ان الله خلق الانسان ومنحه حرية الاختيار. فيمكن ان يصل الى مستويات رفيعة عند الله كالانبياء سيما رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. قد يصل ايضا الى مرتبة شريرة بحيث يكون اسوء من الشيطان نفسه. لقد وفر الله لنا العديد من الخيارات في هذه الدنيا في جميع المجالات العقائدية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. او تقدير خياراتنا الشخصية في تحديد الاولويات التي نبني فيها حياتنا ونسير الى اهدافها السامية.
يظهر ان مجتمعنا العربي الاسلامي في جميع البلدان قد ضاع في تفاصيل حياته اليومية التي تتعسر يوما بعد يوم. فبات لا يتمكن حتى التمييز من الحسن والاحسن او بين السيىء والاسوء. ان مصاعب الحياة قد افقدته البوصلة ولا يحسن الاختيار بين الاشياء. والتي قلّما تتوفر له في معظم الاوقات. المواطن العربي مشغول في المحافظة على امنه وآمن عائلته. وينبغي ان يوفر لهم الطعام الشراء الذي قد يقتنيه بصورة بالغة او لا يملك ثمن شراءه. فضلا عن توفير الملبس وتسجيل الاولاد للدراسة والمصارف المكلفة للتطبيب.
شعبنا جاهل في معرفة اسس الاسلام وضوابطه وقوانينه فيما يتعلق بالناحية الشخصية والجماعية والامة باجمعها. فثقافة نخبنا متغربة وبالتالي فهي مرفوضة من عموم الشعب. لكن المشكلة ان الشعب نفسه لا يوفر البديل المقبول. ضاعت نتيجة ذلك المعايير الاخلاقية التي كانت في متناول الاميين والجهلة حتى وقت قريب. لانهم ببساطة كانوا يعتبرون قيم الصدق والعدالة والتسامح والامانة النتيجة المنظورة لاقامة الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر.
فعلى النطاق الشخصي يعتبر العربي المسلم بان النظافة جزء من الايمان النظافة من الايمان وان الاقتصاد جزء من الايمان لا تبذر الماء ولو كنت على نهر جار. يرى بان هناك خدش كبير في شخصيته وايمانه اذا ما كذب وقال الزور ولم يؤدي الامانة. يرى بان اخراج الزكاة واعانة الفقراء فرض من الله عليه. ان احترامه لزوجته ومعاونة والديه ياجره الله عليها.
اما على النطاق الجماعي فيعلم بان الانانية محرمة اذ يقول رسول الله لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه. عليه ان يعين جاره في السراء والضراء وان لا يغش احد لان رسول الله يقول من غشنا فليس منا. وان يخلص في العمل لان رسول الله يقول رحم الله امرء عمل عملا فاتقنه.
اما على نطاق الامة او الدولة فهو يعلم بانه يجب ان يودي الامانة للحاكم فينصحه اذ يقول صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. وقال رسول الله ايضا خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. والاخلاص والتضحية من اجل الارض والوطن فقال رسول الله من اكبر الكبائر الفرار عند الزحف.
هناك اذن ضرورة قصوى لنا نحن العرب بضرورة اعادة البناء الاخلاقي لتعاملاتنا. يجب ان نقتنع بان من يؤطر ويراقب ويعين ما نريده هو الله. لانه الوحيد الذي يعلم سر الانسان وجهره ويعلم نياته وعمله. وهذا لن يكون متاحا ما لم نشرح للناس حقيقة هذا الدين في مجالات الايمان والعمل الصالح والتواضع والتسامح والمساواة والامانة والوفاء والاخلاص والعلم.
د. نصيف الجبوري
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط