سياسي يبني ويعمر ويحلم ..وآخر يأكل المال العام يبدد الثروات ويَلهَم !

سياسي يبني ويعمر ويحلم ..وآخر يأكل المال العام يبدد الثروات ويَلهَم !

احمد الحاج

أردوغان وبصرف النظر عن حبك أو بغضك لشخصه اسوة بنظامه وفكره وطائفته وحزبه وعرقه ،فلسنا هاهنا بمعرض تقديس أو شيطنة الافكار والنظم والاشخاص التي درجنا عليها انطلاقا من فكرة ارضعونا اياها منذ نعومة اظافرنا ومنذ عهد الصغر خلاصتها” يا ابيض ، يا اسود …اما ملاك طاهر، واما شيطان رجيم ، ويفوتنا تماما بأن الله تعالى قد خلق الانسان ضعيفا على هذه الارض يتنازعه الخير من جهة والشر من جهة اخرى ، يتقاذفه طهر الاول – الملاك ، ودنس الثاني – الشيطان – ، وبناء على حرص الانسان على تفعيل وتفضيل وتغليب احدى الخصلتين على الاخرى يكون التقييم النهائي ، وتأسيسا على ذلك فأن البحث الدؤوب عن ملاك ارضي طاهر ماخلا الرسل والانبياء الاصفياء الانقياء ، خال من العيوب والاخطاء والاثام وكفى بالمرء نبلا ان تعد معايبه ، هو بحث لاجدوى منه البتة ، وما يصدق على الاشخاص هاهنا يصدق على الانظمة والنظم كذلك ” بقدر حرصنا على استعراض نماذج واقعية معاشة مستلهمة من تجارب الامم والشعوب والحكام للفائدة العامة ولتقليد تلكم التجارب النهضوية الواعدة والاستنساخ …اقول ان الرئيس التركي اردوغان طرح قبل ايام وبعد حرائق الغابات المروعة التي اتت على الاف الهكتارات نتيجة الاحتباس الحراري وتغير المناخ ستراتيجية ” الاقتصاد الاخضر ” الصديق للبيئة ، وتطبيقها عمليا من اللحظة من خلال مفهوم ” التنمية الرحيمة ” لمواجهة ” التنمية المتوحشة ” كل هذا الطرح الفلسفي -الاقتصادي – العملي العميق والكبير جدا والذي لايجيد منظرونا الحالمون المثرثرون الفارغون الافتراضيون ممن هم عن واقعهم الحقيقي المعاش منفصلون ، عن قواعدهنم الشعبية المظلومة بعيدون، في ابراجهم العاجية متقوقعون ، في غيهم سادرون ، في تنظيراتهم يشطحون – من طرح نظير نهضوي واقعي قابل للتطبيق ولو بعشر معشار ما طرحه اردوغان مجسدا بنماذج حية خلال افتتاح 26 مصنعا كبيرا دفعة واحدة وفي يوم واحد = اردوغان ولكي يطرح مفهوم الاقتصاد الاخضر والتنمية الرحيمة لمواجهة الاقتصاد الاغبر والتنمية المتوحشة الشريرة ولكي يقنع شعبه بها فضلا عن المستثمرين ورجال الاعمال ولكي لايكون كلامه نظريا على الورق فحسب وغير مفهوم للجميع ، ولكي لايكتفي الرجل بالخطب الرنانة والمواعظ الصاخبة والجعجعات الفارغة واصدار البيانات الباهتة من دون جدوى كما يفعل منظرونا المملون الى حد اللعنة كذلك ما يسمى بزعمائنا وقادتنا ورؤساء احزابنا وساستنا وجلهم ولا اقول كلهم لايصلح للزعامة ولا للقيادة ولا حتى للتنظير في مجال اختصاصه وتخصصه فقد قدم أردوغان انموذجا حيا بين يدي كلمته بهذا الشأن متمثلا بـ 26 مصنعا ليترجم عمليا ستراتيجيته الجديدة وليقول لشعبه ” هذا هو الانموذج الحي الذي نريده مستقبلا برهانا واقعيا ملموسا على ما اقول وانظر لنحافظ على نهضتنا ونظافة بيئتنا ونحسن مناخنا ونقوي اقتصادنا وعملتنا ونجنب بلادنا ويلات الفيضانات وحرائق غاباتنا ومزارعنا مستقبلا ” يعني مو بس يضرب فج ويصدر بيانات يعقد اجتماعات ويطلق تهديدات ويكتب تغريدات واي قبض ماكو ” ولكن يا ترى ماهي تكاليف كل هذه المصانع الـ 26 التي افتتحت في يوم واحد معبدة الطريق وممهدة لعهد جديد لاقتصاد أخضر وتنمية رحيمة بمواجهة اقتصاد أغبر وتنمية متوحشة والتي ستؤمن فرص عمل شريفة اـ 2000 عامل يعيلون على الاقل 10 الاف شخص على فرضية ان كل عائلة تتكون من خمسة افراد في المتوسط ؟ الجواب وببساطة هو ان تكاليف بناء 26 مصنعا ستقوم بتغطية الحاجة المحلية من الصناعات الوطنية وتصدير الفائض عن حاجة السوق المحلية الى الخارج المستهلك ما يدر على تركيا سيلا من العملة الصعبة بدلا من تسريبها خارج البلاد ، اضافة الى رفع اسم تركيا من خلال صناعاتها الوطنية النظيفة والصديقة للبيئة هذه المرة وتعزيز مكانتها بين الدول الصناعية المعتبرة هو ” 188 مليون دولار ” فقط لاغير ، بما يعادل ثلث أو ربع او نصف ما يسرقه اتفه – خماط – للمال العام في العراق لايفتأ يتحدث بالوطنيات والمذهبيات والقوميات والعشائريات والحزبيات والدينيات وكل خطبه لاتتعدى بمجملها حدود التغريدات والخطابات ولا تغادر اطار اللافتات والصور والشعارات المعلقة بمحيط البرك الاسنة والمستنقعات ، المرفوعة فوق اكوام الازبال والنفايات !
بالمقابل وفي نفس اليوم الذي افتتحت فيه كل هذه المشاريع التركية الجديدة مع اطلاق الستراتيجة الاقتصادية والصناعية الواعدة التي ستعتمدها تركيا في السنين المقبلة ( اقتصاد اخضر وتنمية رحيمة ..لمواجهة اقتصاد اغبر وتنمية متوحشة شريرة ) بـ 188 مليون دولار فقط لاغير مع ان العراق على سبيل المثال قد انفق على تأهيل الكهرباء لوحدها – ولم تؤهل ، ولن تؤهل – ما يوازي 80 مليار دولار منذ عام 2003 ومن دون جدوى ، اقول يحدث ذلك في نفس الوقت الذي هرب فيه اللص الافغاني المخضرم “رئيس افغانستان المخلوع أشرف غني، بـ 169 مليون دولار من خزينة الدولة ” بحسب تصريحات سفير افغانستان في طاجكستان ، من دون ان يبني هذا الرئيس الابليس وطيلة فترة توليه سدة الرئاسة مصنعا واحدا ، جامعة واحدة ، مستشفى واحدة ، سدا واحدا ، سكة حديد واحدة ، كما انه لم يستثمر اطنانا من الذهب والنحاس والحديد والزئبق والليثيوم وبقية المعادن النفيسة جدا والتي تضمها اراضي افغانستان وبملايين الاطنان بما يحقق لها نهضة أقتصادية وصناعية وتكنولوجية كبرى تتقاتل للحصول عليها حاليا كل الدول العظمى لكونها المعادن الاساس في تنمية التكنولجيا المستقبلية النظيفة -الصديقة للبيئة – وصناعة السيارات الكهربائية واجهزة الهاتف النقال والاجهزة الالكترونية الذكية ونحوها ” اتدرون لماذا ” لأن الاكتفاء بالتنظيرات والتغريدات والجعجعات والاجتماعات هي شأن الفارغين والعاطلين والفاسدين والمفسدين في كل مكان ” ولأن هذا اللاشريف واللااشرف قد جيء به عنوة على القطار الاميركي واجلس على الكرسي ولم يأت به الشعب ، لأن هذا الجشع اللا غني واللا مستغني عن المال العام وان – لفط – من هذا المال المليارات تلو المليارات اسوة باللصوص الذين لايشبعون ابدا لاسيما من مزدوجي الولاء والتبعية والانتماء والجنسية هو انموذج حي للمخلوق الذي لايصلح للحكم البتة وان سار المستحمرون والمخدرون والمنمومون مغناطيسيا خلفه ورقصوا بين يديه كالقرود ..بالملايين !
