العراق والمنطقة والتجربة الافغانية

العراق والمنطقة والتجربة الافغانية

بقلم: عبد الخالق الفلاح

تحمل المؤشرات والدلالات الى مرحلة تؤسس لعهد جديد مضطرب في المنطقة من ترتيبات اقليمية ، ونرى محاولات ذات مخاضات مزمنة غير مكتملة لتشكيل تحالفات اقليمية جديدة بامتدادات باكستانية وافغانية بعد تمكين واشنطن لحركة طالبان في السيطرة على الجغرافيا الافغانية وحدودها مع دول الجوار لضرب عدة دول بحجارة واحدة عبر دول آسيا الوسطى وسوف تحتضن طالبان، القاعدة وداعش وتؤسس حركات ومجموعات اخرى، ولهذا أبقت الولايات المتحدة الامريكية العديد من قواتها في كابول( 2500+ 500) لحماية الامريكان فيها كما تبرر اينما وضعت البسطال الامريكي تجد الدمار والفوضى وسوف تعزز هذه القوات وتكون قيادتها للجنرال رشيد دوستم ومحمد انور لإعادة انتاجها، كما اعادة بريطانية انتشار قواتها هناك ..لبناء طوق صلب حول المنطقة لتحقيق توازنات بمفهومها الشامل وستبدأ بتحديد أفغانستان لصالحها، وتواجد القاعدة فيها سوف يدفع الى تواجد قوات امريكية وبريطانية بحجة محاربتها ونشر قواتها في شبه القارة الهندية بل سعيدان خلق القاعدة أو اي مسميات أخرى لتعمل كبوق عسكري لهما و يدعمان حكومة كابول ليذبح الأفغان بعضهم بعضا لأطول فترة زمنية ممكنة وهدفهم ايران التي أضحت دولة حقيقية عقلانية ذات مجال حيوي مهم والتي لابد من التعايش معها كقوة ضمن العودة الى الاتفاق النووي والتي لابد من بعد ان وضعت بيضها خارج السلة الامريكية من الن تعزز مكانتها الدولية وسوف تنجح بلاشك في سياساتها المقتدرة ولا تجامل احد وهي اجمل لغة الرياضيات السياسية في كواليسها ومعطياتها تتساوق مع المنطق.ان استخدام واشنطن لخطر الملف النووي الإيراني كفزاعة سابقاً والتي اتاحت بموجبها الفرصة لنشر قدراتها العسكرية في المنطقة وآخرها أفغانستان من خلال الدعم وفتح خطوط استخباراتية لتطويع تيارات مغلفة بالدين في القريب العاجل في ساحتها وهويتها ليست ببعيدة. ومن هنا بلاشك لا علاقة بين الأزمات التي يعاني منها كلا البلدين العراقي والافغاني، فلا حدود مشتركة بينهما، والفوارق الجغرافية والجيوسياسية والتركيبة الطائفية بينهما كبيرة، رغم ذلك لا يسع المراقب إلا أن يجد العديد من العناصر المشتركة بين البلدين الاخرى والتشابه الاول هو في ترك واشنطن البلد للفوضى،ولا يمكن تبرئته مما يجري في أفغانستان وما جرى فيها من أحداث ستنعكس بالتأكيد على الوضع الأمني والعسكري في العراق وسوريا وايران لا بل المنطقة بالكامل وهذا مما يزيد من أهمية تعزيز القوى الشعبية وتوطيد المحبة والابتعاد عن المهاترات السياسية التي أخذت تبرز في الساحة العراقية خلال هذه الايام والحذر،،،الحذر لتكون التجربة التالية تطبق في العراق رغم ،ان العراق بلد كبير شاسع ويختلف في الثقافة والامكانيات ولكن الاطماع تدور في خلجات واشنطن من اجل ابقاء العملية السياسة الهشة تراوح في مكانها حتى تتصيد الوقت المناسب في إضعاف البلد وتكون الكفة للذيولها والمتربصين معها، وهو ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، بمتوسط إنتاج نحو 4 ملايين برميل يومياً، ويعتمد على إيرادات النفط لتمويل ما يصل إلى 95 بالمئة من نفقات الدولة في حين ان افغانستان تفتقر الى موارد الطاقة ولكن يتشاركون في الأزمات و المعاناة منها و الانفلات الأمني. فنشهد ارتكاب جرائم قتل واغتيال ومواجهات بين مجموعات مختلفة متصارعة في العملية السياسية .

لقد عاش العـراق عقـود مـن المآسـي والفوضـى، َّ وهــو مــن بيــن أكثــر دول المنطقــة التــي يعانــي مــن التدخـلات الامريكية فــي َّ شـؤونه ، كمـا تسـتخدم أرض العـراق الواســعة فــي صراعــات النفــوذ السياســي والاقتصـادي والأيديولوجي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، بسـبب موقعها ً الجيوسياسي وكذلك هــو أيضــا مقصــد التنظيمــات ّ الايدويلوجيــة المســلحة علــى اختلاف أنواعها ومصادرها ومصارعها وأهدافهــا، فمنذ عقــود مريــرة، ً جسـد العـراق ظل ينـزف، لأسباب مختلفة في ظل النظام السابق و باســم التحرير والتغيير والديمقراطية ينحر اليوم في كل لحظة ، وفي كل الأحوال ليس هناك خاسر ســوى المواطــن العراقــي َّ الــذي يتطلــع إلــى وطــن آمن ومستقر ومستقل وكذلك الشعب الأفغاني الفقير في كل شيئ، ويبدو ان الولايات المتحدة أنفقت نحو تريليون دولار على مدار عشرين عاماً للسيطرة على أفغانستان ويبدو أنها قررت أن تصبح هذه النفقات مشكلة دول المنطقة، بل تفاوضت مع الحركة و وقعّت مها اتفاق سلام في الدوحة في 2020/2/21. بموجب هذا الاتفاق: وجوب انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في بداية شهر آيار من عام 2021، وبعد اعلن الرئيس الامريكي جو بايدن في 14 أبريل/ نيسان 2021 انسحاب قوات بلاده وقوات حلف الناتو من أفغانستان وبدأت صفحة جديدة في تاريخ البلاد الفوضوي والسؤال هل صحيح ان الولايات المتحدة لم يدرك صانعو القرار العسكري فيها أن طالبان يمكن أن يكون لديها القوة الكافية للإطاحة بالحكومة الوطنية في أفغانستان خلال هذه المدة القصيرة؟ وهناك المئات من التوجهات التي خططت لها الولايات المتحدة في موضوع طالبان في الاساس ، وأن الأحداث المتسارعة التي تشهدها أفغانستان في الايان الاخيرة و التي أعقبت تصريح القيادة الامريكية في الانسحاب كانت أشبه بكابوس بالنسبة للمجتمع الدولي وأصبحت حركة طالبان تسيطر على الحدود مع إيران وباكستان وطاجيكستان، بعد أن كانت مسيطرة على المناطق البعيدة عن المدن الرئيسية في بداية العام الجاري ، ويبدو ان التفكير الامريكي كان منذ البداية هي افغنة العراق ولكن فشلت تلك المساعي على الرغم من وجود الخلافات المذهبية والسياسية التي لعبت عليها بين الاطراف السياسية الحاكمة ، بما في ذلك ذات الطابع المذهبي الذي ركزت عليه ، وحقيقة، أن ابناء العراق أنفسهم ليس لديهم ثقة الآن في مستقبل تحت حراب القوات الامريكية وهم حذرون منها، وفي وجود اي خارجية ولا يمكن أن يفقد توحد الشعب بأكمله تحت ظل الحراب الخارجي وهم يسعون إلى عدم تفاقم الخلافات فيما بينهم و التي نشأت بعد دخول هذه القوات إلى البلاد و دولة أفغانستان هي واحدة من أقل الدول من حيث مستويات المعيشة،وهذه التجربة ( ما حدث في افغانستان ) يجب ان يتعلم منها كل انسان شريف و العراق لا يزال يملك احتياطيات نفطية غنية معززة بالارادة الشعبية للحفاظ على بلدهم من اي طارئ ودخيل، وأن الشعب الأمريكي يعتقد بأنه لم يحصل على قدر كاف من التفسير لطبيعة المهمة التي تحاول القوات الأمريكية تحقيقها في العراق، ولا يوجد امل على ما الذي يشكّـل عنصر النجاح في تحقيق تلك المهمة، وإن المحافظين الجدد استندوا في تأييدهم لغزو العراق على نظرتهم لمكانة أمريكا في عالم اليوم،التي ترتكز على انفرادها بزعامة العالم وقوتها العسكرية، ولكن الخسائر والأخطاء التي اقترنت بالتوجه العسكري إلى الحرب الاستباقية، أجبرت الإدارة الأمريكية على التراجع التكتيكي و يتساءل الأمريكيون، هل أسفرت الحرب عن توفير قدر أكبر من الأمان للأمريكيين، وهل تساوي الأرباح اذا وجدت كل تلك الخسائر المادية والبشرية؟ ولماذا وقعت الإدارة الأمريكية في تلك السلسلة الطويلة من الأخطاء ، رغم كل ذلك هذا لا يعني انها سوف تتخلى بسهولة عن العراق. ومن الضرورة وجود القوات المسلّحة العراقية والقوات الأمنية والحشد الشعبي القوي والمتماسك والايام حبلى بلياليها

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here