة الثانية :

تفكيك الاتحاد السوفيتي و معاهدة بيلوشوفسكايا بوشا

بقلم الدكتور نجم الدليمي

اولا..تقلد غورباتشوف مقاليد قيادة الحزب والدولة السوفيتية في اذار من عام 1985، وقد طرح ما يسمى بالبيرويسترويكا الغارباتشوفية (اعادة البناء) السيئة الصيت في شكلها ومضمونها، وهي قد مثلت مشروع الحكومة العالمية وبدعم واسناد من واشنطن ولندن وباريس وبون وتل أبيب بالدرجة الأولى، وتم طرح شعارات وهمية وكاذبة ومنها ::الديمقراطية وحقوق الإنسان والعلنية والتجديد والتطوير وديمقراطية اكثر، اشتراكية افضل وغيرها من الشعارات الاخرى، والتي لم تجلب للشعب السوفيتي الا الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي واشتداد النزعة القومية في جمهوريات اسيا الوسطى و جمهوريات البلطيق، وبهذه الشعارات الوهمية قد اوقف عملية التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بدليل تم ايقاف اكثر من نصف مصانع السكر والأدوية بحجة الاصلاح وخلق ازمة اقتصادية لهذه السلع الضرورية وغيرها في السوق السوفيتية وظهرت المضاربة بهذه السلع الغذائية والدوائية والسلع الاستهلاكية الاخرى من قبل قوى اقتصاد الظل المافيوي والطفيلي والاجرامي.
ثانياً… لقد اقدم الخائن والعميل الامبريالي غورباتشوف وفريقه المرتد على الغاء المادة 6من الدستور الاشتراكي السوفيتي والتي تنص على قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي للدولة والمجتمع السوفيتي، وهذه اول ضربة وجهت للحزب الشيوعي السوفيتي ((والدراويش صفقوا للعميل غورباتشوف….)) وتم استثمار ذلك من قبل خونة الشعب والفكر والحزب الشيوعي السوفيتي بهدف العمل على تفكيك الاتحاد السوفيتي سياسياً واقتصادياً وأمنيا وعسكريا….، لان الحزب تم ابعاده من قيادة الدولة والمجتمع واصبح ليس له اي تاثير في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والامنية….،
ثالثاً.. ان ما يسمى بالبيرويسترويكا الغارباتشوفية والاجراءات التي قد اتخذت في قيادة الخائن غورباتشوف وفريقه المرتد قد خلقت الارضية الخصبة لتفكيك الاتحاد السوفيتي وتصفية منجزات الاشتراكية العظمى في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية… ومهدت لقوى الثورة المضادة والمدعومة من قبل الغرب الامبريالي بزعامة الامبريالية الاميركية وحلفائها المتوحشين من ان يوغلوا في نهجهم الهدام الا وهو العمل على تفكيك الاتحاد السوفيتي، وهؤلاء هم من الطابور الخامس وعملاء النفوذ ومن الليبراليون والاصلاحيون المتوحشون والذين نشطوا تحت شعارات وهمية وكاذبة ومنها الديمقراطية وحقوق الإنسان….،
رابعاً.. لقد لعب العامل الخارجي دوراً كبيراً في تفكيك الاتحاد السوفيتي واصبح العامل الخارجي هو الموجه والمنظم للعامل الداخلي وهذه هي المفارقة الغريبة التي حدثت في ما يسمى بالبيرويسترويكا الغارباتشوفية، وبنفس الوقت ان الغرب الامبريالي بزعامة الامبريالية الاميركية قد لعبوا لعبتهم الخبيثة وهي الاعتماد على غورباتشوف وفريقه المرتد وبنفس الوقت دعموا الخائن والخمور باستمرار الا وهو بوريس يلتسين كخط موازي لعمل عميلهم غورباتشوف وياكوفلييف وشيفيرنادزة، وهذا العمل قد استند الى فكرة الا وهي احتمال الجنرالات السوفيت من الجيش وجهاز امن الدولة والاستخبارات العسكرية من الاطاحة بعميلهم غورباتشوف وفريقه عسكرياً، وعلى هذا الاساس وضعوا الاحتياط عبر عميلهم يلتسين وقدموا له الدعم المادي والمشورة….. ولكن لم يتحرك الجنرالات السوفيت ضد نهج غورباتشوف وفريقه المرتد وبهذا فهم خانوا الشعب السوفيتي والفكر والنظام والحزب الشيوعي السوفيتي، لانهم ادوا القسم بالحفاظ على النظام الاشتراكي والدولة السوفيتية…..، اين القسم الذي اديتموه؟ حتى الدلافين قد انتحرت عندما تم تركها بعد ماكانت تعمل لصالح الجيش السوفيتي بجمع المعلومات من البوارج والغواصات الاميركية وحلفائها وليس هناك فرق بين غورباتشوف ويلتسين، فهم معادين للنظام الاشتراكي، والسلطة السوفيتية والحزب الشيوعي السوفيتي…..