الخلاصة هي ان اي حاكم واية منظومة حكم لاتقدم ازدهارا ورخاءا حقيقيا وملموسا ومشاهدا لشعبها وعلى مختلف الصعد ” صناعيا ، زراعيا ، تجاريا ، ثقافيا ، علميا ، صحيا ، تربويا ، عسكريا ، جامعيا ، مدرسيا ، خدميا ، عمرانيا وووو” ولاتحلق به الى افق أرحب لتجعله رقما صعبا بين الدول والامم والشعوب فهذه وبكل صراحة منظومات حكم فاشلة جدا جدا لافرق في ذلك بين متدينين او علمانيين ، ليبراليين او راديكاليين ، ديمقراطيين او دكتاتوريين ، قوميين او اممين ، يساريين او يمينيين ..ابدا ومطلقا ” اذ ماذا يصنع الشعب بنظام علماني ديمقراطي يتغني ليلا ونهارا بالتقدم الغربي وبالحضارة الغربية فيما يعيش هذا الشعب وسط البرك الراكدة والمستنقعات الاسنة بظل المنبهرين بقوانين ونظم وصناعات الغرب الحديثة قولا ،الا انهم من المدنسين بمخالفات ونفايات وشرور وجرائم وأوبئة وثقافة واخلاقيات ومافيات قاعه المظلم وأمراض أزقته الخلفية النتنة فعليا ؟
بالمقابل ماذا يصنع الشعب بنظام حكم تيوقراطي يجعجع ليلا ونهارا بكفر الغرب وبفسقه وفجوره وتفسخه وظلمه وامبرياليته فيما الشعب لايأكل في ظل التيوقراطيين الا ما يزرعه وينتجه هذا الغرب ، لا يلبس الا ما يصنعه هذا الغرب ،لايشرب الا ما يصدره اليه هذا الغرب ، لايتداوى ولا يتلقح الا بدواء ولقاح من انتاج هذا الغرب ، لأن التيوقراطيين والعلمانيين الشر ..اوسطيين انفسهم بذلك لايرغبون ، بل قل لايريدون تأهيل المصانع الوطنية ولا تحسين الاقتصاد المحلي ولا مكافحة الفساد المالي والاداري والسياسي ولا حصر السلاح بيد الدولة ولا الكف عن التلاعب بالمال العام وبمقدرات البلدان والشعوب ، بما يحدث انفصاما نفسيا وفكريا واخلاقيا ووجدانيا ومجتمعيا لديها وشرخا واسعا بين كره غرب منبوذ في البيانات والخطابات والديباجات الرسمية فحسب يتوجب مواجهته والتصدي له من جهة ، وبين غرب معشوق ومتبوع ومحبوب كليا في الواقع يتوجب طاعته وتملقه ومحاورته ومهادنته.
وعلى الشعوب الحية ان تحث الخطى قدما لتصنع جديا وتواصل الليل بالنهار لصناعة جيل واعد على أمل أن يخرج من اصلابها وارحامها اصحاب غيرة على شعوبهم وامتهم ودينهم ، ان ينتجوا لنا قادة محنكين ومخلصين يحرصون كل الحرص على نهضة بلدانهم ، قادة افذاذ في شتى التخصصات والميادين والدروب بعيدا عن حمى الصراع واتون المعارك العبثية والحروب ، وان تكف هذه الشعوب – التنبل ابو رطبة – عن البحث غير المجدي بالمرة عن منقذين متخيلين موهومين ، لن يولد هذا المرغوب من رحم التنابل والبخلاء والجبناء والكسالى ولو طال انتظارهم له يوميا على قارعة الطرق من طلوع الفجر والى ما بعد الغروب ،الزعماء والقادة الحقيقيون في كل المجالات لن يأتوا من تنظيرات مغرد فاشوشي على تويتر ، ولا من بوستات تشبه المقبلات والوجبات السريعة تنشر تباعا على اي موقع ومدونة ومنصة وكروب ، لن يظهر من يقود هذه الأمة ويأخذ بيدها الى الخلاص من تحت الرماد أو من بين صفحات كتاب خطه مُنَظَِرُُ مهزوم بعنوان سلبي ومقدمة كئيبة وخاتمة اسوة بمضمون مُحبِط مأزوم،ولا من موقف رمادي قد يبدو للكثيرين معقدا كطلاسم وأحجيات ومنطق غير مفهوم ، ولا من مقالات كاتب انطوائي منسحب الى الداخل ، متقوقع على الذات، غير آبه بكل ما يجري من حوله يغرد خارج السرب من باب ” خالف تعرف ” يريد من كتاباته تلك تغيير واقع عبثي وفوضوي يعيش اهلوه ومحيطهم بالمقلوب ، ولا من محاضرات مفكر عبارة عن ظاهرة صوتية لاقيمة لها سواء اكانت على انستغرام أم على الفيس أو على ..اليوتيوب !اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here