الرؤساء الأيرانيون بين متشدد و معتدل

الرؤساء الأيرانيون بين متشدد و معتدل

بعد اندلاع الثورة الأيرانية و قيام الجمهورية الأسلامية تشكل جناحان في تلك الثورة الأول يميل الى الأعتدال و الحوار و الأتجاه نحو السلام و الأستقرار بعيدآ عن الحروب و عدم افتعال الأزمات و خلق المشاكل حسب ما يزعم ممثلي التيار الأصلاحي ( المعتدل ) اما الجناح الثاني او ما يسمى بالمتشدد فأنه يميل الى التطرف و العدوانية و يؤمن بتصدير الثورة الأسلامية عن طريق الحروب و افتعال المشاكل و القلاقل في البلدان المجاورة و اجبار شعوب تلك الدول على القبول بالنموذج الأيراني في الحكم و ان كان بقوة السلاح و العنف المفرط و بالأكراه و الأجبار و كان العراق في عيون التيارين ( المتشدد و المعتدل ) اللذين اطلقا التهديدات و الأستفزازات ضد الحكومة العراقية آنذاك و كانت من عوامل اندلاع الحرب العراقية الأيرانية و ان كان البادئ العملي في تلك الحرب هو النظام العراقي السابق .

في كل المواسم الأنتخابية الأيرانية يشتد التنافس بين المرشحين و يبرز التياران ( المتشدد و المعتدل ) أي ( صقور و حمائم ) و حينها تميل الكفة الى صالح المرشح الأقرب الى ( الولي الفقيه ) و الذي ينال رضاه و مباركته في منصب ( رئيس الجمهورية الأسلامية ) و اذا لم ( يحظى ) المرشح بذلك الرضا و القبول فأنه يتنحى جانبآ لصالح المرشح المنافس الأكثر حظآ و ( حظوة ) و بعد عدة دورات انتخابية و تناوب عدة رؤساء للجمهورية الأسلامية منهم المتشددين و منهم المعتدلين لكن لم يكن هناك من فرق واضح بين الجناحين و بالأخص فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للجمهرية الأسلامية بأتجاه بعض الدول و على الرغم من تعاقب الرؤساء و ( تنوعهم ) على سدة الرئاسة الا ان السياسة الأيرانية العدوانية تجاه دول المنطقة و التدخل الفظ في شؤونها الداخلية في تزايد مضطرد حتى صار من غير الممكن التفريق بين الرئيس الأصلاحي المعتدل من الرئيس المتطرف المتشدد.

لطالما عولت دول المنطقة و شعوبها القريبة جغرافيآ من ( ايران ) على المرشح المعتدل ( الأصلاحي ) عسى و لعل في ان تنعم هذه المنطقة المضطربة بالأمن و الأستقرار و من ثم النمو و الأزدهار الا ان تلك المراهنات سرعان ما تتلآشى و يكون الخسران و الخيبة من نصيبها بعد ان توحدت سياسات الرؤساء الأيرانيون ( المعتدلين و المتشددين ) و اتفاقهم الضمني على زعزعة الأمن في المنطقة فالرئيس الأصلاحي ( المعتدل ) المنتهي الولاية ( خاتمي ) كان عهده ( زاخرآ ) بالتدخلات العسكرية في اليمن و لبنان و العراق و دعم و اسناد الفصائل الموالية لأيران في تلك الدول حتى دخلت تلك الدول و شعوبها في حروب اهلية داخلية و كانت الفصائل التابعة لأيران هي من يقف وراء تلك الحروب و المشاكل و الأزمات .

يبدو ان هناك طرفآ ( ثالثآ ) يأخذ على عاتقه رسم سياسة ايران الخارجية بالنسبة الى دول الجوار الأيراني بعيدآ عن الرؤساء ان كانوا معتدلين او متشددين و هي المؤسسة العسكرية شبه النظامية ( الحرس الثوري الأيراني ) الذي ظل ثابتآ على السياسة التي انتهجها في التغلغل و السيطرة على تلك الدول من خلال الفصائل المسلحة التابعة له في تلك البلدان و في المقدمة منها ( حزب الله ) في لبنان و ( حركة انصار الله ) في اليمن و عدة فصائل مسلحة في العراق حينها أزداد النفوذ الأيراني في هذه الدول الى التدخل السافر في أختيار المسؤولين الرفيعي المناصب بما في ذلك رئاسة الجمهورية و الوزراء .

تكون الدول و التي تربطها علاقات مع ايران سلبية كانت ام ايجابية في ترقب و أهتمام في نتائج الأنتخابات و التي سوف يرشح عنها رئيسآ للجمهورية الأيرانية معتدلآ كان او متشددآ و حسب طبيعة العلاقة بين تلك الدول و ايران فتكون دولآ مثل ( امريكا و اوربا الغربية ) عادة ما ترحب بأنتخاب رئيسآ معتدلآ قادرآ على الحوار و التفاهم و يكون اكثر مرونة من الرئيس المتشدد و بالخصوص في المسائل البالغة الأهمية مثل البرنامج النووي او تطوير الصواريخ البعيدة المدى او قضايا حقوق الأنسان و من الممكن التوصل الى نتائج ايجابية و ان كان بالقدر غير الكافي لكنه يعزز من فرص السلام و الأستقرار في المنطقة و العالم .

اما بالنسبة الى ( العراق ) و كما يقال ( مربط الفرس ) فأن الأمر سيان ان كان الرئيس المنتخب اصلاحيآ معتدلآ او متشددآ متطرفآ فلم تكن السياسة الأيرانية في العراق و منذ سقوط النظام السابق لتختلف بأختلاف الرؤساء و بقيت على تلك الوتيرة من التدخل الفظ و السافر و العلني في الشؤون الداخلية للدولة العراقية ما يعزز القناعة و التصورفي ان السياسة الأيرانية في العراق ليست من صنع المؤسسات الرسمية الحكومية الأيرانية ممثلة برئاسة الجمهورية و وزارة الخارجية و غيرها من الدوائر الحكومية لكنها من ترتيب و تنسيق ( الحرس الثوري الأيراني ) حين كان ( المندوب السامي الأيراني ) الجنرال ( قاسم سليماني ) القائد البارز في الحرس الثوري الأيراني هو من ينصب رؤساء الوزارات العراقية و حين قتل الجنرال ( سليماني ) في الغارة الأمريكية خلفه الجنرال ( قاآني ) و الذي يزور العاصمة ( بغداد ) بأستمرار دون أذن او رخصة كلما دعت المصلحة الأيرانية ذلك و تبقى الأنتخابات الأيرانية شأنآ ايرانيآ داخليآ تهتم به دول العالم المستقلة و لا يهم العراق من قريب او بعيد طالما القرار العراقي في قبضة الجنرال ( قاآني ) .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here