ألا تجلسين قليلا، من قصائد نزار قباني

ألا تجلسين قليلا، من قصائد نزار قباني * د. رضا العطار

ألا تجلسين قليلا

ألا تجلسين قليلا ، ألا تجلسين ؟

فإن القضية اكبر منكِ ، واكبر مني ، ، كما تعلمين

وما كان بيني وبينكِ ، لم يك نقشا على وجه ماء

ولكنه كان شيئا كبيرا ، كبيرأ ، كهذي االسماء

وكيف بلحظة ضعفِ نريد اغتيال السماء ؟

ألا تجلسين لخمس دقائق اخرى ؟

ففي القلب شيء كثير ، وحزن كثير

وليس من السهل قتل العواطف في لحظات

والقاء حبكِ في سلة المهملات

فإن تراثا من الحب والشعر والحزن

والخبز والملح والتبغ والذكريات

يحاصرنا من جميع الجهات

فليتكِ تفتكرين قليلا بما تفعلين

فإن القضية اكبر منكِ ، واكبر مني

كما تعلمين

انا لا احاول رد القضاء

ولكنني اشعر الان ان التشنج ليس علاجا

لما نحن فيه ، وان الحماقة ليست طريق اليقين

وان الشؤون الصغيرة بيني وبينكِ

ليست تموت بتلك السهولة

وان المشاعر لا تتبدل مثل الثياب الجميلة

انا لا احاول تغيير رايكِ ، ان القرار قراركِ طبعا

ولكنني اشعر الان ، ان جذورك تمتد في القلب

ذات الشمال وذات اليمين

فكيف نفكُ حصار العصافير ؟

والبحر ، والصيف ، والياسمين ؟

وكيف نقص بثانيتين شريطا غزلناه في عشرات السنين ؟

سأسكُبُ كأسا لنفسي

وانت ؟ تذكرتُ انكِ لا تشربين

انا لست ضد رحيلكِ ، لكن

تذكرتُ ان السماء ملبدةٌ بالغيوم

واخشى عليك سقوط المطر

فماذا يضيركِ لو تجلسين لحين انقطاع المطر ؟

وماذا يضيركِ لو تضعين قليلا من الكحل فوق جفونكِ

انت تبكين كثيرا

وما زال وجهكِ – رغم اختلاط دموعك بالكحل – مثل القمر

انا لست ضد رحيلكِ ، لكن

لدي اقتراح بان نقرأ الان شيئا من الشعر

علً قليلا من الشعر ، يكسر هذا الضجر

تقولين انكِ لا تعجبين بشعري

وتحتضنين حروفي صباح مساء

واضحك من نزوات النساء

فليتكِ سيدتي تجلسين

فإن القضية اكبر منكِ ، واكبر منًي

كما تعلمين

أما زلتِ غضبى ؟ إذن سامِحيني

فانت حبيبة قلبي على كل حال

سأفرض اني تصرفت مثل جميع الرجال

ببعض الخشونة

وبعض الغرور

فهل ذاك يكفي لقطع جميع الجسور ؟

واحراق جميع الشجر

* مقتبس من ديوات الشاعر م 2 ص 799

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here