خامساً.. اتفاقية مينسك الخيانية
في 9\12\1991 عقد اجتماع بين الرئيس الروسي بوريس يلتسين مرشح المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي وفريقه المرتد والرئيس الاوكرايني ليونيد كرافجوك رئيس اوكرانيا وسكرتير الحزب الشيوعي الاوكرايني ومسؤول العمل الايديولوجي، قومي متطرف، معادي للحزب الشيوعي السوفيتي، جبان، وبين رئيس البرلمان البيلاروسي شوشكيفيج وقرر هؤلاء العملاء قراراً بتفكيك الاتحاد السوفيتي من دون الرجوع إلى الشعب السوفيتي، ضارببن عرض الحائط موقف الشعب السوفيتي في الاستفتاء الذي حدث في اذار من عام 1991والذي صوت الشعب السوفيتي بنسبة 77بالمئة لصالح بقاء دولة الاتحاد السوفيتي. وفي الاجتماع اتصل يلتسين المخمور بالرئيس الاميركي بوش الأب وابلغه بقرار اختفاء الاتحاد السوفيتي، وكان المترجم اندريه كوزوروف، الذي تم تعينه وزير الخارجية لروسيا، عميل طابور خامس، هرب والان يعيش في اميركا والمخمور بوريس يلتسين يخاطب الكونغرس الأميركي قائلا لقد تم القضاء على الشيوعية في الاتحاد السوفيتي،، الله يحفظ اميركا..
سادساً.. اسئلة مشروعة،؟
**هل كان غورباتشوف يعلم باجتماع مينسك؟ نقول نعم كان يعرف ويعلم بالاجتماع وهدف الاجتماع، فلو كان رئيس مبدئي وحريص على الشعب السوفيتي والدولة السوفيتية والنظام الاشتراكي السوفيتي كان بامكانه وهو رئيس شرعي للاتحاد السوفيتي ان يصدر امرا باعتقال هؤلاء الخونة يلتسين، كرافجوك، شوشكيفيج، وكذلك من كان معهم لانهم خرقوا الدستور السوفيتي، وهذه هي خيانة عظمى، ولكنه لم يتخذ اي اجراء ضد الخونة والعملاء المجتمعين في مينسك، لانهم يحققون نفس الهدف الذي وضع لهم ولغارباشوف وهو العمل على تفكيك الاتحاد السوفيتي، هل كان غورباتشوف شيوعيا؟ .
**اين دور مجلس السوفيت الاعلى (البرلمان) اين دور قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي؟ اين دور جهاز امن الدولة السوفيتية (كي. جي.بي) اين دور الجيش السوفيتي، اين دور نقابات العمال والفلاحين السوفيت؟……، نعتقد ان الغالبية العظمى منهم اصابهم الخوف والتردد والجبن، وقسما منهم تبين خونة الشعب والفكر والحزب الشيوعي السوفيتي والا ماذا يفسر ان رئيس جهاز امن الدولة في جمهورية بيلاروسيا قد علم باجتماع الخونة والعملاء يلتسين وكرافجوك وشوشكيفيج،ويتصل بمرجعه الاعلى في موسكو ولم يحصل على جواب او امر باعتقال هؤلاء الخونة والعملاء؟؟؟ هل ان جميع هؤلاء كانوا في سبات عميق، سبات اهل الكهف؟!؟
سابعاً.. ان من اخطر نتائج سياسة البيرويسترويكا الغارباتشوفية هي::تفكيك الاتحاد السوفيتي الى دويلات مستقلة، وتم بعد ذلك اشاعة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والخراب في كافة القطاعات، اختفاء اكبر حزب شيوعي يقود اكبر دولة عظمي، اختفاء حلف وارسو ومجلس التعاضد الاشتراكي، اختفاء الجزء الهام من المعسكر الاشتراكي والمتمثل بالاتحاد السوفيتي
اوربا الشرقية اليوم دخلت هذه الدول حلف الناتو، ويدور الحديث عن جورجيا واوكرانيا للدخول في حلف الناتو،ناهيك عن دخول جمهوريات البلطيق لحلف الناتو، وبالتالي اليوم روسيا الاتحادية مطوقة عملياً من قبل الناتو، اضافة الى ذلك بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي دخل العالم في فوض سياسية واقتصادية وعسكرية، وتم وضع سيناريوهات عديدة من قبل اميركا بهدف تقويض الانظمة الرافضة للنهج الاميركي والاستحواذ على ثروات شعوب العالم…..،
ثامناً… وجهة نظر::
بعض اهم عوامل تفكيك الاتحاد السوفيتي هي الاتي :؛
##عدم تطبيق ديكتاتورية البروليتاريا (سلطة الشعب الحقيقية) كشرط للبناء الاشتراكي والحفاظ على الاشتراكية بعد وفاة الرفيق ستالين، اي ان بداية تفكيك الاتحاد السوفيتي قد بدات منذ المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي بزعامة خروشوف الانتهازي والتحريفي واللامبدئي…… وان غورباتشوف قد اكمل الخطة، ولكن هناك فرق بين خروشوف والعميل غورباتشوف، ولكن النتيجة النهائية هي واحدة خيانة سواء كانت مقصودة او مخطط لها اوبغباء او بالجهل، فالنتيجة النهائية هي واحدة هي خيانة عظمى بحق الدولة السوفيتية، بحق النظام الاشتراكي، بحق الشعب السوفيتي…..
