رسالة بطل قصة لكاتبها : دعني أنطلق كنسر مجنّح !

بقلم مهدي قاسم
تحية .. و سلاما .. يا خالقي الكريم !,,
يا من أوجدتني خالقا مبدعا إياي من صميم نسيج خيالك الخصب و الزاخر المفعم !..
، حيث خلقتني مثلما أنا ، وكما أنا عليه من إيجابيات وسلبيات بين كثيرة و قليلة ..
فأنا أسوق كل هذه المقدمات التالية ــ التي هي ربما فائضة عن الحاجة بالنسبة لك ــ لأثبت لك احترام الأبن الطيب للأب الوقور و الرصين في كل الأحوال دون أن يعني ذلك رضائي الكامل أو قبولي المطلق بطبيعة معاملتك معي كنص تكتبه شطبا و تكثيفا تلخيصا ، ربما محاولا إرضاء البعض من أصدقائك الفيسبوكيين الذين يزعمون ليس عندهم وقت كثير لقراءة نص طويل !! .. حتى لوكان نصا جيدا و جميلا ..
لذا فأنا في الحقيقة أفكر أحيانا في أن اتمرد عليك ، معلنا عصياني الكامل ، و بتعبير أوضح وجلي فأنا أوشك أن اتمرد عليك تحديدا على وصاياك ومساطرك وقوالبك التي تحاول فرضها عليّ فرضا متعسفا و التي تضايقني جدا وتخنقني خنقا مميتا ..
وإذ كنتُ أقر واعترف بأنه أنت الذي ابدعتني وخلقتني من نسيج خيالك ،
فذلك لا يعني أن تفرض عليّ ّبما لا اريده او ارغب به أو آمن به من أمور و مسائل و قناعات رغم إرادتي ، بحجة حرصك على مصلحتي انسجاما مع متطلبات وسرعة إيقاع العصر ، مثلما يفكر كل أب عادة ، حسنا .. …
قد… تسأل ما هي الأمور التي فرضتها عليك ؟ ..
الواقع وهي كثيرة ولكن لعلها أهمها بالنسبة لي هو اختزالي انا كمخلوق فني وإبداعي جمالي ــ إلى أقصى حد من تكثيف شديد لحد أكاد أن أفقد وجودي و معناي ، ذلك الاختزال الشديد لأفكاري ورؤيتي و حجمي وطولا وعرضا ، بحيث تجعلني كائنا ،كأنما من صنف فستان ” ميني جوب ” ، كل ذلك ترضية و استجابة لرغبة بعض قراء ضجرين الذين قسم منهم لا يحب نصا طويلا – مثلا – و بالتالي تخشى انت أنهم سوف لا يقرأون أو بالأحرى لا يكملون قراءة ما تكتبه من نصوص طويلة ، و إذا كان الأمر هكذا فهو عين الخطأ و الخضوع ، فأنا اعتقد بأنه ينبغي ويتحتم على الكاتب أو الشاعر أن لا يتخلى عن قناعاته الفنية والفكرية و تصوراته الإبداعية ترضية لبعض القراء الضجرين :
إذ حسب تصوري فإن خمسين قارئا جيدا وصبورا من ذوي الذوق الرفيع والمميز الراقي أفضل بكثير من مائة و حتى من ألف ممن ينتقلون بقفزات جبارة وسريعة ، من هذا المنشور إلى النص الثاني فإلى الثالث ، كأنه في سباق ماراثوني ! ، فالقارئ الذي ليس له رغبة أو صبرا ليقرأ لك نصا معينا بحجة أنه يبدو له طويلا له بعض الشيء ، فلا تعوّل عليه قطعا في أنه سوف يقرأ لك كتابا أو رواية ، لأنها هي الأخرى ستبدو له طويلة جدا حتى لو كانت قصيرة جدا ! ..
بالله عليك فما حاجتك إلى قراء ينشدون التسلية فقط ؟ فبعضهم يريدون نصا بجملتين أو ثلاثا وعلى شكل تقاطع كلمات أو قصة بأربعة جُمل مبهمة ، ورواية بنصف صفحة !! ..
بحجة أن وقتهم قليل بينما هم يطوفون على البحر من وقت كثير وغزير لحد ضجر شديد ..
فهؤلاء ليسوا بقراء جديين يمكن التعويل عليهم في المسار الإبداعي الطويل ، بقدر ما ينشدون التسلية وتمضية الوقت بشكل من الأشكال …
فهل انت مقدم برنامج ما يطلبه المستمعون أم تاجر بضاعة بالجملة لتخضع لطلباتهم المزاجية ؟..
لذا .. …
فإذا كنتَ تعتبر نفسك كاتبا جديا الذي يسعى للمساهمة في خلق قيم جمالية نبيلة في مسيرة تغيير العالم نحو أفضل وأحسن ، فيجب عليك التركيز على النوعية المميزة من القراء الذين لا يهمهم طول النص إنما جودته الإبداعية فقط بغض النظر عن طوله أو قصره ..
فرجاء دعني أن أتطور وأنمو مزدهرا على هواي ..
بالله عليك : فلا تشذبني أو تقزّمني طولا وعرضا شطبا و حذفا و تضييقا ..
بحيث لا يبقى مني إلا أسطر شوهاء و حدباء قميئة ..
لترضي هذا أو ذاك من باحثين عن تسليات ونكات ..
وإلا فسوف أتمرد على قلمك لأعيش حياتي كما أريد وأشاء حسب قناعاتي و أفكاري وقيمي الجمالية ورؤيتي الكونية ..
وأنذر من حذر !……
فدعني أنطلق كنسر مجنح في سمت السماء ! ..
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here