رحيل ميسي من الرياضة الى السياسة!

دروس ومعاني كثيرة يمكن تسجيلها من رحيل اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي من نادي برشلونة الاسباني، مفضّلاً مصلحة النادي الذي لم يملك أي خيار سوى عدم تجديد عقده لأسباب مالية تتعلق بشكل أساسي على رهن النادي وما كان سيؤثر على حقوق ومصلحة النادي لل50 عاما المقبلة.

جمهور برشلونة وميسي أرادا التوقيع على عقد جديد، لكن الرواتب والنفقات المترتبة على تجديد العقد تمثل 110% في المئة من إلايرادات الحالية، وهو ما يعني أن النادي سينفق أكثر مما هو متوقع من موارد، وأن الخسائر المالية كانت ضعف المتوقع جراء تداعيات جائحة كورونا وما يشكل مخاطرة مالية وان مصلحة النادي أهم من أي شيء حتى أهم من أفضل لاعب في العالم.

ميسي انضم إلى برشلونة وعمره 13 عاما وهو هداف النادي عبر العصور، والأكثر مشاركة في المباريات وقد أحرز 672 هدفا في 778 مباراة بجميع المسابقات ومسيرته استمرت21عاماً مع برشلونة وهو الفائز بجائزة الكرة الذهبية كأحسن لاعب في العالم 6 مرات.

اعلان ميسي باكياً بحرقة رحيله عن ناديه “أنا وأسرتي كنا مقتنعين بأننا سنبقى هنا في منزلنا، هذه هي النهاية مع النادي وحانت بداية قصة أخرى، لكنها واحدة من أصعب اللحظات في حياتي”، وقد تفاعل معه عدد من لاعبي برشلونة وبكوا حزناً علي رحيل النجم التاريخي.

لوقلبنا الصورة السابقة من الرياضة الى السياسة التي لاتشهد مثل هذا الرحيل والوداع لأي مسؤول او رئيس في دولنا المبتلاة بالكثير من السياسيين الفاشلين الفاسدين الطامعين في تسجيل كل شئ باسمهم ولهم، ولا يسمحوا لاحد أن يشاركهم في النفوذ والسلطة التي لا يسلموها الا قاتلين او مقتولين.

مراسيم الرحيل والمغادرة من موقع الى آخر تؤكد ان التغيير سنة الحياة، وانه لو دامت لغيرك لما وصلت اليك، وهي غائبة ان لم تكن معدومة في بلادنا المبتلاة باوبئة كورونا وتوريث الحكم واستنساخ وتدوير الاشخاص المتفقين على الفساد والتسلط والمختلفين فقط بالاسماء والالقاب.

ميسي والرياضيون ينشرون الفرح والامل والتنافس الشريف ويتابعهم الصغير والكبير، رغم انه لا يدخل الى جيوبنا شئ سواء فاز برشلونة او خسر، لكننا خسرنا ونخسرالكثيرالكثير بسبب السياسيين الذين يخدعون الناس ويكررون ذات الوعود في الحملات الانتخابية، وكلهم ينادي ويدعو ويسعى للتغيير في البلد وعندما يصل الى الكرسي لا يتغير شئ.

اهتمام الناس ومتابعتهم لاخبار رحيل ميسي هي أكبر وأهم من متابعة واهتمام لرحيل اي سياسي او مسؤول، والذي يعجز او يتكاسل اللسان عن نطق “الله يرحمه” لو مات او رحل عن عالمنا المشتعل بازمات الكهرباء وشحة الماء وسوء الاحوال الصحية والامنية والتعليمية والبطالة والفقر وانعدام العدالة في كل شئ سوى كورونا والموت الذي يعدل بين الجميع.

عبدالستار رمضان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here