##تقديس النظرية الماركسية -اللينينية وعدم السماح في تطويرها وفق الظروف التي يعيشها الشعب السوفيتي…، وتألية قيادة الحزب، السكرتير العام اعضاء المكتب السياسي للحزب، اللجنة المركزية للحزب….، رافق ذلك ضعف تطبيق الديمقراطية داخل الحزب والمجتمع السوفيتي.
##تفشي الدروشة في الحزب الشيوعي السوفيتي وفي جميع هيئاته الحزبية، ناهيك من ان الحزب قد اعتمد على مبدأ الكمية وليس النوعية، بدليل وصل عدد اعضاء الحزب الشيوعي السوفيتي نحو 20 مليون عضو، ناهيك عن الكمسمول الشيوعي، نقابات العمال والفلاحين والطلبة والمرأة……، لم يتحركوا لانقاذ نظامهم ودولتهم وشعبهم من الخطر الداهم عليهم في حين يوم الانقلاب الحكومي عام 1991، اليوم الاول لم يتجاوز عدد المؤيدين الى بوريس يلتسين نحو الف متظاهر يقودهم اولاد العم وتم توزيع الاكل والفودكا، كاتب هذه السطور كان متواجد في الاحداث، اليوم الثالث للانقلاب الحكومي المدعوم من قبل اميركا وحلفائها لم يصل عدد المؤيدين الى بوريس يلتسين ما بين 5000-6000 شخص، في حين أن عدد اعضاء الحزب الشيوعي السوفيتي وصل نحو 20 مليون عضو؟!
##دور النخبة السياسية المتنفذة والفاسدة في الحزب الشيوعي السوفيتي فهم اما عملاء النفوذ او طابور خامس، او انتهازية بامتياز يبحثون عن مصالحهم الخاصة بهدف الحصول على موقع حزبي،موقع بالسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية والاعلامية…..، وهؤلاء جميعهم لن يؤمنوا لا بالحزب والا بالفكر….، وهم قادة وكوادر الحزب الحاكم ومنهم:: غورباتشوف، اعضاء المكتب السياسي للحزب ياكوفلييف وشيفيرنادزة ويلتسين وكرافجوك ودبرينبن وبريماكوف….، وارباتوف وغايدار وبوربولوس وبوبوف ويافلينسكي وجوبايس وسوبجاك وكوزروف،ونور سلطان نزربايف، وكريموف وبولسكي وغيرهم من اعضاء اللجنة المركزية للحزب وكوادره المتقدمة، وعليه يمكن القول ان الاختراق للحزب الشيوعي السوفيتي قد تم منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي وتعمق ذلك اكثر فاكثر في عهد العميل والخائن غورباتشوف وفريقه العلني-الخفي المرتد للفترة 1985-1991.
##دور العامل الخارجي والمتمثل بواشنطن و لندن وباريس وبون وتل ابيب والمؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين وتعاون الانظمة الرجعية مع حلفائهم، اميركا وبريطانيا….، ومهماً تم الحديث عن دور العامل الخارجي، فهو لن يكن حاسماً لو كان ((البيت)) محصن بشكل سليم، وهذا يدخل ضمن الصراع السياسي والاقتصادي والعسكري والايدولوجي…..، ان كلفة تفكيك الاتحاد السوفيتي بعض المصادر تؤكد نحو 80 مليار دولار، والبعض الآخر يؤكد اكثر من ترليون دولار،
##ينبغي ان نؤكد على حقيقة موضوعية وهي ان الاتحاد السوفيتي لم يواجه اي ازمة سياسية او اقتصادية او مالية ادت به للتفكك، كما يزعم خصوم الفكر والاتحاد السوفيتي، عكس ذلك فان النظام الامبريالي العالمي بزعامة الامبريالية الاميركية قد واجه اكثر من 250 ازمة عامة، ازمة مالية، ازمة اقتصادية، وهو نظام مازوم بنيويا وفشل في معالجة ازمته، الحقيقة تقال لدى اميركا وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جهاز قوي، الميزانية السنوية المعلنة تتجاوز ال30 مليار دولار، بدليل لو كان احد الرؤساء الاميركان لديه خطة بتفكيك اميركا لتمت تصفيته بسرعة البرق وتحت مبررات عديدة، اماجهاز امن الدولة السوفيتية (كي جي بي) كان يعرف كل شيء ويعرف المخطط الهدام لبلاده وخطة تفكيك الاتحاد السوفيتي، ويعرف من هو غورباتشوف وياكوفلييف وشيفيرنادزة ويلتسين…..، ولكن لم يتخذ اي اجراء لصالح بقاء دولته العظمى، الاتحاد السوفيتي.
واخيراً هل كان غورباتشوف شيوعيا؟ ؟ ؟
9\12\2020
**انظر..د.نجم الدليمي، دور قوي الثالوث العالمي في تفكيك الاتحاد السوفيتي، وثائق… ادلة وبراهين عمان، امجد للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، السنة، 2017.
يتبع

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here