لا قيمة لحياة دون عقيدة ومبدأ

لا قيمة لحياة دون عقيدة ومبدأ

خلق الله الكون بكل مكوناته من جماد ونبات وحيوان وانس وجن وملائكة. هناك الكثير من هذه المخلوقات اقوى من الانسان. لكن الله فضله وكرمه على الكثير من مخلوقاته وميزه عن غيره بان منحه الحرية في اختيار الاشياء وفعلها. لذلك فمن دخل الجنة فليحمد الله ومن دخل النار فيما فعل وصنع وقال من سوء فلا يلومن يوم القيامة الا نفسه.
علمنا التاريخ بان ثبات رسول الله على مبداه هو الذي خلده في الدنيا بحيث لا نجد اليوم مدينة مهمة في كل دول العالم الا وينادي المنادي فيها كل يوم خمس مرات اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله. كان ذلك ثمرة ثباته على عقيدته التوحيدية.
لقد جاء اشراف قريش من المشركين في اوائل الدعوة الى الاسلام. قدموا عروض مغرية الى عمه ابو طالب ليساوموه على مبدأه. فعرضوا لعمه ان كان محمد يريد السيادة سودناه علينا اي جعلنا سيدنا. ولو اراد المال جمعنا له حتى يكون اغنانا. على ان يترك دين التوحيد الذي ابطل وسفه الهتهم. نقل له عمه تلك المطالب قائلا له يابن اخي ان قومك عرضوا علي هذه المكاسب ليقدموها ويمنحوها لك فما انت قائل. هنا وقف بكل شموخ وقوة وفي تلك الظروف الصعبة قائلا له والله ياعم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى اهلك دونه.
لقد كان معرضا في كل لحظة للقتل والاهانة والتعذيب. اتهموه بالسحر والكهانة والجنون لكنه لم يتراجع قيد انملة. ثم عملوا ضده وال هاشم حصارا شاملا في شعب ابي طالب. فكان حصارا اقتصاديا قاسيا منع دخول الغداء اليهم. وحصارا اجتماعيا بمنع الزواج منهم. وتجاريا بمنع تبادل البضائع معهم.
ثم ارادوا لهذا الدين ان يكون عربيا خاصا كاليهودية والمسيحية التي جاءت لبني إسرائيل. لكن القران الكريم افشل هذه الرغبة العنصرية عندما قال تعالى له “وما ارسلناك الا رحمة للعالمين”. ارادوا ايضا ان يجعلوه دينا طبقيا يحابي الاغنياء والسادة لكن مسعاهم ففشل ايضا بدليل قوله تعالى عندما لام رسوله باهتمامه بالغني دون الفقير الاعمى “عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى. أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى. وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى”.
ان الثبات على المبادئ لا يخص المسلمين فقط. فقد راينا عبر التاريخ وفي عصرنا الحديث من له باع طويل في الامانة والثبات على المبادئ الوطنية والانسانية. كما هو الحال في جهاد غاندي لنيل استقلال الهند. ونضال جيفارا وكاسترو في امريكا اللاتينية. وصمود وانتصار موندلا في جنوب افريقيا.
لنبقى في الحديث عن الدنيا لان القول والعمل فيها هو الذي سيحدد مصير الانسان في الاخرة الابدية. فبعد تجاربنا الحياتية وتجارب جيلنا وما تعلمناه من التاريخ. وجدنا بان اصحاب المبادئ المرتكزة على العدل والصدق والتسامح قلة قليلة. لكنهم هم الفائزون سواء في حياتهم او بعد وفاتهم. الامثلة كثيرة كمحمد صلى الله عليه وسلم وعمر المختار وجيفارا وموندلا وغيرهم. كما ان هناك الكثير من المناضلين الذين لم يذكرهم التاريخ ولا يعلم بهم غير الله لانهم يعملون بصمت ولا يريدون جزاءا ولا شكورا.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here